أزمة رفع سن التقاعد مستمرة في تونس

19 يوليو 2018
لم تعد قادرة على العمل (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

بدأ البرلمان التونسي جولة جديدة من النقاش حول تمديد سن التقاعد، بين رافضين ومتمسكين بهذا الخيار، كحلّ لتجاوز أزمة الصناديق الاجتماعية التي شارفت على الإفلاس.

وبدأت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية في مجلس نواب الشعب مناقشة قانون جديد قدّمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد تحت عنوان إصلاح الصناديق الاجتماعية في وقت قرر فيه سحب القانون السابق، الذي رفضه الاتحاد العام التونسي للشغل ونواب المعارضة البرلمانية بشدة.

وطرح الشاهد قانوناً جديداً لتنقيح قانون عام 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العام، يضيف عامين إلى السن القانونية للتقاعد، ما يعاني أن التقاعد من الوظيفة سيكون في عام 62 مع استثناءات في عدد من الوظائف والمهن الشاقة والأسلاك الأمنية والعسكرية.

وشهد القانون الحكومي الخاص برفع سن التقاعد رفضاً غير مسبوق، وقد أجج الاحتقان والخلاف بين الحكومة والأطراف الاجتماعية وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل.

ويُحاول البرلمان المماطلة وعدم اتخاذ قرار بين المطلب الحكومي الذي يؤيّد الإسراع في تمرير القانون لما فيه من فائدة اقتصادية ومالية للبلاد، إضافة إلى التزاماتها مع المانحين في الخارج، في وقت يرى اتحاد الشغل أن في ذلك استغلالا لهم بعد سنوات من العمل والتضحية، من خلال تحميلهم ضريبة أخطاء التصرف الحكومي.

ويشير الوزير لدى رئيس الحكومة المكلّف متابعة الإصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي، إلى ضرورة تمرير هذا المشروع لرفع عجز الصناديق الاجتماعية التي ستتجاوز 6 آلاف مليون دينار في قسم جرايات التقاعد مع حلول عام 2029، في حال واصلت السلطات التونسية تطبيق قانون 1985 والعمل بالإجراءات المعمول بها حالياً.

ويبيّن الوزير الذي حضر إلى لجنة الشؤون الاجتماعية مع الكاتب العام للحكومة للدفاع عن مقترح الحكومة، أن البلاد سجلت عجزاً على مستوى الصناديق الاجتماعية في الجرايات منذ عام 2015، مشيراً إلى أنّ العجز بلغ خلال عام 2017 ما قيمته 600 مليون دينار، في حين رصد ما قيمته 300 مليون دينار فقط لتسديد عجز الصناديق في سداد الجرايات موازنة 2017.

وردّاً على اتهامات المعارضة عدم إشراك الفاعلين الاجتماعيين في قرارات مصيرية تهمّ المجتمع التونسي بأسره، يبيّن الراجحي أنّ الحكومة مقتنعة بأن الإصلاح لا يكون إلا بالاشتراك مع الأطراف الاجتماعية. ويشير إلى أنها اعتمدت في إعداد هذا القانون منهجية تشاركية مع الأطراف الاجتماعية المعنية، مؤكداً أن حكومة الشاهد سعت إلى رفع إتفاق موقّع من الجميع إلى مجلس نواب الشعب. 



في هذا السياق، يشير الوزير إلى التوافق مع الأطراف الاجتماعية على جملة من الإصلاحات سيكون لها انعكاسات إيجابيّة في تغطية عجز الصناديق، منها الترفيع الإجباري في سن التقاعد بسنة في 2019، وسنتين في عام 2020، وثلاث سنوات اختيارياً. وحصل توافق على مراجعة الجرايات، إضافة إلى الترفيع في المساهمات بنسبة 3 في المائة، ومراجعة احتساب الأجر المرجعي ليصبح 3 سنوات بدءاً من عام 2018.

وفي إجابته عن أسباب عجز الصناديق الاجتماعية والوضع الذي بلغته اليوم، تحدث عن تطور المؤشر الديموغرافي للنظام العام في القطاعين العام والخاص، ونظام الإجراءات في القطاع غير الفلاحي (بمعنى الفارق بين المتقاعدين والنشيطين). يضيف أن 40 في المائة من المتقاعدين يتمتعون بصفة آلية بـ"التنفيل"، ما يمكنهم من الحصول على الترفيع في قيمة الجراية بـ 10 في المائة.

ويؤكد رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان، سهيل العلويني، لـ"العربي الجديد"، أن البرلمان سيوسع المشاورات حول هذا القانون المصيري، مؤكداً الاستماع إلى رأي الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، ووزير الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة وعدد من الأطراف المعنية.