تستمرّ الانتهاكات بحق أهالي سيناء، حتى الأطفال والنساء. ولا يتردّد الجيش المصري في إعدام أطفال، من دون خشية ردود الفعل. إضافة إلى الاعتقال والقتل، لا يسلمون من الابتزاز
لم يكشف المقطع المصور المتداول لطفل من سيناء يُقتل على يد قوة من الجيش المصري خلال العملية العسكرية الشاملة، سوى جزء من الانتهاكات التي يتعرض لها آلاف المصريين في سيناء، والتي لم تستثنِ الأطفال والنساء، وسط غياب تام للمؤسسات الحقوقية عن متابعة ما يفعله الأمن المصري بحق المدنيّين.
ويُظهر المقطع المصور قيام قوة من الجيش المصري بتثبيت فتى صغير على الأرض، بعد وضع قماش على عينيه، ثم قال له الضابط الذي وقف قرب مصوّر الفيديو، وهو أحد أفراد الجيش: "متخفش مش هنقتلك" (لا تخاف، لن نقتلك). أخذ الطفل يستغيث بأمه، ثم قال له الضابط "ما تخفش، أبوك هيجي ياخذك" (لا تخاف، سيأتي والدك لأخذك)، إلى أن أطلق النار عليه بشكل مباشر، في تصفية ميدانية واضحة.
حادثة مقتل الطفل تضاف إلى سجل كبير من التصفيات والإعدامات الميدانية للمدنيين في سيناء، على مدى السنوات الخمس الماضية. وسُجّلت عشرات الحالات المشابهة لحادثة تصفية الطفل، كُشف أمر بعضها للإعلام بعد تسريب مقاطع فيديو صورت بواسطة أفراد من قوات الأمن المصري، في وقت بقيت غالبيتها خارج التوثيق، في ظل عدم السماح لكافة وسائل الإعلام بدخول سيناء وتوثيق الانتهاكات بحقّ المدنيّين.
ويقول شيخ قبلي لـ"العربي الجديد"، إنّ المقطع المصور حدث في منطقة ما في وسط سيناء، والطفل المقتول كان ضمن مجموعة مواطنين اعتقلوا في وقت سابق، فيما قتل آخرون في مناطق متفرقة، وصُوّر لنشره بهدف القول إنهم ضمن المجموعات الإرهابية. يضيف أن المشهد الصعب يتمثل في أن من أُعدم طفل تعرّض للتعذيب قبيل إطلاق النار عليه، وقد تعطّل سلاح العسكري الذي يطلق النار عليه بعد إصابته بأول رصاصة.
اقــرأ أيضاً
ويشير الشيخ القبلي إلى أنّ حالات الإعدام الميدانية تكثر في مناطق وسط سيناء، وبنسبة أقل في مناطق شمال سيناء، إذ إن عدداً كبيراً من العائلات يسكن بشكل متفرق وتفصل بينها مسافات بعيدة، على عكس قرى الشيخ زويد ورفح، ما يسمح للجيش بالاستفراد بالمواطنين وقتلهم من دون خوف من أي ردات فعل. كما أن نسبة قليلة من المواطنين على معرفة بالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ما يطمئن الجيش بعدم انتشار أي معلومات حول الذين يعدمون ميدانياً في مناطق وسط سيناء، التي يشار إلى قلة حركة المواطنين منها وإليها.
نساء العريش
كما يواصل الأمن المصري اعتقال أكثر من 25 امرأة من مدينة العريش، بعدما أخلى سبيل 20 أخريات على مدار الأسابيع الماضية، كما يقول ناشط حقوقي من المدينة لـ"العربي الجديد". يضيف أن النساء المعتقلات لدى جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة العريش يعانين من ظروف إنسانية صعبة للغاية، في ظل منع زيارات عائلاتهن والمحامين على حد سواء، فيما لم يعلن الأمن توجيه أي تهم محددة لهن.
ويوضح الناشط الحقوقي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الأمن يتعمد اعتقال النساء لابتزاز عوائلهن، خصوصاً أن غالبية النساء المعتقلات في سن العشرينيات، مضيفاً أن بعض العائلات تمكنت فعلياً من الإفراج عن بناتهن بفضل وجود وساطة أمنية أو دفع رشوة مالية. وتبقى النساء اللواتي لم يتقدم أحد لإخراجهن من السجن، خصوصاً اللواتي توفي أزواجهن خلال الأحداث الأمنية التي زادت في المدينة خلال العامين الماضيين.
وأثار الفيديو المتداول لتصفية الطفل موجة استياء عارمة في صفوف أبناء سيناء، وهو ما ظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وصاحب الاستياء إحباط، نظراً إلى التجارب السابقة المتعلقة بانتهاكات الأمن المصري بحق المدنيين في سيناء، والتي لم تلق اهتماماً حكومياً، أو مراجعات، مع الاكتفاء بالتحقيق في كيفية تسريب مقاطع الفيديو المصورة.
وتعقيباً على ذلك، يؤكد الناشط الحقوقي أن حالة الغضب الشعبي، التي تظهر للعلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تمثّل "زوبعة في فنجان" لأيام وتنتهي. ولا يقلق الأمن المصري طالما أنها لم تترجم إلى أفعال على أرض الواقع، كما جرى إبان تصفية الشبان العشرة في العريش مطلع العام الماضي، أو حالة الغليان الشعبي التي نتجت عنها تظاهرات حاشدة خلال تشييع جثامين الشبان الذين جرت تصفيتهم على أيدي الداخلية المصرية. يضيف: "لن يوقف الانتهاكات على أبناء سيناء غير أهلها".
رشاوى
وفي وجه آخر للانتهاكات، رصد مراسل "العربي الجديد" في مدينة رفح الحدودية مع قطاع غزة تعرّض عشرات المواطنين أصحاب البيوت المنوي هدمها من قبل الجيش المصري، ضمن المنطقة العازلة المقامة على الحدود بين سيناء وغزة، للابتزاز من قبل المهندسين المرافقين لقوات الجيش، خلال مرحلة تسمى بـ"ترقيم البيوت" والتي تسبق هدمها. والأرقام تُمثّل دليلاً لصاحب البيت أمام الحكومة للحصول على التعويضات اللازمة لإيجاد سكن جديد خارج مدينة رفح، التي سينتهي جرف منازلها وتهجير أهلها في غضون شهر على أبعد تقدير.
ويقول المواطن ياسر زعرب إنّ مهندسي مجلس رفح والفريق الهندسي المرافق للجيش، خلال تجوالهم على المنازل التي ستهدم، يطلبون مبلغاً مالياً كبيراً من صاحب المنزل الذي سيحصل على رقم، ليتسنى له الحصول على تعويضات مالية من الحكومة، علماً أن هذا حق للمواطن على الحكومة، هو الذي يُرغم على ترك منزله ومدينته ومصدر رزقه، سواء أكان من الزراعة أم التجارة أم الصناعة داخل المدينة. ويؤكّد لـ"العربي الجديد"، أنّ المهندسين طلبوا منه مبلغ 50 ألف جنيه مصري (نحو ألفين و800 دولار) في مقابل ترقيم منزله، مؤكداً أن ذلك حصل على مسمع من قوات الجيش التي ترافق الفرق الهندسية العاملة في مدينة رفح.
يضيف: "من يحمل 50 ألف جنيه، يحصل على رقم. ومن لا يملك المال، يخسر التعويض"، مشيراً إلى أن غالبية سكان رفح هم من أصحاب الدخل المحدود، ولا يملكون المبلغ اللازم لدفعه للمهندسين في مقابل الحصول على رقم من المفترض أن يكون مجانياً.
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك، يشكو سكان قرية الماسورة من أن عدداً كبيراً من سكان القرية التي هُجّر أهلها خلال الأسابيع القليلة الماضية، وهي آخر قرية وصلها الدور في التهجير المستمر في ظل العملية العسكرية الشاملة، لم يستطيعوا دفع الرشاوى للمهندسين في مقابل ترقيم منازلهم. في المقابل، حصل مواطنون على ترقيم منازل ليس لها وجود، بعد دفع المال للمهندسين.
ويقول الحاج جهاد علي، من سكان قرية الماسورة، لـ"العربي الجديد": "طلبوا منا المال، فتقدمنا بشكوى إلى الضابط". ردّ: "إما أن تدفع أو ترحل من دون ترقيم"، مضيفاً أنّ قوات الأمن لم تسمح لسيارات النقل بدخول مدينة رفح لنقل أثاث المنازل التي هدمت خلال الأسابيع الماضية، ما اضطرهم للّجوء إلى السائقين، وهم قلة، في المنطقة، وطلبوا مالاً كثيراً في مقابل نقل الأثاث.
ويُظهر المقطع المصور قيام قوة من الجيش المصري بتثبيت فتى صغير على الأرض، بعد وضع قماش على عينيه، ثم قال له الضابط الذي وقف قرب مصوّر الفيديو، وهو أحد أفراد الجيش: "متخفش مش هنقتلك" (لا تخاف، لن نقتلك). أخذ الطفل يستغيث بأمه، ثم قال له الضابط "ما تخفش، أبوك هيجي ياخذك" (لا تخاف، سيأتي والدك لأخذك)، إلى أن أطلق النار عليه بشكل مباشر، في تصفية ميدانية واضحة.
حادثة مقتل الطفل تضاف إلى سجل كبير من التصفيات والإعدامات الميدانية للمدنيين في سيناء، على مدى السنوات الخمس الماضية. وسُجّلت عشرات الحالات المشابهة لحادثة تصفية الطفل، كُشف أمر بعضها للإعلام بعد تسريب مقاطع فيديو صورت بواسطة أفراد من قوات الأمن المصري، في وقت بقيت غالبيتها خارج التوثيق، في ظل عدم السماح لكافة وسائل الإعلام بدخول سيناء وتوثيق الانتهاكات بحقّ المدنيّين.
ويقول شيخ قبلي لـ"العربي الجديد"، إنّ المقطع المصور حدث في منطقة ما في وسط سيناء، والطفل المقتول كان ضمن مجموعة مواطنين اعتقلوا في وقت سابق، فيما قتل آخرون في مناطق متفرقة، وصُوّر لنشره بهدف القول إنهم ضمن المجموعات الإرهابية. يضيف أن المشهد الصعب يتمثل في أن من أُعدم طفل تعرّض للتعذيب قبيل إطلاق النار عليه، وقد تعطّل سلاح العسكري الذي يطلق النار عليه بعد إصابته بأول رصاصة.
ويشير الشيخ القبلي إلى أنّ حالات الإعدام الميدانية تكثر في مناطق وسط سيناء، وبنسبة أقل في مناطق شمال سيناء، إذ إن عدداً كبيراً من العائلات يسكن بشكل متفرق وتفصل بينها مسافات بعيدة، على عكس قرى الشيخ زويد ورفح، ما يسمح للجيش بالاستفراد بالمواطنين وقتلهم من دون خوف من أي ردات فعل. كما أن نسبة قليلة من المواطنين على معرفة بالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ما يطمئن الجيش بعدم انتشار أي معلومات حول الذين يعدمون ميدانياً في مناطق وسط سيناء، التي يشار إلى قلة حركة المواطنين منها وإليها.
نساء العريش
كما يواصل الأمن المصري اعتقال أكثر من 25 امرأة من مدينة العريش، بعدما أخلى سبيل 20 أخريات على مدار الأسابيع الماضية، كما يقول ناشط حقوقي من المدينة لـ"العربي الجديد". يضيف أن النساء المعتقلات لدى جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة العريش يعانين من ظروف إنسانية صعبة للغاية، في ظل منع زيارات عائلاتهن والمحامين على حد سواء، فيما لم يعلن الأمن توجيه أي تهم محددة لهن.
ويوضح الناشط الحقوقي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الأمن يتعمد اعتقال النساء لابتزاز عوائلهن، خصوصاً أن غالبية النساء المعتقلات في سن العشرينيات، مضيفاً أن بعض العائلات تمكنت فعلياً من الإفراج عن بناتهن بفضل وجود وساطة أمنية أو دفع رشوة مالية. وتبقى النساء اللواتي لم يتقدم أحد لإخراجهن من السجن، خصوصاً اللواتي توفي أزواجهن خلال الأحداث الأمنية التي زادت في المدينة خلال العامين الماضيين.
وأثار الفيديو المتداول لتصفية الطفل موجة استياء عارمة في صفوف أبناء سيناء، وهو ما ظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وصاحب الاستياء إحباط، نظراً إلى التجارب السابقة المتعلقة بانتهاكات الأمن المصري بحق المدنيين في سيناء، والتي لم تلق اهتماماً حكومياً، أو مراجعات، مع الاكتفاء بالتحقيق في كيفية تسريب مقاطع الفيديو المصورة.
وتعقيباً على ذلك، يؤكد الناشط الحقوقي أن حالة الغضب الشعبي، التي تظهر للعلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تمثّل "زوبعة في فنجان" لأيام وتنتهي. ولا يقلق الأمن المصري طالما أنها لم تترجم إلى أفعال على أرض الواقع، كما جرى إبان تصفية الشبان العشرة في العريش مطلع العام الماضي، أو حالة الغليان الشعبي التي نتجت عنها تظاهرات حاشدة خلال تشييع جثامين الشبان الذين جرت تصفيتهم على أيدي الداخلية المصرية. يضيف: "لن يوقف الانتهاكات على أبناء سيناء غير أهلها".
رشاوى
وفي وجه آخر للانتهاكات، رصد مراسل "العربي الجديد" في مدينة رفح الحدودية مع قطاع غزة تعرّض عشرات المواطنين أصحاب البيوت المنوي هدمها من قبل الجيش المصري، ضمن المنطقة العازلة المقامة على الحدود بين سيناء وغزة، للابتزاز من قبل المهندسين المرافقين لقوات الجيش، خلال مرحلة تسمى بـ"ترقيم البيوت" والتي تسبق هدمها. والأرقام تُمثّل دليلاً لصاحب البيت أمام الحكومة للحصول على التعويضات اللازمة لإيجاد سكن جديد خارج مدينة رفح، التي سينتهي جرف منازلها وتهجير أهلها في غضون شهر على أبعد تقدير.
ويقول المواطن ياسر زعرب إنّ مهندسي مجلس رفح والفريق الهندسي المرافق للجيش، خلال تجوالهم على المنازل التي ستهدم، يطلبون مبلغاً مالياً كبيراً من صاحب المنزل الذي سيحصل على رقم، ليتسنى له الحصول على تعويضات مالية من الحكومة، علماً أن هذا حق للمواطن على الحكومة، هو الذي يُرغم على ترك منزله ومدينته ومصدر رزقه، سواء أكان من الزراعة أم التجارة أم الصناعة داخل المدينة. ويؤكّد لـ"العربي الجديد"، أنّ المهندسين طلبوا منه مبلغ 50 ألف جنيه مصري (نحو ألفين و800 دولار) في مقابل ترقيم منزله، مؤكداً أن ذلك حصل على مسمع من قوات الجيش التي ترافق الفرق الهندسية العاملة في مدينة رفح.
يضيف: "من يحمل 50 ألف جنيه، يحصل على رقم. ومن لا يملك المال، يخسر التعويض"، مشيراً إلى أن غالبية سكان رفح هم من أصحاب الدخل المحدود، ولا يملكون المبلغ اللازم لدفعه للمهندسين في مقابل الحصول على رقم من المفترض أن يكون مجانياً.
إلى ذلك، يشكو سكان قرية الماسورة من أن عدداً كبيراً من سكان القرية التي هُجّر أهلها خلال الأسابيع القليلة الماضية، وهي آخر قرية وصلها الدور في التهجير المستمر في ظل العملية العسكرية الشاملة، لم يستطيعوا دفع الرشاوى للمهندسين في مقابل ترقيم منازلهم. في المقابل، حصل مواطنون على ترقيم منازل ليس لها وجود، بعد دفع المال للمهندسين.
ويقول الحاج جهاد علي، من سكان قرية الماسورة، لـ"العربي الجديد": "طلبوا منا المال، فتقدمنا بشكوى إلى الضابط". ردّ: "إما أن تدفع أو ترحل من دون ترقيم"، مضيفاً أنّ قوات الأمن لم تسمح لسيارات النقل بدخول مدينة رفح لنقل أثاث المنازل التي هدمت خلال الأسابيع الماضية، ما اضطرهم للّجوء إلى السائقين، وهم قلة، في المنطقة، وطلبوا مالاً كثيراً في مقابل نقل الأثاث.