يعدّ اللقلق الأبيض من الطيور الوافرة والمنتظمة في كل الممرات الربيعية والخريفية في لبنان. لكن مروره عبر البلاد يحدث بشكل رئيسي في الربيع فوق السهول الساحلية، بدءاً من أوائل مارس/ آذار وحتى أواخر يونيو/ حزيران. وسُجّل مرور 10000 طائر في 9 إبريل/ نيسان فوق دلهون في سلسلة جبال لبنان الغربية، كما في وادي البقاع، خصوصاً في الخريف بدءاً من أوائل أغسطس/ آب وحتى أواخر أكتوبر/ تشرين الأول. وتظهر أكبر الرفوف عدداً عادة بعد فترات من الرياح الخماسينية الساخنة.
وهناك عدد قليل جداً من هذه اللقالق التي تبقى في لبنان خلال أشهر يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز وأوائل أغسطس/ آب من دون أن تفرخ. يتعرض هذا النوع للخطر أثناء مرور مجموعاته من خلال إطلاق النار الكثيف عليه من أسلحة متنوعة كبنادق الصيد والمدافع الرشاشة، ما يؤدي في النهاية إلى إبادة جميع أفراد الرف.
أما الأخطار الأخرى، فتتمثل بتفتت موائله التي يرتاح أو ينام فيها أو يأكل منها، نتيجة تصريف الأراضي الرطبة، وإقامة السدود المانعة للفيضانات في السهول التي تشكل موئلاً هامة لهذا النوع من الطيور. وتعاني اللقالق أيضاً من التسمم بسبب التلوث في الأراضي الرطبة بالمبيدات الحشرية والمواد السامة الأخرى أو الحادة في مقالب القمامة. ومن أجل الحفاظ على هذا النوع من الطيور، أدرج الأمر في الملحق واحد للإرشاد الأوروبي للطيور، وفي الملحق الثاني لاتفاقية برن، والملحق الثاني أيضاً من اتفاقية الأنواع المهاجرة، واتفاقية "أيوا" التابعة لها.
هذا النوع لا يتكاثر في لبنان مع العلم أن بعض الطيور حاولت البقاء للتفريخ، لكن إطلاق النار المستمر حال دون استكمال محاولاتها. لذلك، هناك حاجة للحد من القتل غير القانوني للطيور في لبنان (من خلال تطبيق القانون وزيادة الوعي والتعليم) لإتاحة الفرصة لأنواع مختلفة للتكاثر، بما في ذلك اللقلق الأبيض. معظم مناطق غذائه في لبنان تتعرض للإزعاج المستمر، وبالتالي، هناك حاجة إلى إعادة البيئات إلى ما كانت عليه قبل تدهورها من خلال الحفاظ على الفيضانات الدورية للمروج، وخلق فسيفساء من الأراضي العشبية والمروج الأصلية، وحفر الخنادق والبرك الضحلة. وهنا، لا بد من ذكر المخاطر والتهديدات الأخرى مثل الصعق بالكهرباء ومعالجة هذا الخطر عن طريق دفن خطوط الكهرباء أو استبدالها بكابلات تحتوي على أنظمة حامية من التكهرب. أيضاً، نشير إلى أن الاصطدام بالحواجز يعتبر أيضاً من المخاطر التي يجب معالجتها والتخطيط لإضعاف أثرها، لا سيما تلك الناتجة من الاصطدام بتوربينات مراوح الهواء المتوقع عملها في القريب في شمال عكار.
وهناك خطر آخر يرتبط باعتقاد الصيادين أن صيد اللقالق هو جزء من الثقافة اللبنانية، وأن صدورها من أفضل اللحوم لاعداد الكبة. قلة فقط من اللبنانيين ما زالوا، بسبب تعليمهم، يرغبون في إخبار أطفالهم بأن اللقلق هو المسؤول عن جلب الأطفال إلى هذه الدنيا. وخلافاً لمعظم أنواع الطيور، فإن اللقلق هو نوع صامت أو شبه صامت. فالجهاز الصوتي في اللقلق غير ناضج جداً ولا يمكن الطائر من إصدار الأصوات. لذلك، فإن التواصل بين اللقالق أثناء موسم التفريخ يتم عن طريق إحداث طقطقات تصدر عن مناقيرها وتسمع من مسافة بعيدة. ولا بد من الإشارة إلى أنه نظراً لعادة هذا النوع في التغوط على ساقيه لتنظيم درجة حرارة جسمه عندما يكون الجو حاراً، فمن غير المستحسن تزويدها بحلقات الساق لأغراض التتبع، ذلك لأن حمض اليوريك الجاف يتراكم على الساقين ويشتد صلابة حول حلقات الساق متسبباً لها بجروح وتقرحات. لذلك، يُنصح باستخدام وسائل أخرى لمراقبة التحركات والهجرة مثل استخدام علب البث عن بعد عبر الأقمار الصناعية أو وضع أختام على الجناحين. وتعد هذه الطيورمفيدة للبيئة وهي صديقة الفلاح إذ تخلصه من فئران الحقل والأفاعي والحشرات الضارة والسامة والمؤذية.
*متخصص في علم الطيور البرية