تصاعد الغضب والاحتقان في تطاوين أقصى الجنوب التونسي

25 ديسمبر 2019
جرت احتجاجات الكامور في ربيع العام 2017 (Getty)
+ الخط -


تصاعدت وتيرة الاحتقان والغضب في محافظة تطاوين، جنوب تونس، في ظل استمرار اعتصام شباب منطقة "الكامور" البترولية منذ أسبوع داخل مقر المحافظة التي توقفت عن العمل، مطالبين بإقالة المحافظ عادل الورغي بسبب تقصيره في تنفيذ ما عرف بـ"اتفاق الكامور" بين المعتصمين والحكومة بضمان الاتحاد العام التونسي للشغل.

وتزايد حجم الاحتقان رغم محاولات التهدئة والبحث عن حلول وترضيات للشباب الغاضبين من عدم تحقق بنود اتفاق الكامور الشهير الذي دارت احتجاجته في ربيع العام 2017، وانتهت بمقتل الشاب أنور السكرافي وإصابة 7 أعوان أمن وقرابة 100 مواطن، خلال محاولات فضّ الاعتصام، وإعادة الإنتاج في قناة الكامور البترولية التي عطّلها الشباب الغاضب آنذاك لما يقارب الشهرين.

واحتجّ الشبان على عدم تنفيذ المحافظ لبنود الاتفاق القاضي بتشغيل أبناء المحافظة في الشركة البترولية، وفي شركات الغراسة والبستنة الحكومية، رغم توقيع اتفاق بتشغيلهم على مراحل، إلى جانب تمويل صندوق الاستثمار والتنمية بتطاوين.

ورفع المعتصمون في مقر المحافظة شعارات رافضة لما وصفوه بـ"مواصلة التهميش والبطالة والضحك على ذقون شباب الجهة، من خلال سياسة التسويف المتبعة من قبل المحافظ باعتباره ممثل الحكومة والسلطات في الجهة"، بحسب تعبيرهم.

وحذّر معتصمو الكامور في فيديو نشروه على مواقع التواصل الاجتماعي رئيس الجمهوية قيس سعيّد، من مغبة عدم الالتفات إلى مطالبهم، وتدهور الحالة الصحية لبعض المعتصمين، ومنهم المتحدث باسم تنسيقية الاعتصام خالد الحداد.

وقال الحداد في فيديو يحمل عنوان "آخر رسالة إلى رئيس الجمهورية"، إنّ أحد المعتصمين والبالغ من العمر 50 سنة، حاول منذ 3 أيام إضرام النار في جسده لولا تدخل عدد من زملائه لثنيه عن فعلته، متوجها بكلامه إلى رئيس الجمهورية "إياك أن تفعل مثلما فعل بن علي في السابق وأن تقول لنا (مانيش شمس باش نضوي عليكم الكل)". وأضاف: "ما الذي يمنعك من تطبيق الشعارات التي ترفعها؟ استفق يا سيدي الرئيس... اعتصامنا سلمي ونحن عزل ونظاف ووطنيون... ولكن قد نقوم بالتصعيد ونريد تطبيق اتفاق الكامور والحق في التشغيل والتنقل والعيش بكرامة"، داعيا الشعب إلى الدفاع عن حقوقه.

وأشار إلى وجود تعزيزات أمنية كبيرة بمحيط مقر الولاية، مُتهما رئيس المنطقة بتطاوين باستفزازهم وعزلهم عن باقي أهالي المدينة، وبكونه أعطى أوامره بغلق باب الولاية ومنع المواطنين من الدخول قائلا: "عزلنا.. شعب خارج مقر الولاية وشعب داخلها".

وقررت وزارة الداخلية نقل رئيس منطقة الأمن الوطني بتطاوين محافظ شرطة عام، يوسف ساسي، وتعيين المقدم سفيان الغنودي خلفا له، ويبدو أن مردّ هذا القرار يعود لعدم قدرته على التعامل مع اقتحام المعتصمين وسيطرتهم على مقر المحافظة الذي يمثل مقر السيادة في الجهة.

من جانبهم، علق موظفو وأعوان إدارة محافظة تطاوين أعمالهم بقرار من نقابتهم، وذلك لعدم قدرتهم على العمل. وفي ظل تواصل الاعتصام، دخل الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين على الخط وأعلن بدوره عن اعتزامه تنفيذ إضراب عام في الشركات البترولية وشركات الخدمات خلال شهر يناير/ كانون الثاني المقبل.


وعبرت مختلف مكونات المجتمع المدني من تنسيقيات حزبية ومنظمات وجمعيات، على غرار اتحاد الشغل واتحاد الفلاحة واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بالجهة وأحزاب سياسية، منها حركة النهضة ونداء تونس والحزب الجمهوري، عن تفهمها لمطالب المعتصمين ودعمها لمطالبهم ومساندتهم في اعتصامهم السلمي.

من جانب آخر، حاول محافظ تطاوين عادل الورغي تطويق الأزمة بعقد جلسة صلحية ضمت عددا من المعتصمين وأعضاء البرلمان وممثلي المنظمات المهنية والمجتمع المدني، وتم الاتفاق على إرسال لجنة تدقيق في ما تحقق من اتفاق اعتصام الكامور، ورفع ما تبقى منها للحكومة القادمة، وتضم اللجنة أعضاء البرلمان والمجتمع المدني وخبراء وممثلين عن المعتصمين.