تونس: عمال العقود المؤقتة يهددون بالتصعيد في ظل تجاهل الحكومة

23 ابريل 2019
موجة غضب بسبب تراجع الحكومة عن وعودها (العربي الجديد)
+ الخط -

يعيش عمال الحضائر التونسيون (عمال بوظائف مؤقتة أو عقود محددة المدة) من مختلف محافظات البلاد، موجة غضب بسبب تراجع الحكومة عن وعودها وعدم تطبيقها الاتفاقيات المبرمة، مؤكدين أن غلاء المعيشة والأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعيشونها وراء تصعيدهم، إذ سينفذون وقفة احتجاجية غدا الأربعاء بساحة الحكومة بالقصبة، إلى جانب الاعتصام وشروعهم في وضع الخيام في عدد من المحافظات.

وقال عضو مجمع التنسيقيات الجهوية لعمال الحضائر، محمد العكرمي لـ"العربي الجديد"، إنّ الغضب والاحتقان سببهما عدم تطبيق محضر جلسة 28 ديسمبر/كانون الأول 2018 والذي يتضمن العديد من البنود، من أهمها تمتيع من بلغوا سن الستين بأجرة للعائلات المعوزة والعلاج المجاني، وقد تم تحديد تاريخ 31 مارس/آذار الماضي لتسوية وضعيات عمال الحضائر، إلى جانب الخروج الطوعي لهم من منظومة الحضائر وحصولهم بموجب ذلك على مبلغ قدره حوالي 14 ألف دينار أي نحو 4 آلاف دولار.

وأوضح العكرمي أن الحكومة أخلفت وعودها، كما أن الإجراءات التي اتخذتها منقوصة ولا ترتقي إلى الاتفاقيات الموقعة، إذ حصلت بعض الاجتهادات للترسيم على مستوى البلديات ولكنها استثنت عمال الحضائر، وبالتالي ظلت الحلول ترقيعية لا ترتقي إلى التسوية النهائية بحسب تعهدات الحكومة، مبينا أنه بعد العديد من الاتفاقيات ومحضر الجلسة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل حصل الالتفاف على الملف، الأمر الذي ولّد احتقانا تبعته اعتصامات واحتجاجات، ومنها الاعتصام الحالي بالعديد من الجهات تحت شعار "حقنا في الحياة".

وبيّن المتحدث أنّ التحرك الوطني سيكون، اليوم الثلاثاء، بالقصبة (مقر الحكومة) وسيعقبه اعتصام مفتوح، إلى جانب تحركات بكافة الجهات، مبينا أن راتبهم كان من 2011 إلى 2016 في حدود 236 دينارا، أي نحو 108 دولارات شهريا، ثم في 2016 أصبح 352 دينارا، أي 117 دولارا، وأخيرا 372 دينارا، أي نحو 124 دولارا شهريا، وقد ساهم تردي القدرة الشرائية في تأزم ظروفهم المعيشية، ما دفع بالعديد من الفئات من عمال الحضائر إلى رفض إنجاب أطفال لأن راتب كل منهم ضعيف وبالكاد يسد الرمق، كما أن آخرين حرموا من الزواج والعلاج كبقية المواطنين، مضيفا أن الرسائل السلبية من الحكومة دفعت بالبعض منهم إلى الهجرة غير الشرعية وبالتالي الموت في عرض البحر وإلى مزيد من التوتر النفسي والضغط وأحيانا إلى الانتحار.

وأشار إلى انتهاء مدة الهدنة، وإلى أنّ محاربتهم في قوتهم لن تترك لهم أي مجال لمزيد من التفاوض، لافتا إلى أن عددهم يناهز الـ47 ألف عامل موزعين على 14 وزارة و27 ألف عامل تابعين لوزارة الفلاحة. وتُنتظَر مغادرة 2300 عامل في إطار المغادرة الطوعية، مبينا أنّ أغلب العاملين يمرون بظروف قاسية، خاصة أن القانون الجائر يحرمهم من الترسيم في الوظيفة العمومية، وهو القانون عدد 32 مؤرخ في 28 فبراير/شباط 2002 كما يحرمهم من المناظرات.

وأكدت نجمة مقيز، من سيدي مخلوف بمدنين، وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، أنها تعمل حسب آلية الحضائر منذ 2011 وهي التي تنفق على أسرتها بعد وفاة والدها، مضيفة في تصريح لـ"العربي الجديد" أنها تشتغل في بلدية سيدي مخلوف قسم الشؤون الإدارية، إذ إنها كانت تنتظر طيلة هذه الأعوام انتدابها سواء ضمن قانون تفعيل 2 بالمائة لانتداب ذوي الاحتياجات الخاصة في المؤسسات العمومية أو الترسيم على مستوى البلدية بحكم أنها بلدية محدثة، مشيرة إلى أنّ اتفاق 31 مارس 2019 الخاص بعمال الحضائر ينص على الانتهاء من التدقيق في ملفاتهم وتسوية وضعياتهم ولكن لا جديد رغم محضر الاتفاق، وهو ما دفعهم إلى خوض إضراب مفتوح سيستمر إلى نهاية شهر إبريل/نيسان الجاري.

وبينت المتحدثة أنها صاحبة وضعية اجتماعية صعبة، وقد تقدمت بعدد من المراسلات إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لأخذ وضعها في الاعتبار، لكن دون جدوى.



وأصدر مجمع التنسيقيات الجهوية لعمال الحضائر، بيانا جاء فيه، أنّ قضيتهم عادلة وأن الصمت الحكومي لن يزيدهم إلا تمسكا بمطلبهم المتمثل في التسوية العادلة لملفهم، وبالتالي القضاء نهائيا على كل أشكال العمل الهشّ، بحسب ما أقره دستور البلاد وقوانينها المُنظمة.

وأضاف البيان، أن سياسة المُماطلة ونكث الاتفاقات والعهود التي تتعلق بملفهم، هي من بين الدلائل المتعددة على حالة الارتباك والعجز عن تقديم الحلول التي تعيشها هذه الحكومة، وأنهم متمسكون بحقهم في الاحتجاج والتظاهر السلميين، وعزمهم على القيام بخطوات تصعيدية أخرى متتالية، محملين الحكومة المسؤولية كاملة عن الاحتقان الذي تسببت فيه.