هل يتكرر "يوم كرامة" أطباء مصر؟

19 يونيو 2018
احتجاجات أعقبت اعتداء المطرية (محمد الراعي/ الأناضول)
+ الخط -
في الثاني عشر من فبراير/ شباط 2016، كان الأطباء المصريون على موعد حقيقي مع "استرداد كرامتهم" من خلال الجمعية العمومية للنقابة التي شارك فيها آلاف الأطباء، وأُطلق عليها "يوم الكرامة". حينها، ثار الأطباء احتجاجاً على اعتداء أفراد من الأمن على طبيبَين في مستشفى المطرية التعليمي، في 28 يناير/ كانون الثاني من العام نفسه. وقد أعلن نقيب الأطباء المصريين حسين خيري النتيجة النهائية للجمعية العمومية الطارئة، وهي الإضراب الجزئي في كل مستشفيات مصر وتفويض مجلس نقابة الأطباء باتخاذ الإجراءات التصعيدية وفقاً لما يراه مناسباً ومنع توريد أيّ أموال للدولة وفتح كل الخدمات الطبية للمواطنين بالمجان.

وفي ذلك اليوم، تضمّنت القرارات التي جرى التصويت عليها بالإجماع: "إحالة وزير الصحة إلى لجنة التأديب في نقابة الأطباء"، و"إصدار قانون يجرّم الاعتداء على المنشآت الطبية"، و"إحالة أميني شرطة قسم المطرية للمحاكمة العاجلة". لكنّ لجنة تأديب النقابة لم تبتّ في إحالة وزير الصحة إليها، ولم يصدر قانون يجرّم الاعتداءات على المنشآت الطبية، وجرى تخفيف حكم حبس أمناء الشرطة المعتدين على الطبيب من تسعة أشهر إلى ستة، بينما استمر مسلسل الاعتداءات ليس فقط على المنشآت الطبية بل على الأطباء أنفسهم حتى اليوم.




في 27 مايو/ أيار الماضي، دعا خيري إلى عقد جمعية عمومية غير عادية يوم الجمعة الموافق 22 يونيو/ حزيران الجاري، بناءً على الطلب المقدم من الأطباء لمناقشة ما يتعرّض له بعض الأطباء من انتهاكات في الفترة الأخيرة. وكانت نقابة الأطباء، بواسطة الدكتور أحمد حسين عضو مجلس النقابة، قد سجّلت 12 واقعة اعتداء متكررة خلال أقل من شهر في محافظات مصرية عدّة في خلال 20 يوماً، أي بواقع حادثة واحدة كل يومَين، بناءً على ما نُشر في وسائل الإعلام المصرية.

لكنّ الاعتداءات على الأطباء في المنشآت الطبية ليست هي فقط أساس الدعوة إلى الجمعية العمومية غير العادية، بل ثمّة أخرى تلخّصها أمينة مجلس نقابة الأطباء المستقيلة، الدكتورة منى مينا، قائلة إنّ "الجمعية منعقدة تحت عنوان الانتهاكات والتعديات على الأطباء والمهنة، والحقيقة أنّ عدم تنفيذ حكم واجب النفاذ ببدل عدوى للأطباء صادر منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 ومستحق بنص الحكم منذ إبريل/ نيسان 2014 يُعدّ تعدياً وانتهاكاً شديدَين، ومن المهم تضمينه في جدول أعمال الجمعية العمومية".

تضيف مينا أنّها توصي بضرورة تضمين "مطلب تنفيذ النص القانوني بتحمّل وزارة الصحة لرسوم الدراسات العليا، وتغليظ عقوبة الاعتداء على المستشفيات والمنشآت الصحية والعاملين فيها، وسرعة إصدار قانون عادل للمسؤولية الطبية، والمطالبة بإصدار قرار من النائب العام بطريقة استدعاء الأطباء للنيابة عندما يكونون على رأس العمل مراعاة لظروف العمل الخاصة بالأطباء".

يأتي ذلك إلى جانب ضرورة مطالبة وزارة الصحة بسرعة الرد على الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لتحديد توصيف وظيفي لخريجي كليات العلوم الصحية يمنعهم من استخدام لقب "أخصائي"، ومنع صدور تراخيص مزاولة مهنة لهؤلاء الخريجين كـ"أخصائيين". يُذكر أنّ الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وافق على مقترح نقابة الأطباء وطالب وزارة الصحة باعتبارها الجهة المختصة، بإرسال مقترح بتوصيف وظيفي لحل الأزمة، في انتظار رد وزارة الصحة.

على الرغم من الجدول الحافل على طاولة الجمعية العمومية للأطباء، إلا أنّ ثمّة مخاوف من عدم اكتمال نصابها القانوني وتنفيذ مطالبها. لذا بادر عدد من الأطباء، من ضمنهم من هو في مجلس النقابة، للدعوة إلى تقديم استقالات جماعية كخطوة تصعيدية إضافية سوف تُناقَش خلال الجمعية العمومية.




حالة إحباط ويأس
لا يمكن لأحد أن ينكر حالة الإحباط واليأس التي يمرّ بها المجتمع المدني المصري بأكمله، في حين أنّ تلك الحالة تُلقي بظلالها على أيّ دعوة أو حراك في الوقت الراهن، فضلاً عن تراجع دور النقابات المهنية في المشهد العام المصري على مدار السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك النقابات المهنية العريقة ذات التاريخ النقابي الحافل، من قبيل نقابة الأطباء.