نازحون عراقيون يغادرون المخيمات إلى مناطقهم المحررة في الأنبار

27 ديسمبر 2018
تواصل عودة نازحي العراق إلى مناطقهم (موضح الدليمي/فرانس برس)
+ الخط -
كشف مسؤولون عراقيون عن ارتفاع أعداد النازحين العائدين من المخيمات إلى مناطقهم المحررة في محافظة الأنبار خلال الأسابيع الماضية، وتؤكد الحكومة المحلية لكبرى مدن البلاد أن إعادة الخدمات في المناطق المحررة ساهمت في تشجيع النازحين على العودة.

وقال مستشار محافظ الأنبار للشؤون الإغاثية، مازن أبو ريشة، الخميس، إن "استقرار الأوضاع، وعدم تسجيل أي خرق أمني في معظم مناطق الأنبار، شجع النازحين على العودة، وقد سخرت الحكومة المحلية إمكاناتها لتوفير ما يحتاجه العائدون"، مضيفا في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن "مئات الأسر عادت إلى مناطقها المحررة آتية من مختلف مدن العراق، وخاصة الشمالية، بعد تأهيل المشاريع الخدمية المتضررة".

في المقابل، اعتبر مراقبون وناشطون أن التصريحات فيها كثير من المبالغة، وقال الناشط المدني عامر الدليمي إن "مدن الأنبار تشهد عودة متذبذبة للنازحين، وهناك أسر عادت مع بداية تحرير المحافظة، ولكنها مؤخراً قررت مغادرتها مجددا بسبب الفقر والبطالة وتردي الخدمات".

وأضاف الدليمي لـ"العربي الجديد"، أن "بعض المسؤولين يحاولون تصوير الوضع في الأنبار على أنه مستقر، وهذا غير صحيح، فالمحافظة خرجت من حرب طاحنة سببت خسائر فادحة، ومعظم الأعمال متوقفة نتيجة الدمار الذي لحق بالأحياء الصناعية والمجمعات والمحال التجارية، فضلا عن استمرار المضايقات الأمنية"، حسب قوله.

وأوضح رئيس منظمة الأنبار لحقوق الإنسان، أحمد الجميلي، لـ"العربي الجديد"، أن "معدلات عودة النازحين سجلت ارتفاعا في الفترة الأخيرة، لكن هذا لا يعني أن الملف سيغلق"، مبينا أن هناك عوائق كثيرة بينها عشرات آلاف المنازل المدمرة، ومناطق ما زالت تضم مخلفات حربية، إضافة إلى مشاكل أمنية تحيط بعائلات اتهم أفراد منها بالتعاون مع تنظيم "داعش" خلال فترة احتلاله لمدن وبلدات المحافظة. "جهود الحكومة والأمم المتحدة في مجال إعادة النازحين كبيرة، لكن ما زال الوقت مبكرا للحديث عن إغلاق الملف بالكامل".

وانقسم العائدون إلى المدن المحررة في الأنبار إلى ثلاث فئات، الأولى عادت مضطرة بسبب غرق المخيمات وعدم وجود أماكن أخرى بديلة، والفئة الثانية استنفدت إمكاناتها المادية في مناطق النزوح فاضطرت للعودة، أما الفئة الثالثة فهم الموظفون الذين أجبروا على العودة من قبل دوائرهم بعد تهديدهم بالفصل.

وقال محمد السلماني (41 سنة) من أهالي الرمادي: "لم تكن العودة حالياً في نيتي، ولكني اضطررت إليها بسبب الأمطار الغزيرة التي أغرقت معظم المخيمات، خاصة وأن الحكومة لم توفر بدائل أخرى لنا. منزلي في الرمادي دمرته الحرب، وسأضطر لاستئجار منزل".

وتابع السلماني: "كنت أفكر بالهجرة من العراق بشكل تام، ولكني لم أتمكن من ذلك، والبقاء في المخيمات تحت الأمطار والفيضانات والسيول أمر شبه مستحيل، ولكني سأجد صعوبة في التأقلم بمحافظتي من جديد بعد سنوات طويلة من النزوح".

وقال سامر المحمدي (39 سنة): "عدت إلى منطقتي في الصقلاوية شمال الفلوجة، رغم عدم قناعتي بالعودة حالياً لعدم استقرار الأوضاع بشكل حقيقي، فضلاً عن توقف الأعمال التجارية والصناعية وانتشار البطالة. سبب عودتي كان استنفادي لمدخراتي المالية، وعدم وجود فرصة عمل".

أما الموظفون في دوائر الدولة، فمعظمهم اضطروا للعودة خشية الفصل من الوظيفة، وليس رغبة في العودة كما يقول عبد السميع الجبوري، معتبراً أنه "لولا إجبار الموظفين على العودة لعاد القليل منهم فقط إلى المناطق المحررة، فلماذا نعود وليس هناك خدمات، والمليشيات مازالت تسيطر على تلك المناطق، وبين آونة وأخرى تشن السلطات حملة اعتقالات عشوائية".

وشهدت محافظة الأنبار موجات نزوح هائلة مطلع ومنتصف 2014، على أثر اندلاع المعارك بين القوات العراقية وتنظيم داعش الذي سيطر على المحافظة آنذاك، مما اضطر معظم الأهالي إلى الهجرة.

المساهمون