مبادرة في عين الحلوة للحد من البطالة

29 ديسمبر 2019
تحملوا المسؤولية (العربي الجديد)
+ الخط -
لا جديد في القول إن الفلسطينيين في مخيمات لبنان يعانون ضائقة اقتصادية ويشكون من وضع معيشي صعب. وباتت الأسر الفلسطينية بغالبيتها من دون دخل مادي يحمي أفرادها. الأزمة الاقتصادية ليست وليدة الساعة، بل هي نتيجة تراكمات. وكان لقرار وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان المتعلق باشتراط حيازة للفلسطينيين إجازة عمل تأثير في مفاقمة الأزمة.

وتكثر المبادرات في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، وغيرها من المناطق اللبنانية. بعض هذه المبادرات تقدم طعاماً جاهزاً، فيما تقدم غيرها الملابس والمؤن الغذائية أو البطانيات والمدافئ لحماية الناس من برد الشتاء. لكن في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، أطلقت مبادرة شبابية مختلفة، تهدف إلى إيجاد فرص عمل للعديد من الشبان الذين يريدون تأمين معيشتهم ولقمة لأولادهم.

المبادرة كانت عبارة عن طلاء وتزيين جدران المخيم، حتى يستفيد أكبر عدد من الفلسطينيين من فرص عمل. وعمل أكثر من خمسين شاباً في هذا المشروع على شكل مداورة، أي أن كل شاب يعمل ثلاثة أيام في الأسبوع، ويتقاضى 20 دولاراً في المقابل.




في هذا السياق، يقول إبراهيم ميعاري، وهو منسق ورشة العمل ومدير مركز معا للشباب والطفولة، وهو من سكان مخيم عين الحلوة: "مركز معا متخصص بتدريب التلاميذ المتسربين من المدرسة، لحمايتهم من الشارع. كما يتدربون على مهن حرة قبل الانخراط في سوق العمل". يضيف أن المشروع مشترك بين مؤسسة أنيرا ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ونعمل في هذا المشروع منذ أربع سنوات.

يتابع ميعاري: "نقوم بمبادرات عديدة في المخيم، لكننا اليوم نعمل على طلاء الجدران. وأشركنا في المشروع الشبان الذين كانوا قد تعلموا الطلاء في مؤسستنا، إذ إن حصولهم على أجر يساهم في تحسين أوضاعهم الاقتصادية. حالياً، يعمل في إطار هذه المبادرة ما يقارب الثمانين شاباً".



أما أبو حسن شرف، وهو مقيم في مخيم المية ومية، شرق مدينة صيدا، فيقول: "انضممت إلى الشبان للعمل في مخيم عين الحلوة، لأنني لم أعد أستطيع العمل خارج المخيم، أي في مدينة صيدا وجوارها بسبب الأوضاع الحالية وقرار وزير العمل الذي قضى بضرورة الاستحصال على إجازة عمل. في السابق، كنت أعمل متعهداً للطلاء، واليوم صرت بلا عمل، إلى أن أتيحت لي فرصة العمل اليوم ضمن هذه المبادرة ثلاثة أيام في الأسبوع، ليتسنى لغيري العمل ولو بأجر زهيد. المهم أن نستطيع الحصول على لقمة عيشنا، وأقله تأمين الخبز لعائلاتنا".

أما الشاب صالح، فيقول: "كنت أعمل دهاناً. لكنني منذ مدة طويلة لم يعد باستطاعتي العمل في مهنتي بسبب قلة فرص العمل والمضاربات بالأسعار والتضييق عند حواجز المخيم. كما كان لقرار وزير العمل تأثير كبير على العديد من الفلسطينيين، وصار الوضع الاقتصادي والمعيشي صعباً للغاية. لذلك، أعمل اليوم في مجال الدهان في إطار هذه المبادرة، ولو لثلاثة أيام في الأسبوع. لكنها تسد بعضاً من احتياجاتي وعائلتي، وتتيح إيجاد فرص عمل لي وللشبان حتى لا يذهبوا إلى المكان الخطأ، ولا يستغلهم البعض في أمور مشبوهة بحجة الحياة الاقتصادية الصعبة، وعدم إيجاد فرص عمل. وهناك نحو 80 شخصاً يعملون ضمن هذا المشروع".




في النهاية، أدت المبادرة إلى مشهدين جميلين: الأول هو تزيين جدران المخيم وإيجاد فرص عمل للشبان الذين يحتاجون كل يوم إلى عمل. صحيح أن العمل يكون مداورة بين الشبان في عدد من الأيام، لكن الفكرة هي إتاحة الفرصة لأكبر عدد منهم لتقاضي أجر ولو زهيد لتأمين حاجات عائلاتهم وأولادهم. الأطفال عادة لا يستطيعون تقدير الظروف التي يعيشها أهلهم. قد يتغاضون عن أمور عديدة، لكن الجوع صعب.



عاطلون من العمل
تتجاوز نسبة البطالة في مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب لبنان) أكثر من 70 في المائة، بحسب إحصاءات غير رسمية صادرة عن مؤسسات المجتمع المدني الأهلي الفلسطيني في المخيم. وتشير اللجان الشعبية إلى أنها تفوق الـ 75 في المائة أحياناً. ويقدر عدد سكان المخيم ما بين 65 إلى 70 ألف لاجئ وفق إحصاءات غير رسمية.
المساهمون