قوانين جديدة تغضب مدرّسين في باكستان

04 يونيو 2018
إحدى المدارس قبل احتجاجات المدرّسين (عبد المجيد/ فرانس برس)
+ الخط -
صدرت أخيراً قوانين تستهدف فئة من مدرّسي باكستان، من شأنها أن تسلبهم بعض حقوقهم. وهو الأمر الذي دعا هؤلاء إلى التحرّك والتهديد بتوسيع إطار احتجاجاتهم وصولاً إلى العاصمة الباكستانية

هدّدت المدارس الخاصة أخيراً بتنظيم احتجاجات شعبية في شمالي غرب باكستان، بعدما عمدت الحكومة المحلية في إقليم خيبر بختونخوا إلى تخفيض الرواتب وحرمانهم منها في أشهر الإجازة الصيفية والشتوية. من جهتهم، هدد المدرّسون في المدارس الحكومية بالاعتصام في إسلام أباد، وتحديداً أمام منزل زعيم الحزب الحاكم في الإقليم عمران خان، على خلفية القانون الجديد الذي يحرمهم من حقوق كثيرة.

وكان برلمان إقليم خيبر بختونخوا قد أصدر أخيراً قراراً يشمل حزمة من القوانين الجديدة تطاول المدارس الحكومية والخاصة، لا سيّما في ما يتعلق برواتب المدرّسين ودرجاتهم وحقوق أخرى. وتقضي القوانين الجديدة بتجريد المدرّسين من مجموعة من الحقوق، منها حصولهم على درجات أعلى، وحرمانهم من حقّ الانتقال من مدرسة إلى أخرى. وتنصّ القوانين على أنّه في حال جرى تعيين شخص ما في منصب محدد كمدرّس أو مدير ومُنِح درجة معيّنة، فإنّه يبقى طيلة حياته في المنصب نفسه وبالدرجة نفسها، أمّا زيادة الرواتب فلا تكون وفق آلية مرسومة، إنّما بحسب أداء الشخص بناءً على قرار لجنة مخوّلة بذلك. إلى ذلك، تنصّ القوانين الجديدة على بقاء المدرّس في المدرسة نفسها حيث جرى تعيينه حتى انتهاء خدمته، ومن غير الممكن انتقاله إلى مدرسة أخرى مثلما كان يحدث سابقاً. يُذكر أنّ المدرّسين كانوا يغيّرون وظائفهم وفق متطلباتهم وظروف عائلاتهم.




والقوانين الجديدة أغضبت المدرّسين بلا استثناء، فنظم المدرّسون في المدارس الحكومية في كل أنحاء إقليم خيبر بختونخوا وفي المناطق القبلية احتجاجات، الأسبوع الماضي، ضدّ تلك القوانين، وهددوا بتوسيع رقعة احتجاجاتهم والتظاهر في العاصمة. وأكّد المدرّسون ونقاباتهم أنّ تلك القوانين غير مقبولة، بأيّ حال من الأحوال، إذ إنّها وُضعت من دون مراعاة ظروف المدرّسين. بالتالي، فإنّ رفض الرضوخ هو الموقف الأول والأخير للمدرّسين.

ويقول رئيس نقابة المدرّسين، محمد سراج خان، إنّ "الحكومة الباكستانية وعدتنا في الماضي بالعمل جاهدة من أجل تحسين أوضاع المدرّسين، خصوصاً في مناطق الشمال الغربي والقبائل التي ضربتها الحرب. لكنّنا فوجئنا بأنّ الحكومة تعمل على قوانين تزيد من معاناتنا بدلاً من العمل لأجلنا ومراعة ظروفنا المعيشية الصعبة". يضيف محمد سراج خان أنّ "الحكومة قضت على حق زيادة الراتب، وهذا يشمل فقط المدرّسين، وهو ليس أمراً منصفاً. وسوف نواجه هذا القانون ونحرّك الشارع والمدرّسين والتلاميذ، حتى الحصول على حقوقنا كاملة، ولكي نرغم الحكومة على إعادة النظر في القانون الجديد".

في السياق، كان قطاع التعليم في المنطقة القبلية التي تضررت من جرّاء الحروب التي شهدتها، قد تدهور إلى أقصى حد. لذا، كان القطاع عموماً وأوضاع المدرّسين خصوصاً في حاجة إلى تحسين. لكنّ القوانين الجديدة أتت لتزيد من المعاناة بحسب ما يؤكد المدرّسون. ومن هنا، أتى رد فعل مدرّسي المناطق القبلية أقوى، إذ سارت تظاهرات ونظمت احتجاجات مختلفة في مناطق عدّة، في حين أنّ نقابات المدرّسين ما زالت تهدد باحتجاجات في منطقة القبائل كلها إذا لم تعد الحكومة النظر في القرار الذي وصفته بالجائر.

ويقول المسؤول في نقابة المدرّسين في مقاطعة مهمند القبلية، مرجان علي مهمند، إنّ "الحكومة تتعامل مع مدرّسي البلاد بمعايير مختلفة. ففي الأقاليم الباكستانية الأخرى، نرى أنّها تعمل من أجل رفاهية المدرّسين وتعزّز حقوقهم، بينما هنا في القبائل وفي إقليم خيبر بختونخوا نرى أنّها تضيّق الخناق علينا. وهذا الأمر غير مقبول أبداً، ونحن لن نرضخ لقرارات الحكومة الأخيرة". يضيف مرجان علي مهمند أنّ "الحكومة قررت، بحسب ما يبدو، تدمير قطاع التعليم في القبائل، وبعدما دمّرت الحرب معظم المدارس وبقي مدرّسوها بلا عمل وبلا رواتب لأشهر بل لسنوات عدّة"، سائلاً: "بأيّ منطق تأتي الحكومة اليوم وتحرمهم من حقوقهم السابقة؟". ويؤكد أنّ "ثمّة نتائج سلبية على حياة المدرّس وعلى عملية التعليم في المناطق القبلية ومناطق الشمال الغربي، لا سيّما وأنّ سكانها بمعظمهم يعيشون في فقر مدقع".




من جهته، يقول المسؤول في إدارة التعليم في بشاور، عبد الكافي، إنّ "القانون الجديد يحتاج فعلاً إلى إعادة نظر، خصوصاً في ما يتعلق بعدم قدرة المدرّسين على الانتقال من مدرسة إلى أخرى". يضيف: "ولا شك في أنّ بعض محتويات القانون الجديد الذي أقرّه برلمان الإقليم سوف تكون لها نتائج إيجابية جداً على عملية التعليم"، داعياً المدرّسين إلى الصبر والتحمل والتزام الهدوء.
المساهمون