آلاف النازحين يتقاسمون مع أهل دوما الجوع والموت

20 مارس 2018
دمار وخراب في دوما(تويتر)
+ الخط -
مختبئون في قبو يفيض عن قدرته الاستيعابية، بالكاد يتسرب إليه شعاع ضوء من نافذة لا يزيد عرضها عن 10 سنتيمترات، ومع دوي كل انفجار قريب يلهج الجميع صغاراً وكباراً بجملة واحدة "حسبنا الله ونعم الوكيل". يزعق الغبار بالمكان، وتبدأ نوبات السعال. طفل باكٍ استعصى عليه التقاط أنفاسه، حاول أحد والديه تغطية أنفه وفمه بقطعة، فتملكه الفزع. خاطر والده بحمله كي يهدئ من روعه ويساعده على التنفس، لكنه تعثر مرات عند اجتيازه الناس والعائلات النازحة إلى دوما من بلدات شمال الغوطة.

ليس سهلاً على النازحين إلى دوما أن يجدوا مكاناً يلجؤون إليه، حتى الأقبية فيها غصت بمن فيها، فهي آخر المدن الخاضعة لسيطرة جيش الإسلام في القطاع الشمالي من الغوطة، تتلقى ضربات العمليات العسكرية التي تشنها القوات النظامية والمليشيات الطائفية والموالية بدعم روسي. وصلت إليها آلاف العائلات خلال الأسابيع الماضية، بحسب ما أفاد به أبو فؤاد، "العربي الجديد".

وأضاف "وصلت مع عائلتي إلى دوما ليس معنا سوى الثياب التي على أجسادنا، كان البحث عن صديقي في دوما أمرا متعبا لأنه كان من بين النازحين هو أيضاً، ولحسن الحظ وصلت إليه بعد ساعات من البحث، لم يكن في القبو الذي يقيم فيه متسع لنا، لكنه استطاع أن يؤمن لنا مكاناً في قبو قريب، وهناك استقبلونا جيداً وتقاسموا معنا ما يتوفر من أغطية، وبعض الملابس. لم يكن في القبو أي شيء يؤكل، إلى أن وصل بعض الطعام عبر أحد المطابخ الخيرية".

وقال الناشط الإعلامي إبراهيم الفوال، لـ"العربي الجديد"، إن "النازحين القادمين إلى دوما من البلدات التي سيطر عليها النظام، مثل الشوفونية، ومسرابا، وبيت سوا، والريحان، هم عائلات خرجت من مكان يتعرض للاقتحام العسكري، نحو آخر يتعرض للقصف، ويعيش أهل دوما في أقبية تكاد لا تتسع لهم، وهذا سبب مشاكل نفسية وصحية، كما أن 60 في المائة من المدينة أصبح مدمراً اليوم".

وأضاف "يوميا يقول أهالي دوما إن هذه الليلة هي أصعب ليلة تمر عليهم منذ خمس سنوات جراء القصف بشتى أنواع الأسلحة، في وقت حرم سكانها الذين يزيد عددهم عن 200 ألف مدني من شبر واحد للزراعة، وهذا يهدد بتدهور الوضع الإنساني بسرعة".



ولفت إلى أن "أهل دوما استقبلوا النازحين رغم أن حالتهم لا تخلو من العناء والعوز، لكن ضمن ما يتوفر من إمكانات"، مبينا أن هناك شيئا من التنظيم عبر لجنة طوارئ مؤلفة من لجان أحياء ومنسقين منتشرين في الأقبية للتنسيق وتحديد الأماكن القادرة على استقبال أعداد من النازحين".

وذكر أن "الاعتماد الأكبر على مطابخ خيرية، والطعام يتوفر من مواد تموينية محدودة بشكل كبير، والمواد الغذائية هي مشكلة حقيقية وكبيرة تواجه المدنيين".



وقال مسؤول مكتب الإحصاء في مجلس مدينة دوما مصعب، لـ"العربي الجديد"، "يقدر عدد النازحين الوافدين إلى دوما أخيراً بحدود 10 آلاف عائلة، ما يعني أن عدد سكان دوما ارتفع إلى نحو 36 ألف عائلة"، مبينا أن "معاملة النازحين هي كمعاملة أهل الغوطة، بل تقدم لهم بعض الخدمات بسبب أوضاعهم المأساوية، وخروجهم دون أن يحملوا معهم أيه حاجيات، ومن تحت الأنقاض".

وذكر أنه "لا مواد غذائية في السوق، والمؤسسات تعمل بالطاقة القصوى ولكن المشكلة في كون المواد غير متوفرة، وما هو موجود لا يؤمن الحد الأدنى من الاحتياجات، والعائلات لا تزال تقتات على القليل المتوفر أو ما تقدمه المؤسسات".



وأوضح أن "دوما محاصرة بالكامل وليس لديها تواصل مع أي منطقة أخرى، في حين يعيش المدنيون في الأقبية، التي تقصف بالنابالم والفوسفور والبراكين المتفجرة والصواريخ الموجهة، فلا يستطيع المدنيون الخروج حتى لانتشال الجرحى، في وقت تستهدف سيارات الإسعاف والدفاع المدني بالصواريخ".