يضيق الخناق على النازحين العالقين في مخيم الركبان في المنطقة المنزوعة السلاح بين سورية والأردن، الذي حوّله نظام الأسد إلى معتقل كبير محروم من كافة سبل الحياة، ولا يزال ينتهج سياسة "الجوع أو الركوع" لإفراغه وإرغام من فيه على القبول بشروط تسوية مجحفة.
الأوضاع الإنسانية تتدهور باستمرار في مخيم الركبان، هذا ما يؤكده عضو تنسيقية تدمر خالد الحمصي، قائلاً لـ"العربي الجديد": "النازحون في المخيم وصلوا إلى أقصى درجات التحمل، والجوع سلاح فتاك مواجهته ليست بالأمر السهل، وخاصة أن المخيم يقع في الصحراء، شهدنا تطبيق النظام للحصار والتجويع في مناطق عديدة بسورية، لكن هذه المناطق امتلكت ربما مساحات من الأراضي الزراعية، ومنتجاتها كانت تعطي القوة لمقاومة الجوع، أما في الركبان فالصحراء تطوق النازحين من كل الجهات، والموارد شحيحة جداً، والنازحون ليس لديهم حتى القدرة على شراء حاجاتهم الأساسية من الغذاء في الوقت الحالي".
ويتابع الحمصي: "في كل مرة تهدد المجاعة النازحين في الركبان ترسل الأمم المتحدة قافلة مساعدات إنسانية، وهي بمثابة حقنة مخدرة تثبط ألمهم، هذا ليس حلاً، وعلى المجتمع الدولي إيجاد حل دائم وتخليص النازحين مما هم فيه".
ويعتبر نائب رئيس هيئة العلاقات العامة والسياسية في مخيم الركبان، شكري الشهاب، أن ناقوس الخطر يدق في مخيم الركبان، وكتب عبر "فيسبوك": "إصابة أكثر من 30 بالمائة من أطفال المخيم بمرض الإسهال والإقياء، وذلك لدى الأطفال ما بين ستة أشهر والسنة ونصف، ونعزو ذلك لعدم وجود مادة الحليب، وإن الغذاء الذي يقدم للأطفال غير صحي وغير مناسب لأعمارهم. مع العلم أنه لا يوجد أدوية بالمخيم بسبب حصار نظام الأسد للمخيم، ما يزيد الحالة سوءاً ويجعلنا ندق ناقوس الخطر ونعلن المخيم منطقة منكوبة صحياً".
رئيس مكتب الإعلام في مخيم الركبان محمود الهميلي، يقول لـ"العربي الجديد" معقباً على تحذيرات الأمم المتحدة من خطر مجاعة تهدد نازحيه: "لقد تأخروا كثيراً".
وعند سؤاله عن كيفية صبر النازحين وتحملهم الجوع في الوقت الحالي، يجيب الهميلي: "قدر لنا أن توجد بعض المواشي في المنطقة، وفي الحقيقة كثير ممن يقيمون في المخيم يعتمدون على منتجاتها للحفاظ على حياتهم، وهناك أناس طعامهم الوحيد اللبن المخلوط بالماء والخبز فقط، فالوضع سيئ للغاية".
ويوضح أن "من ليس لديه ابن معتقل في سجون النظام تعرّض هو نفسه للاعتقال عاماً أو عامين، ورأى الموت بعينيه، والأهالي هنا شهدوا ما حلّ بمن غادر مخيم الركبان، فالنظام احتجز قسماً منهم، وتسربت معلومات أن كل الموقوفين في المدارس سيحالون لأفرع الأمن، وهناك من يفضل الموت في المخيم على الاعتقال والتعذيب".
وخلال مؤتمر صحافي عقد أول من أمس الخميس، قالت كبيرة مستشاري الشؤون الإنسانية لمبعوث الأمم المتحدة الخاص بسورية، نجاة رشدي: "إن المعاناة بسبب الجوع تحدث بالفعل في مخيم الركبان للنازحين جنوب شرق سورية"، مردفة أن "الأمم المتحدة تواصل الدعوة إلى إرسال قافلة إنسانية ثالثة، واستمرار وصول الطعام والوقود إلى الركبان عبر الطرق التجارية، إذ ما زال 29 ألف شخص موجودين في الركبان".
وتابعت: "سيستغرق الأمر بعض الوقت. إنها مسألة رياضيات بسيطة. هؤلاء الأشخاص يريدون المغادرة - مغادرة المخيم نهائياً، وإذْ لم يحصلوا على أي مساعدة إنسانية ولم تصلهم أي قافلة منذ فبراير/ شباط الماضي، يعني أن المجاعة بدأت بالفعل".