قصة نجاح طالب سوري يتفوق في امتحان الشهادة المتوسطة بتركيا

27 يونيو 2019
بالجد والعزيمة وصل إلى منصة التتويج (الأناضول)
+ الخط -

دخل اسم الطالب السوري محمد خليل، هذا العام، ضمن قائمة 556 طالبا تركيا من أصل مليون متقدّم، كأول سوري يحصل على العلامة الكاملة في امتحان الشهادة المتوسطة "LGS" والوحيد في ولاية كلّس جنوبي تركيا.

ولم تحُل ظروف اللجوء والتنقل بين أكثر من ثلاث ولايات، بل وعدم إجادة اللغة التركية قبل سنتين، من وصول الطالب السوري إلى منصة التتويج بحصوله على 500 درجة من أصل 500، خلال نتائج امتحانات "اللي غي سي" التي أعلنت قبل أيام، ليبعث، بحسب المعلم السوري خالد الأسد، رسالة إلى السوريين والأتراك، مفادها أن العزيمة والإرادة توصلان إلى الهدف مهما اشتدت المحن، وأن السوريين في تركيا ليسوا عالة أو متسولين، بل منهم متفوقون يحصدون المراتب الأولى، سواء في المدارس أو الجامعات.

ويضيف المعلم السوري، لـ"العربي الجديد": "يوجد 500 طالب سوري في المدرسة التي أدرس فيها في إسطنبول، وهي من أواخر المدارس المؤقتة في تركيا والتي ستندمج مع المدارس التركية في العام المقبل، وثمة من حصل من طلابنا على 100 بالمائة خلال فحص اليوز، بل هناك الكثيرون الذين تجاوزوا ظروف اللغة والمجتمع الجديد، وأعتقد أن تميّزهم يظهر حينما يندمجون مع الأتراك، بل ويتفوقون عليهم، لأن طلابنا لديهم حافز الغربة والحاجة، وهما أهم أسباب التميز والنجاح.

بدوره، يشرح الطالب محمد خليل، خلال حديثه الخاص مع "العربي الجديد"، ظروف نجاحه قائلا: "أتيت مع أهلي من ريف حلب إلى تركيا عام 2013، ولم أكن أعلم أي شيء عن اللغة التركية أو المجتمع الجديد، وكانت إقامتنا الأولى في منطقة "بيراجيك" التابعة لولاية أورفا. حاولت خلال ذلك العام الانخراط في المجتمع التركي، فعملت لدى صائغ ذهب ومن ثم في محل لبيع الإكسسوارات، تعلّمت خلال تلك الفترة بعض عادات المجتمع والمفردات التركية. وبحكم عدم وجود مدارس في تلك المنطقة خسرت عاماً دراسياً. انتقلنا في العام التالي إلى "نيزب" بريف ولاية غازي عنتاب، ودرست في المدارس المؤقتة السورية بالصف الرابع، وبعدها انتقلنا إلى ولاية كلس، حيث توجد مدارس تركية، وكانت سياسة دمج السوريين في المدارس التركية قد بدأت، فبدأت عام 2015 من الصف الخامس مع الأتراك، وكانت علاماتي مقبولة ولم أكن متميزاً، بحكم اللغة والمنهج الجديديّن".

ويستذكر المتفوق السوري خليل كيف التقى الأستاذ التركي محمد أوجي في الصف السادس، الذي قدم له المساعدة والتشجيع، وأنه لم يشعر بالغربة أو أي تعامل عنصري، من طلاب ومعلمي مدرسة "محمد أولوغ جان" بكلس، التي أوصلته إلى منصة التتويج، وأهداه مدير مدرستها، جمعة علي جليك، دراجة هوائية.

ويروي الطالب السوري كيف سيطر عليه هاجس التفوق بشهادة "اللي غي سي" منذ الصف السابع، وكيف ساعده بعض المعلمين الأتراك ونصحوه بالخضوع لدورة لغة وتدريب على حل أسئلة شهادة "اللي غي سي"، لكنه لم يستمر سوى شهر واحد، ليعود إلى المنزل ويبدأ من خلال الكتب التي أعطاه إياها المعلمون الأتراك والبرنامج الذي اشترك فيه على الحاسوب، بالدراسة وحل النماذج والتحضير للامتحان.

وحول كيفية التفوق وتحصيل العلامة الكاملة خلال الشهادة المتوسطة، يضيف الطالب خليل: "وجدت صعوبة في البداية، خاصة من خلال حل نماذج الأسئلة عن الأعوام السابقة، لأن الامتحان يتطلب الفهم إلى جانب الحفظ، لكني مع الاستمرار والدراسة لنحو ثماني ساعات يومياً، بدأت علاماتي خلال الفحوصات التمهيدية ترتفع حتى وصلت إلى 450 من أصل 500. وبصراحة لم أكن أتوقع تحصيل كامل العلامة، لكن أسئلة الامتحان كانت أسهل من النماذج التي تدربت عليها، لأحقق هدفي وحلم أهلي وفخر مدرستي بي".

حصل الطالب السوري على العلامة كاملة (الأناضول)

ويختم الطالب السوري المتفوق قوله: "ليس في مخططاتي أن أدرس الطب أو الهندسة لاحقاً، الآن أتطلع للدراسة في مدارس المتفوقين، في إسطنبول أو أنقرة، وقد بدأت العروض من المدارس الخاصة تصلني للدراسة وبالمجان، وأنا في طور التفكير والاختيار.. حلمي أن أكون كأنشتاين، عالم فيزياء، وأتمنى أن تساعدني الظروف لأكمل تحصيلي العلمي العالي خارج تركيا".

والطالب محمد خليل ينحدر من ريف حلب شمالي غرب سورية، من الأب عبد القادر خليل، وهو مهندس معماري يعمل اليوم كمصمم لدى إحدى منشآت الموبيليا في ولاية كلس التركية، والأم فاديا خرفاني، وتعمل معلمة، وكانت قد درّست محمد خلال الصفين الأول والثاني الابتدائيين في سورية.

وتقول أم الطالب المتفوق، لـ"العربي الجديد": "أفتخر بما حققه ابني من بين 612 ألف طالب سوري يدرسون في تركيا، وكونه أول سوري يحصّل العلامة الكاملة في امتحان "اللي غي سي"، مؤكدة أن ما وصل إليه كان بمجهود فردي "وهذا لا يعني إنكار فضل كل من قدم لابني المساعدة".

وتلفت فاديا خرفاني إلى أن ابنها رفض الكورسات المدفوعة لسببين: الأول شعوره بتكليفنا ما يفوق إمكانياتنا المالية، والثاني عدم تضييع الوقت في الذهاب والإياب، إذ كان، وبعد تمكنه من اللغة وحصوله على المنهج واشتراكه في برنامج على الحاسوب وحله الاختيارات السابقة "دانمي"، يؤمن بأنه سيحقق نتائج عالية بمفرده.

وتشير إلى أن ابنها المتفوق ألغى عادة مشاهدة التلفاز والهاتف المحمول خلال الصف الثامن "عام الشهادة"، ووزّع وقته بحيث يدرس بين ثماني وعشر ساعات يومياً، وفعلاً أثمرت جهوده فكان حديث الإعلام التركي لأيام، على أنه أول سوري يحصّل العلامة الكاملة، وأنا ووالده فخوران جدا به.

يذكر أن تركيا ألغت، منذ عام 2017، امتحان (TEOG) وانتقلت منذ العام الماضي إلى طريقة امتحان (LGS) للصف الثامن، بهدف تفضيل الطلاب المتميزين والمتفوقين للدخول إلى الثانويات الأقوى على مستوى مدينة الطالب، إذ يتم اختيار الطلاب لأحد أفضل ثلاث أو خمس ثانويات متميزة "فن – سوسيال – إمام وخطيب" في مدينته، وذلك وفقاً لمعدله في هذا الامتحان على مستوى مدينته.

وينقسم الامتحان إلى قسمين: الأول النظري أو المواد الأدبية، ويشمل 20 سؤالاً في مادة اللغة التركية، 10 أسئلة في مادة الانقلاب ومادة أتاتورك، 10 أسئلة في مادة التربية الدينية والأخلاقية، 10 أسئلة في اللغة الأجنبية، ليكون المجموع 50 سؤالا، بمدة 75 دقيقة أي بمعدل دقيقة ونصف للسؤال.

أما القسم الثاني، العلمي فيشمل: 20 سؤالاً في مادة الرياضيات، 20 سؤالاً في مادة العلوم (علوم – فيزياء – كيمياء)، والمجموع 40 سؤالاً، مدة هذا القسم 80 دقيقة، أي بمعدل دقيقتين للسؤال.

المساهمون