الجفاف يستهدف الجنوب الباكستاني

12 سبتمبر 2018
الجفاف يتمدد (محمد سميح أوغورلو/ الأناضول)
+ الخط -
لا يمرّ عام إلا وتشهد فيه منطقة تهر باركهر ومناطق أخرى مجاورة في إقليم السند جنوب باكستان، كارثة إنسانية، بسبب الجفاف. في هذا العام، وكما هي الحال دائماً، تعاني المنطقة من جفاف حاد، بحسب ما تؤكد إدارة الصحة التي توضح أنّه منذ بداية موسم الصيف توفي 270 طفلاً بسبب الجفاف والأمراض المرتبطة به، علاوة على الحرّ الشديد.

وقد أفادت مصادر طبية بأنّ 31 طفلاً توفوا خلال الأسبوع الماضي على خلفية الجفاف والحرّ الشديدَين، مشيرة إلى أنّ في المستشفى المركزي الواقع في منطقة ميتهي توفي خلال الشهر الماضي أكثر من 20 طفلاً، وما زال عدد كبير من الأطفال تحت العلاج. ويأتي النقص الشديد في الأدوية والغذاء اللذَين يحتاجهما الأطفال المرضى، ليفاقم من حدّة المعضلة على الرغم من وعود الحكومة المتكررة بالتوجّه إلى منطقة تهر التي يعاني سكانها في كلّ مناحي الحياة بسبب عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بهم على مر التاريخ. ويشكو منظور شاه جي، وهو من سكان منطقة تهر، قائلاً: "نحن نسكن في منطقة تعاني طوال العام من القحط والفقر والبطالة، لكنّ الأزمة تشتد وتتفاقم في موسم الحر، إذ إنّ الآبار تفرغ من المياه. والمعروف أنّنا نعتمد كلياً على تربية المواشي، والجفاف الشديد يؤدّي إلى قتل مواشينا وإفقارنا قبل أن يقضي علينا وعلى أولادنا".



تشير إدارة الصحة في السند إلى أنّ 275 طفلاً توفوا منذ بداية العام الجاري، بسبب تفشي الأمراض المعدية والقحط وفقدان الأدوية والأغذية المناسبة في تهر. لكنّ عدد الوفيات بالنسبة إلى سكان المنطقة هو أكبر، ويشددون على أنّ رقم الإدارة يشمل فقط الذين فارقوا الحياة في المستشفى المركزي الوحيد وفي المناطق القريبة منه.

في السياق، يقول الدكتور أخلاق أحمد ميمن، وهو مسؤول في إدارة الصحة، إنّ "معاناة سكان منطقة تهر كبيرة ونحن في حاجة إلى عمل دؤوب ومنسّق بين الإدارات المختلفة. فقضية الجفاف ليست القضية الوحيدة التي تعاني منها المنطقة، وثمّة مشاكل كثيرة مثل فقدان المراكز الطبية والرعاية الصحية والوضع المتدني لقطاع التعليم. أبناء تهر بمعظمهم محرومون من التعليم، فلا مدارس ولا مراكز تعليمية هناك". يضيف ميمن في تصريح صحافي، أنّ "تلك المشاكل كلها تتعلق بإدارات مختلفة، من هنا ثمّة حاجة ماسة إلى التنسيق بين تلك الإدارات.

لكنّنا في الوقت الراهن في حاجة إلى العمل العاجل في قطاع الصحة وإيصال المساعدات العاجلة إلى المتضررين لأنهم مهددون بالموت". ويذكر أنّه في أثناء زيارته المستشفى المركزي في منطقة ميتهي، لاحظ أنّ "سوء التغذية والحرّ الشديدَين من أبرز أسباب ارتفاع وتيرة الوفيات لدى الأطفال. كذلك فإنّ الأهالي يشكون من عدم وصول الأدوية اللازمة إلى أطفالهم المرضى".



من جهته، يلقي الطبيب سيد أمير علي شاه من المستشفى المركزي، كلّ اللوم على الحكومة، قائلاً إنّ "المشكلة الأساسية هي في عدم اهتمام الحكومة بالمنطقة عموماً وبقطاع الصحة فيها خصوصاً. على سبيل المثال، يصل عدد الممرضات في المستشفى المركزي إلى تسع، بينما تشير الأوراق المتوفّرة لدينا إلى 19. كذلك، ثمّة طبيبة واحدة متخصصة في أمراض النساء في المستشفى المركزي، في حين يصل عدد سكان المنطقة إلى نحو 1.6 مليون نسمة".

وكانت محكمة السند قد أرسلت وفداً برئاسة القاضي مخداس جياني في شهر إبريل/ نيسان الماضي، لزيارة المنطقة كلها. وفي تقرير له عن المستشفى المركزي، أشار الوفد إلى غياب الأطباء والممرضين، موضحاً أنّه لم يجد أيّ اختصاصي في المختبر، ومؤكداً أنّ في ذلك جريمة. أضاف أنّ ثمّة مختبراً غير حكومي هناك، وتعطيل المختبر في المستشفى الحكومي يأتي بالتنسيق مع المختبر الخاص. بالتالي، فإنّ الأمر يدلّ على فساد في القطاع.

ويبين التقرير أنّ سكان المنطقة يشكون من عدم توفّر سيارات إسعاف، وقد أوضحوا أنّهم يحتاجون أحياناً إلى نقل مرضى إلى مدينة كراتشي ومدينة حيدر أباد، غير أنّ عدم توفّر سيارات يضطرهم إلى استئجار سيارات خاصة.
المساهمون