حصرت مدينة إسطنبول التركية صرف الدواء للسوريين في صيدليات ولايتها بمن يملك منهم بطاقة حماية مؤقتة صادرة عن الولاية نفسها، وقررت إغلاق المراكز الطبية السورية فيها، ثم ألغت الوصفات الطبية الورقية.
تقول السورية روعة يوسف من أحد المراكز الطبية في أكسراي، بإسطنبول لـ"العربي الجديد" إنّ السلطات التركية، أغلقت خلال الأشهر الأخيرة، جميع المراكز الطبية السورية المنتشرة في نطاق ولايتها. وهكذا تحول "مركز المهاجرين" الذي تنتشر فروعه بمعظم أحياء إسطنبول، إلى مركز طبي تحت إشراف وزارة الصحة التركية، بكوادره السورية والتركية، ممن سجلوا شهاداتهم العلمية في تركيا. وتلفت إلى أنّ بعض المراكز بقي بكوادره السورية ولجميع التخصصات، لكنّه تحول إلى إشراف وزارة الصحة التركية وبات مأجوراً، وإن بأسعار أقل من المستشفيات التركية الخاصة: "المعاينة هي ما بين 40 ليرة (7 دولارات أميركية) و50 (نحو 9 دولارات)، كما أنّ التصوير والمختبرات بكلفة مالية"، لكنه لم يعد يقدم دواءً للاجئين السوريين كما كان في السابق.
تتابع يوسف أنّه منذ بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لم تعد المراكز الطبية، سورية أو تركية، تعطي المريض وصفات ورقية كما في السابق، بل تحولت الوصفة إلى رسالة نصية تصل إلى هاتف المريض، وتحمل رمزاً خاصاً يجري بموجبه الحصول على الدواء من الصيدلية. تشير إلى أنّ نظام الوصفات الطبية الجديد، شمل حتى المستشفيات الحكومية التركية التي تعالج اللاجئين السوريين بالمجان، "مع بعض التشديد كعدم قبول صورة عن الكيملك وحضور المريض حصراً لصرف الدواء حتى لو كان بوضع صحي خطر".
وكان اتحاد الصيادلة الأتراك بالتعاون مع الإدارة العامة للهجرة في تركيا، قد أصدر قراراً جديداً حول آلية حصول السوريين المشمولين بنظام الحماية المؤقتة على الوصفات الطبية من الصيدليات في عموم الولايات التركية، مبرراً القرار بـ"مزيد من القوننة حول تحركات اللاجئين السوريين في تركيا". وينص القرار الجديد على عدم قبول الوصفات وقوائم الأدوية المكتوبة يدوياً من الآن وصاعداً، إذ ستحل محلها وصفات إلكترونية مزودة بشيفرات "باركود" خاصة لكلّ دواء من الأدوية الموصوفة للمريض السوري. وسيجري إصدار الوصفة الإلكترونية من قبل المستشفى الذي يعالج فيه اللاجئ السوري وفقاً لنظام إلكتروني موحد، وسيتمكن المريض من صرفها في أيّ صيدلية، وذلك خلال مهلة محددة أيضاً لا تزيد على ثلاثة أيام فقط من تاريخ إصدار الوصفة.
ترى الصيدلانية السورية الحاصلة على الجنسية التركية، هديل سعيد، أنّ هدف هذا القرار، هو الضبط والحث على الانضباط، بالإضافة إلى سهولة قراءة الصيادلة خط الأطباء وعدم الوقوع بأيّ خطأ بخصوص أيّ وصفة، لأنّ الباركود يحدد الدواء. وحول آلية صرف الدواء بناء على الوصفة الإلكترونية، تقول الصيدلانية سعيد لـ"العربي الجديد": "الأمر سهل وميسر. نطلب فقط الكيملك ليجري وضع رقمه، وكذلك نفعل مع الأتراك الذين يدفعون 10 في المائة من قيمة الدواء". أما عن قيمة الدواء بالنسبة للسوريين، فتؤكد سعيد، أنّ "دواء اللاجئين السوريين مجاني، في ما عدا بعض الأدوية التي نأخذ فارقاً بالسعر، كأدوية العلاج النفسي والعقاقير التي تحتوي مخدراً، وهو الذي لا تدفعه الحكومة التركية عن طريق التأمين، لكنّ أدوية الأمراض الخطرة؛ السكري، والضغط والسرطان تصرف مجاناً للسوريين".
من جهته، يقول الصيدلاني التركي، محمد يانماز، لـ"العربي الجديد" إنّ الطريقة الجديدة تحدد صرف الدواء خلال 72 ساعة من إرسال الرسالة على هاتف المريض، وإلا تعتبر لاغية، كما تضمن الوصفة الإلكترونية سرعة صرف مبالغ الأدوية المجانية للصيدليات "لأنّ بعض الأدوية غير مغطاة من التأمين بالكامل، كما أنّ الحسم المتفق عليه، بين الصيدليات ومنظمة "إيفاد" يصل إلى 80 في المائة، وهو السبب في أنّنا نأخذ مبالغ بسيطة من السوريين، لبعض الأدوية فقط". وحول ما يقال عن امتناع بعض الصيدليات التركية عن استقبال السوريين وصرف دواء بالمجان لهم، يؤكد يانماز أنّ "جميع الصيدليات المتعاونة مع آفاد ملزمة بصرف الدواء للسوريين بالمجان، ويمكن لأيّ سوري التقدم بشكوى إن امتنعت، لكن بعض الصيدليات غير متعاونة مع آفاد، وبالتالي فإنّها غير ملزمة بصرف الدواء".
وكانت الحكومة التركية قد أصدرت بتاريخ 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، قراراً يقتضي بتعميم صرف الوصفات الطبية بالمجان للاجئين السوريين المقيمين على أراضيها، بعدما كان القرار مقتصراً على السوريين القاطنين في المخيمات فقط. واشترطت تركيا خلال صرف الدواء بالمجان، أن يكون بوصفة طبية من أحد المستشفيات الحكومية أو المستوصفات، ويجب أن يكون الشخص حاملاً لبطاقة الحماية المؤقتة، فمن دونها لا يمكنه الاستفادة من صرفه بالمجان. وبعد قرار الحكومة التركية، جرى التعاون مع إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد"، لمنح السوريين اللاجئين، سواء في المخيمات أو الولايات التركية، الدواء مجاناً من الصيدليات المتعاونة معها والتي يصل عددها في ولاية إسطنبول إلى اثنتين وأربعين، شريطة أن تكون الوصفة الطبية صادرة عن مستشفيات تركية أو طبيب تركي يعمل بشكل قانوني ولديه ختم معتمد.
يؤكد مدير الرابطة السورية لحقوق اللاجئين بتركيا، مضر حماد الأسعد لـ"العربي الجديد"، أن لا خوف أبداً من انسحاب تركيا من مجانية العلاج والتعليم للسوريين، كذلك، تستمر في دفع مبلغ شهري ضمن "كارت الهلال الأحمر" لا سيما بعد إطلاق "شبكة الأمان الاجتماعي للحالات الطارئة" وإعلان الاتحاد الأوروبي، تخصيص مبلغ مالي إضافي بقيمة 600 مليون يورو، لصالح برنامج المساعدات المالية المخصص لدعم اللاجئين في تركيا.