وبعد أن كانت الاعتصامات وحرق العجلات المطاطية وقطع الطرقات في البلديات الأسلوب الأبرز في الاحتجاجات الاجتماعية في الجزائر، انتقل الجزائريون إلى طريقة احتجاج جديدة، وهي بناء جدار إسمنتي باستخدام الآجر الرمادي في مداخل المقار الحكومية، خصوصاً البلديات لمنع أي شخص من الدخول، وهي الطريقة التي شهدتها بلديات خنشلة وباتنة وسكيكدة احتجاجاً على المسؤولين.
وتغيرت طرق الاحتجاج في الجزائر، وباتت تصنع الحدث، إذ أقدم عشرات المواطنين في عدة بلديات على تشييد جدران عند أبواب ومداخل البلدية تعبيراً منهم عن الاستياء والغضب والحنق من المسؤولين فيها.
وكانت منحة رمضان السبب الأول الذي دفع سكان بلدية بني والبان، في ولاية سكيكدة أقصى الشرق الجزائري إلى بناء مدخل البلدية بالآجر والإسمنت ومنع المنتخبين المحليين من الولوج إليها، تعبيراً عن استيائهم من تهميش عشرات المواطنين وحرمانهم من الاستفادة من منحة شهر رمضان والمقدرة بـ 6 آلاف دينار جزائري (40 دولاراً أميركياً) والتي كان يفترض أن تصب في حسابات المعنيين من الأسر الفقيرة والمعوزة واليتامى والأرامل، غير أن بعض هؤلاء لم يستفيدوا منها رغم تلقيهم وعوداً بذلك، غير أنها ظلت وعوداً كاذبة وهو ما أغضب المواطنين.
يضاف إلى ذلك احتجاج المواطنين على تأخر نشر قوائم المستفيدين من قائمة السكن الريفي، إذ دفعت القائمة إلى غليان شديد منذ ثلاثة أيام. واحتجّ غاضبون من سكان بلدية مليلي بولاية بسكرة شرق الجزائر، بعد نشر قائمة السكن الريفي وانتظار توزيعها على المستفدين منذ أزيد من سنتين، وسط مماطلة السلطات المحلية في البلدية بشأن توزيع تسوية وضعية العقار الفلاحي، ما دفع بالمحتجين إلى صب غضبهم بتشييد جدار إسمنتي وغلق باب البلدية نهائيا.
وأقدم شباب غاضب في بلدية بئر العاتر في ولاية تبسة قرب الحدود الجزائرية التونسية على غلق مدخل البلدية بالإسمنت، خلال احتجاجات اجتماعية ضد المسؤولين المحليين. كذلك أقدم سكان بلدية الضلعة بولاية المسيلة على استقدام الآجر الأبيض وغلق مدخل البلدية به احتجاجاً على سوء التسيير. وبنى محتجون في قرية آث أرقام بولاية تيزي وزو بمنطقة القبائل شرق الجزائر جداراً إسمنتياً بمدخل البلدية، مطالبين برحيل رئيس البلدية المنتخب بعد أن تعطلت العديد من الوعود في تنمية البلدية مثل تسوية الطرق المهترئة وتهيئة قنوات صرف المياه.
ومع الحراك الشعبي بات الجزائريون يبحثون عن حركات احتجاجية لافتة، لكن الكثير من المتابعين لا يعتبرون الظاهرة حالة صحية، معتبرين أنها سلوك يؤدي إلى الفوضى ويعطل سير المرفق العام وقضاء حاجيات المواطنين.
واعتبر الباحث في مجال علم الاجتماع وليد حدو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هذه الخطوة صغيرة والهدف واحد، التعبير عن الغضب والدفع بالمنتخبين المحليين لإيجاد حلول عاجلة لمشاكلهم المرتبطة أساساً بالتنمية وتعبيد الطرق وتحسين الخدمات في المؤسسات العمومية، لكنه يحذر من أنها سلوك يؤشر على التحول إلى حالٍ من الانفلات والفوضى.