تونس: عراقيل أمام عاملات الريف

19 ديسمبر 2019
تعرف القليل عن حقوقها (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

أطلقت منظومة وطنية تونسية لحماية عاملات الريف وتوفير التغطية الصحية والحماية من حوادث العمل والرواتب التقاعدية، لكن ماذا عن العراقيل أمامهن في البلاد؟

تطمح عاملات الريف التونسي إلى الاحتماء بالمنظومات الاجتماعية الجديدة التي وضعتها السلطات على ذمتهم، بهدف توفير الحد الأدنى من الضمانات الاجتماعية والصحية، وسط عرقلة مسار تحسين ظروف عمل الريفيات، وحمايتهن من قبل وسطاء التشغيل ممن يحققون منافع من هشاشة ظروف أولئك العاملات في القطاع الزراعي.

في مايو/ أيار الماضي أطلقت الحكومة منظومة "احميني" لتسهيل تسجيل الريفيات الناشطات في القطاع الزراعي في الضمان الاجتماعي، بهدف توسيع قاعدة المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من العاملات في هذا القطاع، ممن يواجهن ظروف عمل قاسية ولا يتمتعن بالتغطية الاجتماعية. وتعتمد المنظومة على تطبيق هاتفي لتبسيط عملية تسجيل النساء الريفيات، بعد توقيع اتفاقية ما بين منظومة "احميني" وشركة الاتصال الحكومية وصندوق الضمان الاجتماعي.

منذ إطلاق المنظومة تحاول عاملات الريف التونسي الاستفادة من النظام الجديد، بما يكفل لهن الحق في التغطية الصحية والحماية من حوادث العمل، فضلاً عن توفير رواتب لهن بعد بلوغهن سن التقاعد. وبحسب بيانات رسمية لصندوق الضمان الاجتماعي، بلغ عدد النساء اللواتي تقدمن للانخراط في المنظومة، نحو 12 ألف عاملة من جملة 500 ألف عاملة تستهدفهن الخطة.

في هذا الإطار، يقول ماهر الخليفي، المسؤول عن منظومة "احميني" إنّ مشروع الضمان الصحي والاجتماعي للريفيات يتقدم بفضل حملات التوعية الميدانية التي تستهدف عاملات الزراعة في أماكن عملهن، مشيراً إلى أنّ التواصل المباشر معهن يساعد في محو أفكار مسبقة تحملها النساء الريفيات في خصوص أنظمة الضمانات الجديدة. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ الريفيات لا يملكن قرارهن في أغلب الأحيان، ما يضعهن تحت سيطرة المشغّل أو وسيط العمل أو حتى أفراد العائلة، مؤكداً أنّ هذه الأطراف تمثل أحياناً عوائق أمام تقدم المشروع، إذ تُمنع النساء من الاشتراك في منظومة "احميني" بدعوى ضعف جدواها.




يتابع الخليفي أنّ الأطراف التي تحقق منفعة من الظروف الهشة للعاملات في الزراعة تحاول إفشال تقدم مشروع حمايتهن اجتماعياً، مؤكداً أنّ هذه الأطراف تسعى إلى التدخل في قرارات العاملات وإثنائهن عن الاحتماء بمنظومة "احميني". يضيف أنّ الوسطاء الذين يشغّلون الريفيات في ظروف غير قانونية من دون أيّ حماية لا يسعون إلى مساعدتهن في الحصول على الحماية الاجتماعية، مؤكداً أنّ الريفيات اللواتي يصبن بحوادث عمل أو يتعرضن للمرض لا يجدن أيّ مورد رزق أو حماية صحية لهن، بل يبقين معرضات لجميع أشكال الاستغلال، وتصادَر حقوقهن في الحصول على تعويضات. ويشير الخليفي إلى أنّه يسعى مع نهاية سنة 2019 إلى تسجيل نحو 20 ألف امرأة ريفية في نظام الضمان الاجتماعي الخاص بالقطاع الزراعي وغيره. ويشدد على أنّ هناك إقبالاً ملحوظاً على التسجيل ضمن منظومة "احميني" من قبل النساء الريفيات بعدد من المحافظات، بعد تبسيط عملية التسجيل، وتنظيم حملات توعية ميدانية تقودها الأطراف المشرفة على المنظومة.

استغلال الريفيات سمة غالبة (فتحي بلعيد/ فرانس برس) 

تراهن الحكومة من خلال دعمها منظومة "احميني" على تسجيل 500 ألف عاملة في القطاع الزراعي يعملن موسمياً، ولا يتمتعن بأيّ تغطية اجتماعية، أو بطاقة علاج، أو راتب تقاعد، وبعضهن يتوفين في حوادث مرور قاتلة من دون تعويض ذويهن. وتؤكد مديرة العلاقات مع المضمونين وهياكل الضمان الاجتماعي بالإدارة العامة للضمان الاجتماعي، خيرة الشريف، لوكالة الأنباء الرسمية "وات" أنّ نسبة 33.3 في المائة فقط من النساء الريفيات العاملات في القطاع الفلاحي يتمتعن بالتغطية الاجتماعية. وتصف الشريف هذه النسبة بالمتواضعة جداً مقارنة بعدد الرجال العاملين في القطاع والمستفيدين من الخدمات. تتابع: "عدد النساء الريفيات العاملات في القطاع الفلاحي المنخرطات في خدمات الضمان الاجتماعي لا يتجاوز 93 ألفاً و500 امرأة، مقابل 377 ألف رجل". تفسر التفاوت بجهل المرأة الريفية العاملة في القطاع الزراعي بخدمات الضمان الاجتماعي وسبل التمتع بالتغطية الاجتماعية، مشيرة إلى حرص مصالح الضمان الاجتماعي على نشر ثقافة الضمان من خلال المكاتب المتنقلة وإجراء توعية لتشجيع المرأة الريفية على التسجيل والانخراط في هذه الخدمات.




من جهتها، تقول آمال بن علي، المسؤولة عن برنامج الحماية الاجتماعية بوزارة المرأة، لـ"العربي الجديد" إنّ "احميني" تتقدم بالرغم من كلّ العراقيل التي تعترض الريفيات، مؤكدة أنّ على الوزارة أن تواصل تكثيف حملات التوعية الميدانية في كلّ محافظات البلاد.
المساهمون