تتسابق قوات الأمن العراقية في العاصمة بغداد، والمحافظات الجنوبية، مع المتظاهرين على إطارات السيارات المستعملة التي تعتبر الطريقة الأشهر لقطع الطرقات خلال التظاهرات وتنظيم الإضراب الذي اتسع بشكل كبير خلال الأيام الماضية.
ناشطون في احتجاجات البصرة (أقصى جنوبي العراق) قالوا لـ"العربي الجديد"، إنّ الإطارات المستعملة كانت متوفرة بشكل كبير عند انطلاق الاحتجاجات، قبل أن تقوم شرطة المحافظة بحملة لجمعها في أماكن محددة للحيلولة دون استخدامها لقطع الطرقات. وأوضحوا أنّ بعض المعتصمين يقومون باستخدام سياراتهم الشخصية للتجوال داخل المناطق السكنية بحثاً عن الإطارات المستعملة لاستخدامها، في قطع الطرقات إلى الموانئ والمواقع النفطية.
الناشط في احتجاجات ذي قار جنوباً، سعد فيصل أكد أنّ حرق الإطارات المستعملة بدأ ضعيفاً عند انطلاق التظاهرات، لكنّ استخدامها تزايد بشكل كبير مع تحول التظاهرات إلى اعتصامات، والحاجة إلى قطع الطرقات من خلال حرق الإطارات المستعملة. يتابع أنّ استخدامها غالباً ما يكون خلال الليل بهدف تحقيق غرضين، الأول قطع الطريق، وتدفئة بعض المتظاهرين الذين يقضون لياليهم في شوارع وساحات الاحتجاج، مستدركاً: "قوات الأمن بدأت تتسابق معنا على هذه الإطارات".
عماد الساعدي، وهو أحد أصحاب محلات تصليح واستبدال الإطارات (البنجر) في ذي قار قال لـ"العربي الجديد"، إنّ قوة أمنية أبلغته قبل أيام بعدم إعطاء الإطارات القديمة للمتظاهرين، أو أيّ شخص مدني يطلبها منه، قبل أن تقوم هذه القوة بجمع الإطارات المستعملة من محله والمحال المجاورة. أضاف: "هذا الأمر دفعني إلى نقل الإطارات المستعملة إلى منزلي ثم إيصالها خلال الليل للمتظاهرين خفية". يؤكد أنّ شوارع مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار) باتت شبه خالية من الإطارات المستعملة، التي كانت عبارة عن نفايات تمثل عبئاً على بلدية المدينة.
ضابط في شرطة محافظة النجف، التي سبق أن شهدت قطع طريق المطار وبعض الساحات بحرق إطارات السيارات، قال لـ"العربي الجديد" إنّ التوجيهات التي لدينا تمنع أيّ عمليات تتسبب بقطع الطرقات ومن ضمنها حرق الإطارات. وأشار إلى أنّ حرق إطارات السيارات يتسبب بتعطيل الحركة، وكذلك إعاقة تنقل القوات الأمنية، لذلك فإنّنا نعتقد أنّ جمعها وخزنها وإن مؤقتاً بعيداً عن أيدي المتظاهرين هما الأسلم في الوقت الحاضر، مستدركاً: "لكنّ هذا لا يعني أنّ المتظاهرين لن يحصلوا عليها". أضاف الضابط: "لدى المتظاهرين طرق غريبة في الحصول على الإطارات المستعملة ونقلها إلى أماكن الاحتجاج بعيداً عن نقاط التفتيش لقوات الأمن".
بدورهم، قال متظاهرون إنّهم يحصلون أيضاً على الإطارات من سائقي الشاحنات، وكلّما كان الإطار أكبر كإطارات الشاحنات استمر حرقه لساعات أكثر. وقال محمد الموسوي، وهو ناشط في التظاهرات: "نحاول ألّا نحرق شيئاً في المناطق السكنية، ونعي أنّه مضرّ بالبيئة لكنّ الضرر الذي تسببه الحكومة وهذه الأحزاب يفوق آلاف المرات ما تفعله الإطارات". تابع أنّ الإطارات كانت مشكلة سابقاً، بسبب تكدسها في الساحات ومكبات النفايات وتعاني البلدية من التخلص منها، لكنها الآن باتت عزيزة ومطلوبة.
في الأيام القليلة الماضية، أحرق متظاهرون إطارات السيارات ووضعوا حواجز في عدد من شوارع مدينة السماوة (مركز محافظة المثنى) بهدف الاستمرار في الإضراب العام، كما أحرقت إطارات السيارات في مدن محافظة البصرة من أجل فرض العصيان بشكل دائم، وكذلك الحال في محافظة النجف التي تسارعت فيها الأحداث بشكل لافت خلال الساعات الماضية بعدما استخدام المحتجون إطارات السيارات لقطع الطرقات من أجل تطبيق الإضراب العام، وهو ما حدث في ذي قار وميسان وكربلاء والنجف وواسط، كما تشهد العاصمة بغداد بين الحين والآخر قطعاً للطرقات من خلال حرق إطارات السيارات.
وبحسب أستاذ علم الاجتماع في جامعة البصرة علي حسين، فإنّ حرق الإطارات وقطع الطرقات يبعثان برسالة مفادها أنّ الشعب العراقي وصل إلى قمة غضبه، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أنّ عدم استجابة الحكومة لمطالب المحتجين هو الذي دفع المتظاهرين نحو تصعيد طبيعة الاحتجاج. وأشار إلى تصاعد نفور مجتمعي من كلّ شيء يتعلق بالسلطة، ما دفع الآلاف للبقاء في الشوارع من أجل تغيير الأوضاع، مشدداً على ضرورة الإسراع بطرح حلول تتلاءم مع مطالب الشارع الذي كان يقتصر على الشباب في بداية الحراك، قبل أن يضم بشكل تدريجي مختلف شرائح المجتمع.