فساد انتخابي في السويد... مساومات لمرشح على بناء مسجد

07 سبتمبر 2018
فضيحة فساد انتخابي في السويد (ناصر السهلي)
+ الخط -
كشف تحقيق عرضه التلفزيون السويدي الرسمي (إس في تي)، تفاصيل مساومة انتخابية قامت بها جمعية إسلامية في جنوب العاصمة استوكهولم، عرضت فيها على مرشح حزب الاعتدال (ليبرالي محافظ) ضمانها تصويت نحو 3 آلاف من الجالية المسلمة الكبيرة، مقابل تصويت الحزب لبناء مسجد في المدينة.

وجاء الكشف المثير قبل يومين من الانتخابات العامة السويدية ليزيد الصورة ضبابية حول التنافس الحزبي ومفهوم المشاركة الديمقراطية في أوساط المهاجرين.

وأظهر التحقيق التلفزيوني أن "مرشح حزب البيئة الخضر (يسار) لمجلس بلدية المدينة، علي خليل، كان وسيطاً في اجتماع سري جرى في المسجد، بين مسؤولي الجمعية الإسلامية ومنافسه مرشح حزب الاعتدال، لمنح المنافس فرصة الحصول على أصوات مسلمي المدينة"، وفي الاجتماع قال إمام المسجد، بحضور خليل، إنه قادر على توجيه المصلين إلى التصويت للاعتدال إذا وافق الحزب على التصويت في البلدية لمصلحة بناء مسجد جديد.

وأثار التحقيق الذي استخدمت كاميرا سرية لتصويره، ومدته 14 دقيقة، سجالاً كبيراً، واعتبر ما جاء فيه صفقة لمنح المنافس أصواتاً بشكل غير ديمقراطي. وقالت مرشحة يمين الوسط، ستينا لوندغرين: "لو جرى الاتفاق، لاعتبر انقلاباً حقيقياً في توجهات جمعية مسجد ألبو، والتي تعتبر تاريخياً داعمة لتحالف اليسار، لتصبح محسوبة على يمين الوسط".

وشاركت لوندغرين، وسكرتيرتها، في الاجتماع السري في أواخر يوليو/ تموز الماضي، وقالت إنها أصيبت بالصدمة من تحول اجتماع عادي لمناقشة أمور المدينة والانتخابات إلى مساومة بحضور منافس يمثل الحزب اليساري. وذكرت لوندغرين بعد أن فُضحت المساومة، أن "الإمام والإدارة قالوا إنهم سيحثون في صلاة الجمعة الناخبين على التصويت لحزب الاعتدال، ما سيغير وجه أكبر بلديات ضواحي جنوب العاصمة".

وفي ردها على سؤال معدي التحقيق التلفزيوني حول ما إذا كان "العرض مغرياً جداً بعد أن بقيتم 24 سنة في المعارضة؟"، قالت: "رغم ذلك، فتلك مسألة ديمقراطية، نريد أن يذهب الناس لصناديق الاقتراع للتصويت بحرية. نريد خوض انتخابات ديمقراطية، ولذلك رفضنا الأمر تماماً، لكن بطريقة ودية حتى لا يتحول الأمر إلى مواجهة قد تنتهي بتأجيج الناخبين ضدنا".

واتهم التحقيق عضو مجلس المدينة عن حزب البيئة، علي خليل، والذي يشغل مناصب عديدة، بالضلوع في محاولة المساومة، وقام معدو التحقيق بتوثيق الأمر من خلال قيام السياسي من الحزب المحافظ، جيمي باكر، بعد فترة من اجتماع المسجد، بالاتصال بخليل لمعرفة "ما إذا كان العرض لا يزال قائماً".
وفي الاتصال سأل جيمي باكر المرشح خليل عما إذا كان يمكن عقد اجتماع جديد لمناقشة حصول المحافظين على أكبر عدد من الأصوات من خلال المسجد، فأكد خليل أن "الناخبين المسلمين الذين يحضرون لصلاة الجمعة لديهم استجابة كبيرة لما يطلبه الإمام، فإذا قال إن حزب الاعتدال هو الأفضل فسيصوت الناس للحزب".

وبالفعل، حاول خليل ترتيب لقاء جديد لخصومه مع المسجد، بحسب طلب باكر، وأظهر التحقيق محاورته لأحد مسؤولي المسجد، والذي صُوّر بكاميرا سرية، لتجديد طلب مكان لبناء مسجد جديد مقابل ضمان ما بين 500 إلى 1000 صوت للحزب من خلال التوجيه عبر خطبة الجمعة.

وأثار تصرف خليل غضب حزبه السياسي، بعد عرض التحقيق التلفزيوني، حيث اعتبرت السكرتيرة العامة الحزب، أماندا ليند، ما جرى "مدعاة للشجب التام. نرفض تماماً هذا السلوك غير الديمقراطي، تواصلنا مع خليل وطلبنا منه مغادرة كل مناصبه على الفور، وسنشرع بإقصائه من الحزب".​

المرشح المتهم علي خليل (ناصر السهلي) 


ومن بين ما أثار الحنق الشعبي أن المساوم (خليل) عينته البلدية مقابل راتب لمساعدة الناخبين على المشاركة الديمقراطية في الانتخابات، ما يعني أن عليه ممارسة مهمته بتجرد دون توصية بالتصويت لحزب معين.

وقال خبير الانتخابات، بو روثستاين، للتلفزيون السويدي: "لم أصادف مطلقاً في السويد حالة يجري فيها ترتيب سري لتغيير مسار التصويت واتجاهاته. هذا فساد سياسي، وهو مثل واضح على كيف يتم شراء الأصوات، والأكثر غرابة أن يعمل معارض لصالح منافسيه كوسيط باقتراحه حلولاً لوضع معارضي حزبه في موقع السلطة في بلديته".
دلالات