حكومات مصر المتعاقبة رسبت في اختبار محو الأمية

08 سبتمبر 2018
فشلت الحكومات المصرية في التصدي للأمية (Getty)
+ الخط -
في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" الصادر سنة 1937، شرح الأكاديمي والأديب المصري الراحل، طه حسين (1889- 1973)، خطورة اقتصار التعليم الابتدائي على محو الأمية دون فتح أرواح وعقول وأبدان التلاميذ بتعلّم الآداب والفنون واللغات الأجنبية والرياضة البدنية، وكيف أن هذا النوع من التعليم المنغلق ينتج ما نحن فيه.

لكن الحكومات المتعاقبة في مصر لم تفهم الدرس. إذ تدشن كل حكومة جديدة حملة لمحو الأمية، وتخصص لها موازنات، وتشرك بها وزارات، ثم تعلن تراجع نسب الأمية في تقاريرها الختامية، دون أن تدرك أن تلك الجهود حصيلتها والعدم سواء.
احتلت مصر في 2010 المرتبة السابعة بين أسوأ عشر دول على مستوى العالم من حيث نسبة الأمية، بحسب التقرير التربوي العالمي الذي يصدر سنويا من منظمة اليونسكو لمتابعة أهداف التعليم للجميع.

قبل ثورة يناير 2011، أطلقت حكومة أحمد نظيف، "المشروع القومي لمحو أمية السيدات". بخلاف عشرات المبادرات التي أطلقتها مؤسسات وشركات ومنظمات وجمعيات، ومبادرات كانت المحافظات تطلقها.
وفي 2012، دشن وزير الشباب في عهد الرئيس المصري المعزول محمد مرسى، أسامة ياسين، مبادرة لمحو الأمية، بمشاركة مؤسستي "صناع الحياة"، و"تروس" للقضاء على الأمية خلال عام 2013. كما شهد العام نفسه حملة أخرى أطلقتها رئاسة الجمهورية، لمحو أمية مليون شخص خلال عام واحد، بمشاركة جميع الوزارات.

وفي 2014، أطلق وزير الشباب والرياضة وقتها، خالد عبدالعزيز، حملة شعارها "المليون لمحو الأمية"، شارك فيها الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، والهيئة القبطية الإنجيلية، وممثلون عن وزارة القوى العاملة، والعديد من الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني.
في 2016، أطلق الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، مبادرة "مصر بلا أمية" لمحو الأمية في محافظات مصر، وأمر أن تقدم الحكومة كل التسهيلات لإنجاز المبادرة خلال عام، وفقا لخطة يضعها شباب الأحزاب.

في 2012، أظهر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي، أن نسبة الأمية للأفراد تراجعت إلى 26.1 في المائة مقابل 29.7 في المائة في 2006، ليصل عدد الأميين إلى 16.5 مليون نسمة. وفي 2017، أظهرت نتائج تعداد السكان التي أعلنها الجهاز نفسه، ارتفاع عدد الأميين في مصر إلى 18.4 مليون شخص، بزيادة 1.4 مليون شخص.


ورغم أن رئيس الجهاز أرجع هذه الزيادة إلى "الزيادة الكبيرة" في عدد السكان، إلا أن دراسة صادرة عن الجهاز كشفت خلاف ذلك. ففي يوليو/تموز الماضي، أعد الجهاز دراسة تفصيلية حول حجم الأمية في مصر خلال الفترة من 1996 إلى 2017، أظهرت انخفاض نسبة الأمية بين الأطفال من 16 في المائة عام 1996، إلى 4.5 في المائة عام 2006، بينما اتجه معدل الأمية إلى الزيادة مع ارتفاع العمر، حيث ارتفع إلى 28 في المائة بين الفئة العمرية 35 إلى 39 سنة، ثم إلى 38.8 في المائة بين الفئة العمرية 45 إلى 49 سنة.

وكشفت الدراسة زيادة معدل الأمية إلى 46.9 في المائة بين الفئة العمرية من 50 إلى 54 سنة، وإلى أكثر من 50 في المائة بين الفئات العمرية الأكبر من 55 سنة، أي أن النسبة الأكبر التي تسهم في زيادة نسبة الأمية لا علاقة لها بزيادة المواليد، بل بالفئات العمرية الأكبر.


وارتفع الإنفاق على التعليم من 103.7 مليارات جنيه في موازنة 2016/2017 إلى 107.1 مليارات جنيه عام 2017/2018، ووصل إلى 115.7 مليار جنيه في الموازنة الجديدة 2018/2019. في الوقت الذي تجاوز فيه معدل التضخم 13 في المائة، وارتفع بين العام الماضي والعام الحالي بنسبة 8 في المائة، بما يعكس انخفاض الإنفاق على التعليم رغم زيادة عدد المدارس وعدد التلاميذ.

دلالات
المساهمون