تلاميذ يخضعون للامتحانات باليمن من دون استكمال مناهجهم

02 يوليو 2018
اليوم الأوّل من امتحانات صنعاء (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -

يخوض 469 ألفاً و198 تلميذاً وتلميذة في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين امتحانات الشهادة العامة، بعدما أعلنت وزارة التربية والتعليم اليمنية في صنعاء عن استكمال كل الترتيبات لتلك الامتحانات.

بدأ تلاميذ الشهادة العامة باليمن، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين أو في مناطق الحكومة الشرعية، امتحانات نهاية العام الدراسي في ظل انقسام المحافظات اليمنية بين إدارتَين تعليميتين في كلّ من صنعاء وعدن، وعقب عام دارسي صعب على خلفيّة الحرب الدائرة في البلاد. فتلك الحرب وتبعاتها، لا سيّما انقطاع رواتب المدرّسين، تسببت في عدم استكمال المقررات في مختلف المستويات الدراسية في مناطق سيطرة الحوثيين.

وتلاميذ الثانوية العامة وكذلك الصفّ الثالث الإعدادي بدأوا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، امتحاناتهم النهائية أوّل من أمس، السبت، موزّعين على ثلاثة آلاف و373 مركزاً، منها ألفان و288 مركزاً أساسياً. يُذكر أنّ التلاميذ في المناطق الخاضعة للشرعية بدأوا امتحاناتهم أمس، الأحد. في "ثانوية عمر المختار الكبرى" بصنعاء، يشعر أكرم عبد الرب بخوف وقلق واضطراب، بحسب ما يقول. يضيف لـ"العربي الجديد": "أتساءل دائماً هل نسير في الطريق الصحيح؟ لم نكمل المناهج الدراسية وها نحن نخوض الامتحانات النهائية. كيف تكون أسئلة المواد العلمية تحديداً؟ كيف يكون مستقبلنا؟". ويشير إلى أنّ العام الدراسي كان صعباً، وهو يعتمد على نفسه في فهم الدروس النظرية.

ويتابع أكرم: "لم نكمل مقررات كل المواد، فعدد كبير من المدرّسين لا يداومون بسبب عدم صرف رواتبهم"، لافتاً إلى أنّ "بعض المدرّسين عمدوا إلى تكثيف الدروس خلال الأسابيع الماضية بعد تغيّبهم معظم العام. وقد ضاعف ذلك معاناتنا لأنّنا لم نفهم تلك الدروس بمعظمها". ويؤكد عدم حرص المدرّسين على شرح الدروس بالطرق المثلى التي تساعد على استيعاب الدروس والمعلومات.




من جهتها، تقول يسرى سمير، وهي تلميذة في الصف التاسع أساسي في "ثانوية السيدة زينب للبنات" بصنعاء، إنّ الوضع الذي تعيشه مع زملائها في ظل الانقطاع التام للتيار الكهربائي لا يساعد على المذاكرة. وتشير يسرى لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "جزءاً بسيطاً فقط حُذِف من المنهج الدراسي، لكنّ المدرّسين لم يشرحوا المقرر كاملاً بسبب تغيّبهم عن المدرسة". وتسأل: "كيف تعتمد وزارة التربية والتعليم مقرراً وتخضعنا للامتحان على أساس ما جاء فيه من دون أن نكون قد تلقينا الدروس الخاصة به في الأساس؟".

وتزيد الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعاني منها أسر يمنية كثيرة من معاناة تلاميذ الثانوية العامة الذين يضطرون إلى قطع مسافات طويلة سيراً على الأقدام قبل الوصول إلى قاعة الامتحانات. محمد عبد الله، من هؤلاء وهو مضطرّ إلى قطع أكثر من أربعة كيلومترات سيراً على الأقدام ليصل إلى قاعة الامتحان. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّه "من الصعب عليّ توفير كلفة الانتقال إلى مركز الامتحانات البعيد عن منزلي"، مشيراً إلى أنّه يصل إلى قاعة الامتحان منهكاً كلياً. يضيف عبد الله: "أسهر للمذاكرة حتى ساعة متأخرة من الليل، وفي الصباح أتوجّه إلى المركز وأنا أشعر بالحاجة للاستلقاء نتيجة التعب. على الرغم من ذلك، أخضع للامتحان وأبذل كل جهدي، وأتمنى من وزارة التربية والتعليم أن تتفهم ظروفنا وأوضاعنا".

في السياق، يصف التربوي في مكتب التربية والتعليم في تعز، محمد حسان، التعليم في اليمن والوضع الذي يعانيه تلاميذ الشهادة العامة بـ"الأصعب منذ فترة طويلة". ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أنّ "عدم استكمال المناهج الدراسية من أبرز المشكلات التي يواجهها التلاميذ اليوم". يضيف حسان أنّ "عدد المدرّسين تقلّص بصورة كبيرة جداً، في حين أنّ المدرّسين المتطوّعين لم يكونوا بالمستوى المطلوب في ما تعلّق بإيصال المعلومات إلى التلاميذ، الأمر الذي انعكس سلباً على مستواهم التعليمي". ويشير إلى أنّ "تلاميذ المرحلة الثانوية يعانون من جرّاء الانقسام الحاصل في الإدارة التربوية بين صنعاء وعدن، إذ إنّ كل طرف من أطراف الصراع يقرّ سلسلة من الإجراءات المرتبطة بالعملية التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرته". ويؤكد أنّ "هذا الانقسام الحاصل في القطاع التعليمي في اليمن، سوف تكون له عواقب وخيمة على التلاميذ في كل المحافظات وينعكس سلباً على مستقبلهم الدراسي".




إلى ذلك، يتحدّث مدير مركز الإعلام التربوي (منظمة غير حكومية) محمود الحميري عن "الانقسام الحاصل في التعليم باليمن من جرّاء الحرب والذي أثّر على نفسية التلاميذ بعدما تدخلت التوجهات السياسية في حرف بوصلة التعليم واعتماد نظامَين بين صنعاء وعدن وكذلك بالنسبة إلى الامتحانات". ويؤكد الحميري لـ"العربي الجديد"، أنّ المخالفات التي حصلت في تغيير المناهج الدراسية "تُعَد كارثة في كل المقاييس"، قائلاً إنّ "الاختلالات الكبيرة التي ترافق عملية الاختبارات في المدارس تفقد التعليم قيمته". يضيف أنّ "الوضع التعليمي الخطير في اليمن قد يجعله خارج المعايير الدولية الخاصة بالتعليم"، مشيراً إلى أنّ "الاختبارات العامة تأتي في ظلّ وضع تعليمي هشّ، فلا مدرس ولا كتاب مع استمرار المواجهات العسكرية في عدد من المحافظات. وكلّ ذلك يولّد ضغوطاً نفسية كبيرة على التلاميذ ويربك أداءهم في امتحانات نهاية العام، لا سيّما تلاميذ الثانوية العامة. إنهم في نهاية مرحلة تعليمية". ويشدد الحميري على "أهمية العمل من أجل إنجاح الامتحانات وعدم ترك التلاميذ ضحايا للصراع السياسي".