والدة أحمد زهران كانت الوحيدة التي جلست على كرسي وسط الاعتصام الذي أقيم على دوار المنارة وسط مدينة رام الله بسبب تقدمها في السن، توجه رسالتها إلى كل من يستطيع تقديم أي شيء لتحقيق مطلب ابنها بتحديد موعد للإفراج عنه، وتقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "محكمة الاحتلال التي لم تقرر في الاستئناف المقدم ضد تثبيت تجديد اعتقاله الإداري لمدة أربعة أشهر، تلعب بأعصابنا وأعصاب أحمد".
برفقة طفليها وطفلتيها، حضرت أم عمر زهران من قريتها دير أبو مشعل إلى دوار المنارة تحمل صور زوجها أحمد زهران، وتتخوف من استمرار تدهور وضعه الصحي وتناشد كل من يستطيع التدخل لإنقاذه.
تقول أم عمر لـ"العربي الجديد"، إنّ كل ما يدور في المنزل من حديث بين العائلة والأبناء هو الإضراب عن الطعام، وتشير إلى أن أبناءها لا يتوقفون عن السؤال: "متى سينهي والدنا الإضراب؟ متى سيعود إلى المنزل؟"، وتؤكد أنّ وضعه الصحي آخذ بالتدهور، فهو يعاني من وجع في معدته وهزال، وإغماءات، ودوار، وهبوط كبير في وزنه.
مماطلة من محاكم الاحتلال، هو ما يحصل مع أحمد، كما يؤكد شقيقه عادل زهران لـ"العربي الجديد"، فالمحكمة تعطي نيابة الاحتلال العسكرية مزيداً من الوقت، فيما تُرفَض طلبات الزيارة له، المقدمة من الصليب الأحمر الدولي وهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية.
وكان أول موعد لمحكمة زهران للنظر في الاستئناف المقدم هو الـ19 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، لكنها لم تعقد لإمهال النيابة لتقديم بينتها، وحين عقدت الجلسة في الـ23 من الشهر الجاري، أُجِّل بتّ القضية لإعطاء مزيد من الوقت لنيابة الاحتلال، ثم عقدت في الـ25 من الشهر ذاته، ولم يحضرها زهران بسبب وضعه الصحي المتردي، لتقول النيابة إنها لم تستطع التحقيق معه لوضعه الصحي، فيما تنتظر المحكمة رد النيابة.
وتؤكد مسؤولة الإعلام في نادي الأسير أماني سراحنة لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال من خلال إجراءات محاكمته يحاول الالتفاف على كل إضرابه، عبر تحويل ملفه إلى قضية تقدم فيها لائحة اتهام ضده بعد كل هذه المدة من الإضراب للمرة الثانية ضد الاعتقال الإداري، إذ أضرب عن الطعام سابقاً لمدة 39 يوماً، وحصل على وعد بتحديد موعد للإفراج عنه، لكن الوعد لم ينفذ، ليعود للإضراب مرة أخرى.
وتقول سراحنة إنها ليست المرة الأولى التي تُحوَّل خلالها ملفات المعتقلين من ملف الاعتقال الإداري بلا تهمة إلى قضية ولائحة اتهام، وبالتالي حكم جديد بالسجن، لكن الخطورة في أن يصبح ذلك توجهاً، فضلاً عن التلاعب بمصير زهران الصحي الخطير، إذ لا تراعي المحكمة كل معطيات وضعه الصحي، بل يُكرَّس دور المحاكم في الانتقام من المعتقلين الإداريين المضربين عبر السماح للنيابة العامة الإسرائيلية بأخذ الوقت الذي تريد قبل الرد على القضايا.
وقفة زهران وسط رام الله تحولت إلى مسيرة جابت شوارع المدينة تهتف له وللأسرى الآخرين، إذ حضر عدد من أهالي الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، كذوي الأسيرة ميس أبو غوش والأسيرة بشرى الطويل، وعميد الأسرى نائل البرغوثي وغيرهم الكثير، فيما حضرت صمود كراجة زوجة الأسير جميل عنكوش، الذي بدأ منذ خمسة أيام إضراباً إسنادياً في سجون الاحتلال مع زهران.
وتقول صمود كراجة لـ"العربي الجديد"، إن الرسالة التي أوصلها جميل إليها وإلى عائلته، تفيد بأنه مستمر مع أحمد زهران حتى النهاية، "أنا وزوجي وشقيقي الأسير في سجون الاحتلال مع أحمد".
ويواصل الأسير زهران (42 سنة)، إضرابه ضد الاعتقال الإداري لليوم الـ99 على التوالي، وقد شرع بالإضراب عن الطعام بعد نكث الاحتلال لوعده بإنهاء اعتقاله الإداري والإفراج عنه.