أول بطيخة للأسرى بعد 18 عاماً من الحظر الإسرائيلي

19 مايو 2018
حرمان الأسرى من أبسط الأمور(Getty)
+ الخط -
لا تستغرب إن قرأت خبراً أو منشوراً على مواقع التواصل الاجتماعي يفيد بأن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني تناولوا مساء أمس على مائدة الإفطار الرمضانية فاكهة البطيخ.

هذا الحدث يحتاج في ظل إجراءات إدارة مصلحة السجون التي تسيطر وتتحكم بقوانين المعتقلات، أن يكون خبراً متداولاً على نطاق واسع كونه لا يُفرح الأسرى فحسب، بل يسعد أهلهم وذويهم أيضاً الذين يعلمون أن سلطات الاحتلال تمنع عن أبنائهم ما يشتهون. ويأتي المنع من باب تشديد الإجراءات الأمنية في السجون وعدم إعطاء الأسرى أي مجال للترفيه عن أنفسهم، إذ تعتبر سلطات الاحتلال أن تناول الأسرى لبعض أنواع الفاكهة رفاهية، وفق ما قاله أسرى محررون لـ"العربي الجديد".

حاول مراسل "العربي الجديد" أن يتواصل مع أحد الأسرى القابعين في سجني النقب وريمون العسكريين، لكن المحاولات باءت بالفشل كون عملية الاتصال بهم صعبة، ومحفوفة بالمخاطر بسبب عمليات التفتيش الفجائية التي ينفذها الاحتلال في أقسام السجون. مع العلم أن الأسرى يملكون سراً هواتف نقالة يخفونها بدقة، ويستغلون الفرص النادرة للحديث مع أهلهم وأقاربهم خارج السجون.

المعلومات المؤكدة عن إدخال فاكهة البطيخ إلى سجني ريمون والنقب جنوب فلسطين المحتلة، أوردها أهالي الأسرى وأصدقاؤهم الذين علموا بأمرها عند الاتصال بأبنائهم الأسرى، ونقلوا عنهم أنهم ينتظرون أذان المغرب كي يتناولوا هذه الفاكهة التي غابت سنين طويلة عنهم.

الأسير المحرر حسن الصفدي، وهو منسق الإعلام في مؤسسة الضمير لرعاية حقوق الإنسان، أكد لـ"العربي الجديد" بعد تواصله مع أسرى في سجني النقب وريمون، أن البطيخ أدخل إلى عدد من الأقسام، وأن أجواء من الفرحة العارمة عمت الأسرى، وذلك بعد غياب طال نحو تسع سنوات، في حين أن فاكهة البطيخ منعت في سجون أخرى 18 عاما.
وأشار الصفدي إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن الامتيازات التي تقدمها سلطات الاحتلال لضمان سيادة الهدوء في السجون، وذلك عقب الإضراب الأخير الذي نفذه الأسرى منتصف العام الماضي.

الأسير المحرر غسان النجار، نقل لـ"العربي الجديد" عن أحد أصدقائه الأسرى ما أبلغه أمس أن زملاءه في القسم بسجن النقب أكلوا البطيخ، وسط فرحة كبيرة تفاعل معها جميع الأسرى استوجبت الاحتفال.

أحمد ياسين، وهو أسير محرر أمضى في سجون الاحتلال ثماني سنوات، أوضح لـ"العربي الجديد" أنه خلال فترة اعتقاله أكل البطيخ مرة واحدة، وذلك بعد إصدار تصريح خاص من إدارة مصلحة السجون للسماح لهم بإدخال هذه الفاكهة، مشيرا إلى أنه لا سبب محدد لمنع البطيخ عن الأسرى، سوى أن الاحتلال يسعى لإخضاع الأسير وحرمانه من أشياء كثيرة مهما كانت بسيطة.


تداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ما كتبه أحد الأسرى حول قضية البطيخ: "أول بطيخة أراها منذ 17 عاما، بعد أن رفعت إدارة السجون الحظر عن البطيخ الذي دام نحو 18 سنة، وزعت اليوم بطيخة لكل ستة أسرى... ونحن بانتظار الأذان".

وعلق الأسير المحرر أنس صلاحات على ذلك قائلا: "أبسط الأمور التي نعيشها ونمتلكها هي قصة حرمان كبيرة ومعاناة أكبر لدى أبطالنا، على سيرة البطيخ ومن تجربة شخصية وكان ممنوعا أن يدخل على الأسرى، كنّا في بوسطة بمنتصف الصيف وتركونا بداخل البوسطة الحديدية (المركبة التي ينقل بها الأسرى إلى سجون أخرى أو لحضور محاكمة) والتي تحولت إلى ساونا حارقة وخانقة وتركونا بداخلها، وقام الجنود الحاقدون بجلب البطيخ البارد وتقطيعه وأكله في الخارج أمام أعيننا وأنفسنا التي كانت تشتهي ولو حزا صغيرا من البطيخ، فقلنا جميعاً نحن لا نحب البطيخ بابتسامة على الوجه وحرقة بالقلب!".

وأشار إلى أن البطيخ كان ممنوعا نهائياً في السجون، ثم سُمح به نادراً في بعضها، ومن الممكن إدخاله مرة في فترة الصيف، عدا عن أن بعض أنواع الفواكه الأخرى ممنوعة ونادرة.

يشار إلى أن الأسير المحرر صلاحات من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، أمضى في سجون الاحتلال أربع سنوات بعد اعتقاله عام 2007، وتنقل خلالها بين ستة سجون.
وأكدت عائلة الأسير عمّار قزموز من مخيم نور شمس شرقي مدينة طولكرم شمالا، أنه تناول البطيخ للمرة الأولى منذ اعتقاله قبل 16 عاما، حيث يقضي حكما بالسجن مدته 23 عاما.

وكتب شقيق الأسير عمّار، محمود قزموز على صفحته في "فيسبوك": "الصبح بحكي مع إمي بعايد عليها علشان رمضان، مبسوطة وزعلانة بنفس الوقت مش عارفة تحدد مشاعرها، بحكيلها ايش مالك بتحكيلي يما أخوك عمار امبارح أكل بطيخ لأول مرة من يوم ما انسجن. أنا هون معرفتش شو أحكي لإمي فإمي بتكمل وبتحكيلي بتتذكر كيف كان يوكل البطيخة ويمسك نص البطيخة ويوكلها بدون ما يقطعها ويعملها متل الجورة وبعدها يقطعهما ويوكل كل شي فيها وتضل قشرة البطيخ الخارجية. أنا برضو لسة مش عارف شو أحكي لإمي، فإمي بتكمل وبتحكيلي أنا حكيت مع أصحابو اللي في السجن اللي ما بدو بطيخ يعطي حصتو لعمار. الدنيا إم والإم زعلانة فلازم كل الدنيا تزعل لزعل الإم".