عبوات "داعش" مصائد موت متخفية في المدن العراقية المحررة

07 مايو 2019
أجهزة تسمح باكتشاف الألغام وإبطالها (Getty)
+ الخط -
رغم مرور نحو عامين على تحرير آخر المدن العراقية من سيطرة "داعش"، إلا أن مخلفات التنظيم التي تركها بعد هزيمته على يد القوات العراقية ما زالت تقتل وتصيب العديد من العراقيين المدنيين بشكل مستمر ومتصاعد.

مخلفات التنظيم التحدي الأبرز في المناطق الشمالية والغربية من العراق، والعام الماضي 2018 سجل مقتل وإصابة أكثر من 200 عراقي جراء تلك المخلفات، بحسب مسؤول عراقي بارز في الحكومة ببغداد، قال إن المخلفات عبارة عن عبوات ناسفة أو ألغام وكلها محلية الصنع تركها التنظيم خلفه في الشوارع والساحات العامة، وحتى المباني السكنية والمناطق الزراعية مدفونة أو مموهة بأشكال عدة، عادة ما يكون ضحيتها المدنيون أو عمال البلدية والبناء والفلاحون في تلك المناطق.

وبحسب المسؤول ذاته، فإن أغلب ضحايا تلك المخلفات كانوا في نينوى وصلاح الدين وكركوك والأنبار، شمال وغرب العراق، بواقع 40 قتيلاً وأكثر من 160 جريحاً أغلبهم أصيبوا بإعاقات دائمة، بينهم أطفال مدارس تعرضوا لمخلفات حربية من بقايا ما تركه داعش خلفه.

مؤكداً في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن الجهات المختصة في البلاد تمكنت من رفع ألغام ومتفجرات من نحو 9 آلاف منزل وتطهير أكثر من ألفي شارع وعشرات آلاف الهكتارات الزراعية من مخلفات التنظيم، وإتلاف عدة أطنان من المتفجرات خلال العام الماضي، وما زال العمل جارياً على مناطق أخرى.

وخصصت الأمم المتحدة ودول تنخرط في الحرب على الإرهاب مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، مبالغ مالية للعراق تقدر بعشرات الملايين من الدولارات لرفع تلك المخلفات، إلا أن خبراء المتفجرات بوزارتي الداخلية والدفاع يقولون إن البلاد بحاجة إلى خمس سنوات على الأقل لتنظف نفسها من تركة داعش والحرب التي قادتها بغداد لطرده من المدن التي احتلها شمال وغرب البلاد.

المقدم ماهر الجبوري أحد ضباط فريق مكافحة المتفجرات في وزارة الداخلية العراقية، يؤكد أن "المخلفات التي تركها التنظيم تكتيك منه ليستمر الموت في العراق حتى بعد القضاء عليه".

ويضيف الجبوري الذي فقد اثنين من رفاقه خلال عملهم بمدن شمال العراق لرفع الألغام والعبوات الناسفة، أنهم فجروا بشكل مسيطر عليه هذا الشهر عشرات الألغام وفككوا عدداً قليلاً بالمقابل كون التفجير عن بعد أحفَظ لحياة أفراد فريقه وأقل خطراً من أن تنفجر العبوة أو اللغم خلال محاولة إبطاله.

ويوضح "ما زال الطريق طويلاً ونحتاج لجهود أكبر، لكن الأميركيين زودونا بأجهزة حديثة تسمح باكتشاف الألغام وإبطالها وهذا مهم وتقدم في عملنا الحالي".

أحمد الحيالي (61 عاماً) عسكري متقاعد، ومتطوع حالياً مع منظمة محلية تساعد في الكشف عن المتفجرات وتعمل بدعم من الأمم المتحدة يقول لـ"العربي الجديد"، إنه "ما زال هناك أطنان كثيرة من المخلفات الحربية والمتفجرات في الشوارع والأرصفة في 50 بالمائة من مساحة العراق".

ويضيف: "وجدنا أماكن لا نتوقع أنها تحوي متفجرات، خزانات ملابس ألعاب أطفال، محولة كهرباء بشارع، عمود إنارة، صخرة مزيفة داخلها متفجرات، ماكينة لبيع العصير وحتى كرسي مكتبي وجدنا فيه متفجرات وكأنهم يريدون قتل أكبر عدد ممكن، كما وجدنا صواريخ وقذائف من قوات التحالف والقوات العراقية غير منفجرة أيضاً".

ويتابع "العمل خطير جداً ورغم ذلك تمكنا من تفكيك مئات المتفجرات من مئات المنازل والدوائر الحكومية، ولكن لا يزال هناك الكثير بين الأنقاض وفي المناطق الزراعية مثلاً أو الدوائر والمؤسسات المتضررة التي لم يتم تأهيلها حتى الآن وهذه كلها تشكل خطراً مستمراً على حياة الناس".

 

وما زاد الأمر تعقيداً الطريقة التي استخدمها تنظيم داعش في تفخيخ المدن التي كان يسيطر عليها والتي لم تكن معروفة من قبل كما يقول الخبير الأمني في محافظة الأنبار، غربي العراق، رياض الجميلي، مبيناً أنّ "مشكلة المخلفات الحربية والألغام في المدن المحررة ستظل تلاحق المدنيين وتشكل خطراً على حياتهم بسبب الطرق الخبيثة والمعقدة التي استخدمها تنظيم داعش في التفخيخ، مثل تفخيخ مصابيح الإنارة ومكيفات الهواء والأثاث المنزلي والأرضيات والجدران وأسقف المنازل وأعمدة الكهرباء والأرصفة والطرقات".

 

وكشف الجميلي أن "المخلفات الحربية المتفجرة أغلبها عبارة عن عبوات ناسفة جاهزة للتفجير في أي لحظة بمجرد تحريكها وغالباً ما تكون مخفية بعناية ويصعب كشفها إلا بأجهزة متطورة جداً وهو ما لا يتوفر حالياً لدى العراق".

 ​