منتسبو تعاونية موظفي الدولة في لبنان: أفرجوا عن مستحقاتنا

29 نوفمبر 2019
"إيّاكم واللعب بالنار" (حسين بيضون)
+ الخط -

يتهدّد الخطر حياة أكثر من 351 ألف منتسب ومستفيد من تقديمات تعاونية موظّفي الدولة في لبنان، لا سيّما مرضى السرطان والفشل الكلوي، من جرّاء عدم تحويل وزارة المالية الأموال المعتمدة للتعاونية، علماً أنّ قيمة المعاملات المنجزة تبلغ 200 مليار ليرة لبنانية (نحو 132 مليون دولار أميركي)، وهو ما يعني أنّ تلك المعاملات (بالآلاف) مكدّسة في انتظار صرف موازنة عام 2019 البالغة نحو 317 مليار ليرة (نحو 209 ملايين دولار) تُضاف إلى 10 مليارات ليرة (نحو 6 ملايين و600 ألف ليرة) متبقية عن موازنة عام 2018.

هذا ما كشفه "التيار النقابي المستقل" خلال الاعتصام الذي دعا إليه عصر اليوم الجمعة، أمام وزارة المالية في العاصمة بيروت، وشارك فيه موظّفون من الإدارات العامة إلى جانب أساتذة التعليم الثانوي والأساسي من الحاليين والمتقاعدين. وقد نبّه هؤلاء إلى أنّ "التعاونية اضطرت إلى التوقف عن صرف أدوية السرطان والأمراض المزمنة"، مضيفين أنّ "آلاف مرضى السرطان وغسل الكلى يستدينون ليدفعوا (المتوجّب عليهم) لأنّ وزارة المال تمتنع عن صرف مستحقات التعاونية". وشدّدوا على "خطورة ما تتّجه إليه المستشفيات من نيّة بعدم استقبال مرضى التعاونية بسبب تراكم الديون المتوجبة على التعاونية".

لينا قنبر تقول لـ"العربي الجديد": "والدتي تذوق الأمرّين لقاء تقاعس وزارة المالية وقبضها على أموالنا ومستحقاتنا. فهي تحتاج أسبوعياً إلى ثلاث جلسات غسل كلى، ما يعني أنّنا مضطرون كل ثلاثة أسابيع إلى تأمين مبلغ مليونَين و580 ألف ليرة (نحو 1700 دولار) إمّا عبر قروض مصرفية وإمّا من خلال الاستدانة"، مشددة على أنّ "مريض غسل الكلى مهدّد بالموت إذا لم يخضع إلى جلساته". وتضيف قنبر: "لقد بعت ما أملكه من مجوهرات من أجل علاج والدتي، فهي تحتاج كذلك إلى أدوية بقيمة مليون و200 ألف ليرة (نحو 790 ألف دولار) شهرياً. هذا كلّه عدا ما يعانيه والدي، موظّف الدولة المتقاعد، بعد أن أصابه مرض السرطان واضطر إلى الحصول على جلسات علاج كيميائي وآخر إشعاعي، فاضطررنا إلى تحمّل التكلفة من جيبنا الخاص. بالتالي بات لنا في ذمّة التعاونية ثمانية ملايين ليرة (نحو 5300 دولار) للعلاج الإشعاعي ومليوني ليرة (نحو 1300 دولار) للعلاج الكيميائي، علمًا أنّه ما زال في حاجة إلى متابعة العلاج".




من جهتها، تأسف الأستاذة في الجامعة اللبنانية ريما باز التي رافقت والدها الأستاذ المتقاعد، "لما وصلنا إليه". وتسأل عبر تصريح لـ"العربي الجديد": "كيف توزّع وزارة المالية الأموال عشوائياً على زوجات السياسيين والجمعيات والمهرجانات، في حين أنّها تغفل عن حقوق شريحة أساسية تستفيد من تقديمات تعاونية موظفي الدولة؟ هذه الشريحة التي تعمد الوزارة إلى اقتطاع جزء من راتبها شهرياً لصندوق التعاونية... فأين هي أموالنا؟". وتروي معاناة والدتها مع مرض سرطان الثدي، وهي كذلك أستاذة متقاعدة لم تحصّل تعويضها بعد على الرغم من أنّها تقاعدت قبل ستة أشهر. تقول: "نعاني مع وزارة المالية منذ 17 عاماً، وليس الأمر جديداً. فنحن كنّا دائماً نلجأ إلى السلفة من التعاونية ريثما تتوفّر الأموال المستحقة، غير أنّنا لم نحصل على أيّ من المساعدات المرضية منذ عام 2012، علماً أنّنا نتكفّل بعلاج والدتي وبتأمين الأدوية المطلوبة... لكنّنا لم نعد قادرين على التحمّل".



في السياق، ألقى القيادي في "التيار النقابي المستقل" جورج سعادة كلمة دان فيها "استهتار وزارة المالية"، قائلاً: "ها نحن اليوم وصلنا إلى الخطر الداهم، التعاونية بخطر. استشفاؤنا بخطر. صحتنا بخطر. أكثر من 25 عاماً وهذه السلطة تحاول ضرب الحقوق وإلغاء المكتسبات التاريخية، وهي تسعى اليوم إلى إلغاء دولة الرعاية الاجتماعية وإلى الخصخصة وبيع القطاع العام بأبخس الأسعار. ولمن؟ بالتأكيد لحيتان المال والسياسة أمراء المذاهب وبالمحاصصة".




بدوره، طالب رئيس رابطة المتقاعدين في التعليم الأساسي الرسمي غطاس المدوّر بـ"الإفراج بأسرع وقت عن مستحقات تعاونية موظفي الدولة"، متسائلاً: "هل الجمعيات الوهمية الموجودة لهدر ونهب المليارات أحقّ وأولى من أصحاب الحقّ الذين فنوا العمر ودفعوا المليارات للحفاظ على صحّتهم حتّى لا يمدّوا أيديهم إلى الآخرين؟ حان الوقت لتخجلوا من أنفسكم!".
دلالات