أعلن وزير التعليم التونسي، حاتم بن سالم، عن خطة وطنية لفائدة التلاميذ ذوي القدرات العالية، بداية من الموسم الدراسي المقبل، وجاء إعلانه خلال ندوة وطنية حول "المرافقة لذوي القدرات العالية: الواقع والآفاق"، نظمتها الوزارة أمس الإثنين.
ودعا بن سالم إلى تضافر الجهود وإشراك جميع المتدخلين في الشأن التربوي بما في ذلك المجتمع المدني، من أجل ضبط آليات لتشخيص التلاميذ ذوي القدرات العالية أو النوابغ بصفة مبكرة، فضلاً عن ضبط إطار تشريعي أو ترتيبي يمكن للوزارة أن توفر لهم من خلاله فرصة استثنائية لإظهار قدراتهم واستغلالها لفائدة البلاد. وقال بن سالم، إن "عدد هؤلاء لم يتحدد بعد بدقة، لكنه قد يصل إلى المئات".
وقالت المكلفة بالإدماج المدرسي والفئات الهشة بوزارة التربية، إلهام بربورة، لـ"العربي الجديد"، إنه توجد حالياً بوزارة التربية مراجعة للنصوص القانونية من أجل العمل على تطويع وتعديل الآليات الموجودة بحسب ما هو معمول به على المستوى العالمي والمتعلقة بكيفية التعامل مع التلاميذ ذوي القدرات العالية، إذ يمكنهم الالتحاق قبل ست سنوات بالسنة أولى من التعليم الابتدائي وهو إجراء غير معمول به حالياً.
وأوضحت بربورة أنّ القانون التوجيهي للتربية يتطلب مراجعة قانونية بكيفية تسمح بالأخذ بعين الاعتبار فئة النوابغ، مبينة أنّ هناك آليات أخرى للتعهد، مثل التسريع بالترفيع من مستوى إلى آخر أو التجميع، أي أن يدرس الطفل سنتين في سنة واحدة، مشيرة إلى أنه حصل نقاش حول تجارب المقارنة مثل التجربة العراقية التي خيرت وضع النوابغ في مدارس خاصة بهم وهي تجربة رغم إيجابياتها لها سلبيات خاصة أن عديد الأطفال تم تسفيرهم إلى أميركا في مدارس خاصة هناك وهي التي استفادت من نبوغهم.
وأشارت إلى أنّ الأفضل هو دمج هؤلاء النوابغ في مدارس عادية وتعزيز قدرات الأولياء في اكتشاف قدرات أبنائهم، وعلى مستوى وزارة المرأة يجب أن ينطلق الاهتمام بالنوابغ من رياض الأطفال، مبينة أنه لا توجد للأسف في تونس إحصائيات أو معطيات دقيقة عن ذوي القدرات العالية ويتم التفطن للبعض منهم عن طريق الصدفة، إذ إنه من 2013 إلى غاية اليوم تحصل 8 تونسيين على البكالوريا في سن 14 عاماً.
وأفادت المتحدثة أنّ العديد من النوابغ عانوا من المنظومة التربوية التونسية وبعضهم عاش صعوبات لأنهم أذكياء إلى درجة أن البرنامج الدراسي سهل للغاية وأقل من طاقتهم فيضجرون ويشوشون ويصبحون عدوانيين أحيانا، مبينة أن بعض المعلمين يجهلون أن التلميذ يتمتع بذكاء خارق وتحصل في بعض الحالات قطيعة بين المعلم والتلميذ وهناك حتى من ينقطع عن التعليم وقد يصل البعض إلى حد الانتحار في حالة غياب الإمكانيات والإحاطة.
وبينت أن التلاميذ الذين تميزوا ونجحوا في مسارهم هم أولئك الذين تمكن أولياؤهم من تدريبهم في مدارس فرنسية سواء بتونس أم بالخارج، وبالتالي فقد حان الوقت أن تحيط تونس بذوي القدرات العالية وتستفيد من قدراتهم بدل أن تستفيد منهم دول أخرى، داعية إلى تضافر جميع الجهود من أجل إنقاذ هذه الفئة من الأطفال واستغلال قدراتها العالية.
وقال رئيس جمعية أولياء التلاميذ، رضا زهروني، لـ"العربي الجديد"، إنّ على وزارة التربية أن تحصي أولاً هذه الفئة من التلاميذ وتحدد توزيعهم الجغرافي، مبيناً أنّ التلاميذ ينقسمون إلى عدة أصناف ومثلما يوجد النوابغ، فإن هناك أيضاً فئة أخرى يجب الاهتمام بها وهي الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم.
وأفاد بأن التلاميذ النوابغ هم تلاميذ غير عاديين وإن لم يتم وضع الإمكانيات لتتطور فإنها تتلاشى وأحياناً يوجد نوابغ في كل المواد وهناك موهوبون في مادة معينة كالرياضيات أو الأدب أو الهندسة أو الموسيقى، وبالتالي لابد من التعرف على نوعية المادة التي يتفوق فيها التلميذ وأن يكون الإطار التربوي لتحديد الموهبة، مشيراً إلى أن المجتمع المدني أيضاً يمكنه أن يعاضد الجهود الرسمية ليستفيد المجتمع ككل من هذه المواهب ولكي يتم توجيههم إلى الاختصاصات المطلوبة.