كاميرا "العربي الجديد" قامت بجولة في مستشفى "22 مايو"، بالعاصمة اليمنية صنعاء، واستقت آراء أطباء، ورصدت مشاهد مؤلمة لأمهات مكلومات بمرض فلذات كبدهن، ومرضى ينتظرون دورهم في العلاج.
ويقول أطباء لـ"العربي الجديد"، إنّ "المستشفى يستقبل مئات الحالات الجديدة كل يوم، حتى امتلأت الأقسام بالمرضى وأقاربهم اليائسين الذين تنطق وجوههم بحزن شديد من هول الصدمات المتلاحقة ببلدهم وأولادهم".
ولكثرة المرضى، نصبت خيام خارج المستشفى لتوفير "أسِرة" إضافية، لكن مع كثرة الحالات يعالج الناس في الأماكن المتاحة فقط، لدرجة أن المريض ينام على الأرض ويتم تزويده بمحلول وذلك لإنقاذه بدلا من عودته إلى بيته.
وتقول الدكتورة فائدة عمر، التي تعمل بالمستشفى "يتم استقبال أكثر من 60 حالة مرضية يومياً، بل تتزايد الحالات يوما بعد آخر"، موضحة أن الاحتياجات كثيرة لكن الموارد محدودة للغاية". وتتابع "لا يمكنك أن تتخيل الخوف الذي نراه في عيون الأمهات بعد إصابة أطفالهم بالمرض، وفي بعض الحالات نضع 4 أطفال بسرير واحد".
أما عن المناطق النائية، فتوضح الدكتورة فائدة، أن الوضع في تلك المناطق أصعب بكثير، فالأسر لا تستطيع أن تتحمل تكاليف السفر إلى المستشفيات في المدن، والمريض الذي يصل إلى المستشفى يتخوف من دخوله لعدم امتلاكه المال، مشيرة إلى أن الفقر منتشر بشكل كبير، بل إن معظم الأسر صرفت جميع ما تمتلك في الأعوام الماضية بسبب الحرب الدائرة.
وتحكي المواطنة اليمنية فوزية شوقي صالح من منطقة حرض بمحافظة حجة، المعاناة التي تكبدتها أسرتها جراء الإصابة بمرض الكوليرا. تقول: "لم نستطع إنقاد أم زوجي التي فارقت الحياة بسبب عدم امتلاكنا المال لعلاجها، بعدها أصيبت بقية الأسرة بالكوليرا". وتضيف فوزية، أن عدد المصابين بالمرض من الأسرة 7 أشخاص، قام "فاعل خير بنقل ثلاثة منهم إلى المستشفى"، تقول.
وتلفت المتحدثة إلى أن سبب مرض الأسرة بالكوليرا هو تنقل الحشرات من القمامة إلى المنازل، في غياب أي اهتمام من الجهات المعنية بالنظافة.
من جهته، يوضح مدير المستشفى إبراهيم الأخفش، أنّ الكوليرا التي تنتشر عن طريق تناول طعام أو ماء ملوث، أو الحشرات، وتؤدي إلى حدوث إسهالات حادة يمكن أن تقتل الإنسان في غضون ساعات، ويساعد على بقاء بكتيريا الكوليرا على قيد الحياة تلوث مصادر الماء خلال موسم الأمطار، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة في صنعاء قد أعلنت الإثنين الماضي وفاة 9 أشخاص جراء إصابتهم بالكوليرا.
ويشير إلى تفاقم تفشي الوباء في اليمن خلال سنوات الحرب التي دمرت الخدمات الصحية، وهجرت الملايين من المواطنين، بل ودفعت بالبلاد إلى حافة المجاعة.
ويعاني اليمن، من تبعات حرب أهلية ويشن التحالف السعودي الإمارتي منذ أواخر مارس/آذار 2015 حملة عسكرية، وذلك عقب استيلاء الحوثيين على السلطة الشرعية في اليمن والإطاحة بالرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فإن الحرب في اليمن أسفرت حتى أغسطس/آب الماضي عن مقتل 6592 شخصاً وإصابة 10470 آخرين، موضحًا أن غالبية هذه الإصابات نتيجة الغارات الجوية التي قام بها التحالف بقيادة السعودية.