قرية "رابعة" المصرية باتت "30 يونيو"

17 ديسمبر 2019
من اجتماع المشايخ بالنواب والمحافظ (العربي الجديد)
+ الخط -
ترك النظام المصري الأزمات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تختنق بها محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، واهتم مؤخراً بتبديل تسمية إحدى القرى المعروفة تاريخياً بـ "رابعة" إلى "30 يونيو" في إشارة دعم لنظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الذي وصل إلى الحكم بفضل تظاهرات يونيو/ حزيران 2013، ومحاولة الخروج من مسمى "رابعة العدوية" وهو الميدان الذي شهد اعتصام مؤيدي الشرعية والرئيس الراحل محمد مرسي، قبيل انقلاب 3 يوليو/تموز 2013. وجاءت الموافقة على تبديل اسم القرية مقابل رشوة قدمها النظام تتمثل في دراسة مطلب سكان القرية بتحويلها من قرية إلى مدينة خلال الفترة المقبلة.

في لقاء جمع مشايخ القرية بنواب سيناء ومحافظ شمال سيناء اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، أعلن أحد مشايخها عن تبديل اسم القرية من رابعة إلى 30 يونيو بناءً على رغبة سكانها، بحسب قوله، فيما أثنى الحضور الحكومي والنيابي على قرار مشايخ القرية المعروفين بعلاقتهم الجيدة مع النظام المصري وقوات الجيش المنتشرة في محيط المنطقة.




في المقابل، أعرب كثير من سكان المحافظة عن استهجانهم الخطوة، واعتبروا ذلك انسلاخاً عن تاريخ القرية المرتبط بكلّ المؤسسات المتواجدة فيها، والمسمى الذي كان يميزها عن بقية القرى المحيطة بها، بينما يرجو مشايخ القرية من وراء خطوتهم نيل الموافقة الحكومية على قرار بتحويلها من قرية إلى مدينة خلال الفترة المقبلة. وفي أول تعقيب حكومي رسمي على قرار مشايخ قرية رابعة، قال محمد عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، إنّ المحافظة تعكف على دراسة مطلب أهالي قرية رابعة مركز بئر العبد، بتحويل القرية إلى مدينة بعد تغيير اسمها إلى "30 يونيو"، مضيفاً أنّ هناك عدة ضوابط واشتراطات معينة حددتها وزارة التنمية المحلية لتحويل أيّ قرية إلى مدينة من حيث الإمكانيات والقدرات المتوافرة، وستتم دراسة ذلك بالتنسيق مع الوزارة، معلناً أنّ هناك ثلاث أو أربع قرى في مراكز بئر العبد ووسط سيناء يمكن تحويلها إلى مدن، مشيراً إلى أنّ زيارته إلى قرية رابعة هدفت لعرض نتيجة الاستفتاء الخاص برغبة المواطنين تغيير اسم قريتهم وتحويلها إلى مدينة، والتعرف على مشاكل المواطنين للعمل على حلّها، ولقاء المشايخ الجدد باعتبارهم ضمن الجهاز التنفيذي لتهنئتهم وحثهم على بذل مزيد من الجهد.



وعن موقف أهالي القرية، قال أحد معلمي القرية لـ"العربي الجديد" إنّ القرار يمثل مشايخ القرية المؤيدين للنظام المصري وأصحاب العلاقات مع نواب سيناء وقيادات الجيش المصري، وإنّ سكان القرية وإن كانوا مع مطلب تحويلها إلى مدينة، فإنّ ذلك ليس على حساب اسم القرية التاريخي المرتبط بكل تفاصيلها من مؤسسات وأوراق ومعاملات حكومية واجتماعية واقتصادية وغيرها، ولم يقرَّر تبديل اسم القرية إلاّ في سبيل إرضاء مشايخها المسؤولين الحكوميين، وقيادات الجيش، ومحاولة لفت أنظار بعض الأطراف والجهات إلى وجودهم على رأس هرم القرية بهدف تحويلها إلى مدينة في مرحلة لاحقة، وإثباتاً للولاء لصالح الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. وأشار المعلم إلى أنّ أزمات القرية والظروف التي تعشيها كحال بقية قرى ومدن محافظة شمال سيناء، تحتاج إلى مواقف مغايرة من المحافظة والحكومة المصرية، على صعيد الاهتمام بالواقع الصحي والتعليمي والاقتصادي لقرى سيناء، وهو ما لن يتحقق طالما هناك مشايخ يبيعون الولاء للحكومة والنظام مقابل تحقيق مصالح شخصية، وإبقاء خطوط العلاقة الجيدة مع المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين، مؤكداً أنّ احتياجات القرية كثيرة، وأنّ أهالي القرية لديهم طموحات قديمة جديدة لم يتحقق أيّ منها على مدار السنوات الماضية، في ظل عدم وجود اهتمام حكومي شامل بأيّ قرية في سيناء، داعياً أهالي القرية للإعلان عن موقفهم الحقيقي مما يجري على يد المشايخ.

وتقع قرية رابعة في الشمال الغربي لمحافظة شمال سيناء، على بعد 25 كلم من مدينة بئر العبد إحدى أكبر مدن المحافظة، وتبعد عن القنطرة شرق بحوالي 50 كلم. ويعتمد السكان على نشاطات الزراعة والصيد والرعي، وسكانها الأصليون قليلون بالنسبة للوافدين من بقية المحافظات المصرية.




ويسكن في قرية رابعة نحو خمسة عشر ألف نسمة ينقسمون ما بين السكان الأصليين الذين هم من عائلة آل هرش، أحد بطون قبيلة البيايضة، بالإضافة إلى بعض القبائل الأخرى، وما بين الوافدين من جميع محافظات مصر. وتحيط بالقرية كلّ من قرى أم عقبة، والكرامة، وإقطية، وقاطية، والجناين، وساحل بحيرة البردويل.