أعادت حادثة أخيرة وقعت الإثنين الماضي في قطار وذهب ضحيتها شاب، التذكير بالمخالفات الكبيرة في قطاع السكك الحديدية في مصر
أثارت حادثة مقتل الشاب المصري محمد عيد، بعد إجباره على القفز من القطار، ردود فعل غاضبة في أوساط المجتمع المصري، عبّروا عنها من خلال تفاعلهم مع القضية عن منصات التواصل الاجتماعي.
كان عيد قد لقي مصرعه، أمس الأول الإثنين، أسفل عجلات القطار رقم 934 مكيف الإسكندرية - الأقصر، وأصيب شخص آخر بعدما أجبرهما مسؤولو قطار على القفز منه أثناء سيره، بالقرب من قرية دفرة التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، لعدم امتلاكهما ثمن تذكرة القطار المقدرة بسبعين جنيهاً (4.5 دولارات أميركية). ووجهت النيابة العامة المصرية، إلى كمسري القطار (الجابي) تهمة القتل العمد.
حوادث القطارات وقطاع السكك الحديدية في مصر لا تنتهي، لكنّها بهذه الحادثة انتقلت من مرحلة القتل بالإهمال، إلى القتل العمد، في وقت لا يتوقع فيه المصريون محاسبة أيّ من كبار المسؤولين في وزارة النقل المصرية، لا سيما بعد تصريحات "استفزازية" خرج بها عدد من المسؤولين في خصوص الحادثة الأخيرة، في مداخلات هاتفية مع إعلاميين موالين للنظام. وجاءت هذه التصريحات في أعقاب بيان أنكرت فيه الحكومة مسؤوليتها عن الحادث، إذ أصدرت هيئة السكك الحديدية في مصر، بياناً أعلنت فيه "أنّه أثناء مسير قطار 934 مكيف الإسكندرية/ الأقصر وأثناء قيام رئيس القطار بمطالبة اثنين من الركاب بدفع قيمة الأجرة امتنعا عن دفع الأجرة، وأثناء تهدئة القطار بمحطة دفرة لوجود عطل بنظام الإشارات بالمحطة، قاما بالنزول من القطار أثناء مسيره، مما أدى إلى سقوط أحدهما أسفل عجلاته وتوفي في الحال وأصيب الراكب الآخر، وتم نقلهما بالإسعاف إلى مستشفى طنطا العام"، وهو البيان الذي كذّبته جميع الشهادات الموثقة للحادثة، إذ تمكن بعض ركاب القطار من تصوير الواقعة بهواتفهم المحمولة. ومن خلال البيان، أكد وزير النقل المصري ذو الخلفية العسكرية، كامل الوزير، أنّه لن يسمح بأيّ تهاون في حق أيّ مواطن مصري، وأنّه يحرص دائماً على حياة جميع المواطنين، وأنّ التحقيقات ستُظهر الحقيقة، وأنّه سيجري اتخاذ كافة الإجراءات تجاه المذكور في حال ثبوت الواقعة. بعدها، أعلن في اتصال هاتفي مع الإعلامي عمرو أديب ببرنامج "الحكاية" المذاع عبر فضائية "إم بي سي مصر"، مساء الإثنين، أنّ قتيل واقعة القطار وزميله لم يكونا بائعين في القطار، إنّما هما بائعان في محطة الإسكندرية، واعداً بصرف 100 ألف جنيه (6250 دولاراً) تعويضا لأسرة القتيل، و20 ألف جنيه (1250 دولاراً) لأسرة المصاب المحتمل خضوعه لعملية بتر ساق.
وكانت آخر حوادث قطاع السكك الحديدية في مصر، قد وقعت في فبراير/ شباط الماضي، عندما لقي 25 مواطناً مصرعهم، وأصيب عشرات بعضهم بإصابات بالغة، إثر انحدار جرّار وردية رقم 2302، واصطدامه بالجدار الخرساني في نهاية الرصيف رقم 6 بمحطة مصر "محطة قطار رمسيس". وفي 11 أغسطس/ آب 2017، اصطدم قطار "13 إكسبريس" (القاهرة/ الإسكندرية) بمؤخرة قطار رقم 571 (بورسعيد / الإسكندرية) بالقرب من محطة خورشيد بالإسكندرية، والذي راح ضحيته 42 مواطناً، مع إصابة أكثر من 130.
وفي السابع من سبتمبر/ أيلول 2016، وقع حادث مروع آخر عندما خرجت العربات الثلاث الأولى من القطار رقم 80 المتجه من أسوان إلى القاهرة، عن سكته، قرب الجيزة، ما أسفر عن وقوع 5 وفيات و27 مصاباً. وسبق حادث العياط حادث آخر وقع صباح يوم 31 يناير/ كانون الثاني 2016، إذ كانت سيارة نقل تعبر السكة الحديدية قد اصطدمت بقطار في قرية البليد بالعياط، جنوبي محافظة الجيزة، وأدى الحادث إلى وفاة 7 أشخاص وإصابة 3 آخرين. واصطدم قطار البدرشين في يناير/ كانون الثاني 2013 بقطار آخر محمل بالبضائع، وأسفر عن مقتل 18 مجنداً في الجيش المصري، وإصابة أكثر من 100 آخرين. وفي 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، وقع حادث اصطدام قطار بباص يحمل أطفالاً في منفلوط وراح ضحيته 49 تلميذاً مع إصابة 13. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2009، وقع حادث لقطار العياط أيضاً، إذ تعطل القطار أثناء السير، فاصطدم آخر به من الخلف، وعلى إثر الحادث تقدم وزير النقل وقتها المهندس محمد منصور، باستقالته، إذ أسفر الحادث عن موت 30 بالإضافة إلى إصابة عشرات. وفي أغسطس/ آب 2006، اصطدم قطاران ببعضهما على طريق المنصورة - القاهرة وأسفر الحادث عن وفاة 50 شخصاً وإصابة 163. وكان الحادث الأسوأ في تاريخ السكك الحديد في مصر قد وقع في فبراير/ شباط 2002، حين أدى حريق اندلع في قطار كان متجها من القاهرة إلى جنوب مصر إلى مقتل نحو 1000 مواطن.
وكشفت إحصائية رسمية أن إجمالي عدد حوادث قطارات السكك الحديدية منذ 2006 حتى عام 2017، بلغ 12 ألفاً و236 حادثاً. أعلى معدلاتها كان في عام 2009 وبلغت 1577 حادثاً وأقلها في 2012 الذي شهد 447 حادثاً، وذلك بسبب توقف حركة النقل على السكك الحديدية في أعقاب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011. وأوضحت الإحصائية أنّه في عام 2016 بلغت الحوادث 1249 مقارنة بـ1235 في 2015 في الوقت الذي بلغت 1044 في 2014.
وتنوعت حوادث قطارات السكك الحديدية ما بين اقتحام سيارة لمزلقانات القطارات (الخطوط الحديدية) وتمثل 80 في المائة، من الحوادث في الوقت الذي جاء خروج القطارات من على القضبان بنسبة 15 في المائة.