اتهمت مديرة "جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية روحاما مارتن، الأطباء الإسرائيليين بدور فاعل في تعذيب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، مؤكدة أن العاملين منهم في مصلحة السجون يلعبون دوراً رئيساً في "صناعة التعذيب" ضد الأسرى الفلسطينيين داخل أقبية التحقيق.
وفي مقال نشره اليوم الأحد موقع "سيحا مكوميت" اليساري، لفتت مارتن إلى أن الأطباء العاملين في المستشفيات الإسرائيلية التي تعالج الأسرى الفلسطينيين يساهمون أيضا في تسهيل عمليات التعذيب والتغطية عليها، لا سيما الأطباء العاملين في أقسام الطوارئ.
وأشارت إلى أن الأطباء في مصلحة السجون يتعاونون مع جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية "الشاباك"، الذي يحتكر مهمة التحقيق مع الأسرى الفلسطينيين، ويسهلون مهمة تعذيب الأسرى الفلسطينيين من خلال إصدار تقارير تدعي أن ممارسة هذا النمط أو ذاك من أنماط التعذيب لن يؤثر على الوضع الصحي للأسير.
وحسب مارتن، فإن أطباء مصلحة السجون يسمحون لمحققي "الشاباك" بأن يجلسوا الأسير الذي يتم التحقيق معه على كرسي صغير وهو مقيد اليدين للخلف ووضع رأسه في كيس لساعات طويلة.
وأكدت أن عمليات التعذيب ضد الأسرى الفلسطينيين تشمل أيضاً الضرب المبرح، والمنع من النوم، ووضع الأسير في جو حار جداً أو بارد جداً، إلى جانب توجيه إهانات إليه ومن ضمنها إهانات جنسية بهدف إلحاق أذى نفسي وجسمي به، وتحطيم روحه المعنوية والمس بشخصيته لفترة طويلة.
ولفتت إلى أن الأطباء العاملين في أقسام الطوارئ في المستشفيات الإسرائيلية يكتبون تقارير كاذبة حول أوضاع الأسرى الفلسطينيين الذين يتم نقلهم بعد تعرضهم لعمليات تعذيب وحشية، مشيرة إلى أن هؤلاء الأطباء يكتبون بالضبط ما يريده محققو "الشاباك".
تعذيب الأسير نادر قمصية
أشارت روحاما مارتن إلى أن حالة الأسير نادر قمصية من بيت ساحور تعكس الدور الذي يلعبه أطباء الطوارئ في المستشفيات الإسرائيلية في تسهيل عمليات التعذيب. ولفتت إلى أن قمصية تعرض لنزيف وتهتك في الخصيتين جراء قيام محققي الشاباك بضربه بوحشية، مبيّنة أن أحد الأطباء في مستشفى "سوروكا" في بئر السبع أقرّ بهذا التشخيص وأعد تقريراً يؤكد ذلك.
واستدركت أن نفس الطبيب تراجع عما جاء في تقريره بعدما اتصلت به جهات من الجيش، وادعى لاحقاً أن ما تعرض له نادر كان نتاج سقوطه من الدرج.
وأوضحت أن الأطباء يشرفون على عمليات التعذيب ويحرصون على معالجة آثار التعذيب بحيث لا تشكل دليلاً يسمح بإدانة محققي "الشاباك"، كما يتسترون على عمليات التعذيب التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون من منطلق الإذعان لإملاءات نظام الحكم والانسجام مع روايته.
وقالت إن نقابة الأطباء في إسرائيل رفضت الإقدام على خطوات لمعاقبة الأطباء الذين يتعاونون مع الشاباك في ممارسة عمليات التعذيب الممنهج و"الوحشي" ضد الأسرى الفلسطينيين، كما رفضت منح غطاء للأطباء الذين يبلغون عن دور زملائهم في تسهيل عمليات التعذيب.
واعتبرت أن تستر الأطباء الإسرائيليين على عمليات التعذيب ودورهم في تواصلها ضد الأسرى الفلسطينيين بمثابة "عار أخلاقي ووصمة في تاريخ المؤسسة الطبية في إسرائيل".
استراتيجية الكذب
واتهمت "الشاباك" بأنه يعتمد التعذيب كوسيلة وحيدة لانتزاع الاعترافات من الأسرى، مشيرة إلى أن نفي الجهاز ممارسة التعذيب يأتي في إطار "استراتيجية الكذب" المعتمدة من قبله.
وسخرت مارتن من ادعاء اسحاق إيلان، الذي سبق أن تولى قيادة شعبة التحقيق "في الشاباك" بأنه لا يتم اعتماد التعذيب في التحقيق، مشيرة إلى مئات الأدلة على اعتماد التعذيب كمركب رئيس في عمليات التحقيق مع الأسرى الفلسطينيين.
وشددت على أن اعتماد إسرائيل على عمليات التعذيب يدلل على أنها لا تؤمن بحقوق الإنسان كقيمة، محذرة من أن هذا سينعكس سلباً على المجتمع الإسرائيلي نفسه.