"سوف أصبح طبيبة نفسية لأعالج الأطفال السوريين". هذا ما صرّحت به إعلامياً تسنيم حسون، وهي طفلة سورية متفوقة دراسياً. وتسنيم كانت قد لجأت قبل سنوات إلى إقليم هاتاي التركي مع عائلتها، نتيجة الحرب المشتعلة في سورية
عندما قصدت أم حسن الحلبية مركز الرضوان الطبي في حيّ الفاتح بمدينة إسطنبول، وشكت لطبيب الأطفال أنّ ابنها رامي البالغ من العمر تسع سنوات ما زال يتبوّل في فراشه ليلاً، أجابها الطبيب السوري زكريا أصلان أنّها "حالة طبيعية وإن كانت صعبة، وتحتاج وقتاً طويلاً للشفاء". والتبوّل اللاإرادي بحسب أصلان يتكرر لدى الأطفال السوريين في تركيا، مثلما تتكرر حالات الذعر الليلي وعدم القدرة على التعلم والاندماج وغيرها من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة أو اضطراب الكرب التالي للرضح. ويشير لـ"العربي الجديد" إلى "تضاعف في نسب إصابة الأطفال السوريين بصدمات أو أمراض نفسية بالمقارنة مع ما كنّا نشهده ونعالجه في سورية. ونحوّل تلك الحالات عادة إلى عيادات نفسية".
اقــرأ أيضاً
تفيد دراسة صادرة أخيراً عن مستشفى "بينديك" للأبحاث في مدينة إسطنبول، بأنّ ستّة أطفال سوريين من بين كلّ 10، يعانون مرضاً نفسياً واحداً على أقلّ تقدير، نتيجة الصدمات والقلق منذ مغادرتهم سورية. ويؤكد الطبيب التركي ويسي تشيري وهو أحد الأطباء الذين أعدّوا الدراسة، أنّ نحو 60 في المائة من الأطفال السوريين اللاجئين يعانون أمراضاً نفسية ناتجة عن الصدمات التي تعرّضوا لها في سورية. ويكشف تشيري أنّ فريق البحث أجرى أربع دراسات استقصائية منذ عام 2014 حول الأطفال اللاجئين الذين تتراوح أعمارهم ما بين سبعة أعوام و17 عاماً وقد أظهرت الدراسات أنّ اضطراب ما بعد الصدمة (أو اضطراب الكرب التالي للرضح) بالإضافة إلى الاكتئاب هما الأكثر شيوعاً لدى الأطفال والأكثر تأثيراً على الوظائف الاجتماعية لدى الأطفال المصابين. وتشيري الذي يوضح أنّ ثمّة أطفالاً يخشون الخروج من البيت، والذين يذهبون إلى المدرسة لا يستطيعون التركيز على دراستهم، يشدّد على أنّه في حال لم تُعالج هذه الحالات فإنّه الخطر سوف يطاول جيلاً بأكمله. وهؤلاء منذ الآن، يعانون من مشكلات خطيرة في التفاعل الاجتماعي والتعليمي والأسري.
في السياق، تقول المرشدة النفسية في مدرسة إسكندر باشا في إسطنبول، أمنية تورك، إنّ "الحالات النفسية تتزايد بين التلاميذ السوريين، لا سيّما الصعوبات التعلمية وفرط الحركة والخوف الشديد والاكتئاب". وتعيد ذلك إلى "الظروف الاجتماعية في بلاد اللجوء وما تركته الحرب وتبعاتها من مشاهد وذكريات لدى الأطفال". وتشير تورك لـ"العربي الجديد" إلى أنّ دورها وسواها من المرشدين يقتصر على العلاج السلوكي أو على الإرشاد، لكن ثمّة حالات تُحوَّل إلى مراكز العلاج النفسي أو العيادات المتخصصة".
وعن سبب ارتفاع نسبة الأطفال السوريين المصابين بحالات نفسية، يجيب الطبيب المتخصص في الأمراض النفسية والعقلية، محمد الدندل، في إسطنبول، أنّ "الأطفال السوريين بمعظمهم، وخصوصاً الذين يعيشون في المخيمات أو الذين يعيشون وسط ظروف مالية سيّئة، يعانون من الفقر والتشرّد. وهؤلاء ربّما يجبرهم ذووهم على العمل حتى يساعدوهم في إعالة أسرهم، الأمر الذي يعني أنّهم عرضة للمرض النفسي". يضيف لـ"العربي الجديد": "وهذا في حال لم نأخذ بعين الاعتبار، الذين شهدوا من بينهم الحرب والقصف أو القتل داخل سورية. فتلك المشاهد تؤثّر في لاوعي الطفل، ومن الممكن أن تخرج نتيجة أيّ نكئ". ويرى الدندل أنّ تزايد عدد الأطفال المصابين أمر منطقي، "نظراً إلى استمرار ظروف تعزيز الإصابات أو خلق إصابات جديدة". ويأسف الدندل لأنّ نسبة السوريين الذين يقصدون عيادته لمعالجة أطفالهم قليلة، معيداً ذلك إلى "الوضع المالي والفهم الخاطئ للمعالجة النفسية. هم يخشون أن يُقال عن أولادهم مجانين، وهذه أبرز أسباب الإحجام عن معالجة هؤلاء الصغار". ويؤكد أنّ "الإصابة سوف تتفاقم مع الإنكار والمكابرة أو مع الاكتفاء بالمعالجة الفيزيولوجية".
إلى ذلك، يرى الدندل أنّ "التعنيف الأسري والحالات الصعبة وعدم تقبّل المجتمع التركي لبعض السوريين، كلذ ذلك يضع الطفل خصوصاً في حالة نفسية هشّة. وهو الأمر الذي يزيد من حالات الإصابة بأمراض نفسية". ويحذّر من "جيل مصاب بالاكتئاب والقلق والوسواس القهري وغيرها في حال استمرار الأحوال السيّئة في مواجهة السوريين، سواء في تركيا أو في دول اللجوء الأخرى".
اقــرأ أيضاً
تجدر الإشارة إلى أنّ إحصائيّة رسمية تقدّر عدد الأطفال السوريين في المدارس التركية، بنحو 610 آلاف طفل، أكثر من نصفهم، أو هكذا يفترض، مصابون بأمراض نفسية أو يعانون من رضوض ولديهم استعداد لتفاقم حالاتهم. بالتالي، ربّما تكون المدارس البيئة الأهمّ لدراسة "المرض النفسي عند الأطفال السوريين". يُذكر أنّ وزارة الداخلية التركية ودائرة الهجرة التابعة قد كشفتا أخيراً، أنّ عدد السوريين في تركيا حتى نهاية الربع الأول من عام 2018، تجاوز ثلاثة ملايين و424 ألف لاجئ سوري.
عندما قصدت أم حسن الحلبية مركز الرضوان الطبي في حيّ الفاتح بمدينة إسطنبول، وشكت لطبيب الأطفال أنّ ابنها رامي البالغ من العمر تسع سنوات ما زال يتبوّل في فراشه ليلاً، أجابها الطبيب السوري زكريا أصلان أنّها "حالة طبيعية وإن كانت صعبة، وتحتاج وقتاً طويلاً للشفاء". والتبوّل اللاإرادي بحسب أصلان يتكرر لدى الأطفال السوريين في تركيا، مثلما تتكرر حالات الذعر الليلي وعدم القدرة على التعلم والاندماج وغيرها من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة أو اضطراب الكرب التالي للرضح. ويشير لـ"العربي الجديد" إلى "تضاعف في نسب إصابة الأطفال السوريين بصدمات أو أمراض نفسية بالمقارنة مع ما كنّا نشهده ونعالجه في سورية. ونحوّل تلك الحالات عادة إلى عيادات نفسية".
تفيد دراسة صادرة أخيراً عن مستشفى "بينديك" للأبحاث في مدينة إسطنبول، بأنّ ستّة أطفال سوريين من بين كلّ 10، يعانون مرضاً نفسياً واحداً على أقلّ تقدير، نتيجة الصدمات والقلق منذ مغادرتهم سورية. ويؤكد الطبيب التركي ويسي تشيري وهو أحد الأطباء الذين أعدّوا الدراسة، أنّ نحو 60 في المائة من الأطفال السوريين اللاجئين يعانون أمراضاً نفسية ناتجة عن الصدمات التي تعرّضوا لها في سورية. ويكشف تشيري أنّ فريق البحث أجرى أربع دراسات استقصائية منذ عام 2014 حول الأطفال اللاجئين الذين تتراوح أعمارهم ما بين سبعة أعوام و17 عاماً وقد أظهرت الدراسات أنّ اضطراب ما بعد الصدمة (أو اضطراب الكرب التالي للرضح) بالإضافة إلى الاكتئاب هما الأكثر شيوعاً لدى الأطفال والأكثر تأثيراً على الوظائف الاجتماعية لدى الأطفال المصابين. وتشيري الذي يوضح أنّ ثمّة أطفالاً يخشون الخروج من البيت، والذين يذهبون إلى المدرسة لا يستطيعون التركيز على دراستهم، يشدّد على أنّه في حال لم تُعالج هذه الحالات فإنّه الخطر سوف يطاول جيلاً بأكمله. وهؤلاء منذ الآن، يعانون من مشكلات خطيرة في التفاعل الاجتماعي والتعليمي والأسري.
في السياق، تقول المرشدة النفسية في مدرسة إسكندر باشا في إسطنبول، أمنية تورك، إنّ "الحالات النفسية تتزايد بين التلاميذ السوريين، لا سيّما الصعوبات التعلمية وفرط الحركة والخوف الشديد والاكتئاب". وتعيد ذلك إلى "الظروف الاجتماعية في بلاد اللجوء وما تركته الحرب وتبعاتها من مشاهد وذكريات لدى الأطفال". وتشير تورك لـ"العربي الجديد" إلى أنّ دورها وسواها من المرشدين يقتصر على العلاج السلوكي أو على الإرشاد، لكن ثمّة حالات تُحوَّل إلى مراكز العلاج النفسي أو العيادات المتخصصة".
وعن سبب ارتفاع نسبة الأطفال السوريين المصابين بحالات نفسية، يجيب الطبيب المتخصص في الأمراض النفسية والعقلية، محمد الدندل، في إسطنبول، أنّ "الأطفال السوريين بمعظمهم، وخصوصاً الذين يعيشون في المخيمات أو الذين يعيشون وسط ظروف مالية سيّئة، يعانون من الفقر والتشرّد. وهؤلاء ربّما يجبرهم ذووهم على العمل حتى يساعدوهم في إعالة أسرهم، الأمر الذي يعني أنّهم عرضة للمرض النفسي". يضيف لـ"العربي الجديد": "وهذا في حال لم نأخذ بعين الاعتبار، الذين شهدوا من بينهم الحرب والقصف أو القتل داخل سورية. فتلك المشاهد تؤثّر في لاوعي الطفل، ومن الممكن أن تخرج نتيجة أيّ نكئ". ويرى الدندل أنّ تزايد عدد الأطفال المصابين أمر منطقي، "نظراً إلى استمرار ظروف تعزيز الإصابات أو خلق إصابات جديدة". ويأسف الدندل لأنّ نسبة السوريين الذين يقصدون عيادته لمعالجة أطفالهم قليلة، معيداً ذلك إلى "الوضع المالي والفهم الخاطئ للمعالجة النفسية. هم يخشون أن يُقال عن أولادهم مجانين، وهذه أبرز أسباب الإحجام عن معالجة هؤلاء الصغار". ويؤكد أنّ "الإصابة سوف تتفاقم مع الإنكار والمكابرة أو مع الاكتفاء بالمعالجة الفيزيولوجية".
إلى ذلك، يرى الدندل أنّ "التعنيف الأسري والحالات الصعبة وعدم تقبّل المجتمع التركي لبعض السوريين، كلذ ذلك يضع الطفل خصوصاً في حالة نفسية هشّة. وهو الأمر الذي يزيد من حالات الإصابة بأمراض نفسية". ويحذّر من "جيل مصاب بالاكتئاب والقلق والوسواس القهري وغيرها في حال استمرار الأحوال السيّئة في مواجهة السوريين، سواء في تركيا أو في دول اللجوء الأخرى".
تجدر الإشارة إلى أنّ إحصائيّة رسمية تقدّر عدد الأطفال السوريين في المدارس التركية، بنحو 610 آلاف طفل، أكثر من نصفهم، أو هكذا يفترض، مصابون بأمراض نفسية أو يعانون من رضوض ولديهم استعداد لتفاقم حالاتهم. بالتالي، ربّما تكون المدارس البيئة الأهمّ لدراسة "المرض النفسي عند الأطفال السوريين". يُذكر أنّ وزارة الداخلية التركية ودائرة الهجرة التابعة قد كشفتا أخيراً، أنّ عدد السوريين في تركيا حتى نهاية الربع الأول من عام 2018، تجاوز ثلاثة ملايين و424 ألف لاجئ سوري.