كشف مسؤول في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي عن تقارير عدة تتعلق بعمليات سمسرة ودفع أموال لقاء الحصول على تأشيرات دخول إلى دول عديدة، من بعض السفارات الأجنبية والعربية العاملة في بغداد، يتورط فيها موظفون ومترجمون محليون وأصحاب مكاتب سفر. ولفت المسؤول في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى أنّ بعض موظفي البعثات الدبلوماسية متورطون في تلك العمليات.
يأتي ذلك، بعد تحقيق نشرته مجلة "دير شبيغل" الألمانية أخيراً، أكد وجود عمليات بيع لتأشيرات ألمانية إلى عراقيين تجري في القنصلية الألمانية في أربيل، في إقليم كردستان، بشمال العراق. ولم تأتِ المجلة الألمانية على ذكر سفارات أو قنصليات أخرى في العراق تجري فيها مثل هذه العمليات، لكنّ المسؤول، وبعض الخبراء والموظفين، أكدوا لـ"العربي الجديد"، مثل هذه الشبهات التي تطاول موظفين في البعثات الدبلوماسية الأجنبية وآخرين.
وشرح المسؤول الرفيع المستوى أنّ جهاز الاستخبارات العراقي باشر فعلاً عمليات التحقيق في تورط مترجمين عراقيين وحراس أمن وأصحاب مكاتب سفر بعمليات سمسرة في مجال منح تلك التأشيرات من خلال السفارات الأجنبية والعربية في بغداد. وأكد أنّ "السفارات التي يصعب الحصول منها على تأشيرة، هي ضمن دائرة الاتهام، وكذلك بعض السفارات التي يزورها العراقيون لغرض العلاج أو السياحة". وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أنّ "المواطنين يدفعون أموالاً لتحصيل التأشيرة وتسهيل الإجراءات أو تسريع مواعيد المقابلات. لكن من غير المعلوم ما إذا كان هناك دبلوماسيون ضمن البعثات متورطين بتلقي نسبة من تلك الأموال".
من جهته، يلفت الناشط الحقوقي في قضايا الفساد، أمير البياتي، "العربي الجديد"، إلى أنّ "معظم نشاط أصحاب مكاتب السفر حالياً لا يتركز على الوفود السياحية بل على طلبات الحصول على تأشيرة من أيّ سفارة، خصوصاً بالنسبة لمن يريدون العلاج أو الدراسة. الفساد يبدأ من تلك المكاتب التي ترتبط مع أحزاب ومليشيات وضباط أمن يوفرون لها الحصانة".
بدورها، علقت النائب في البرلمان العراقي عن ائتلاف النصر، ندى شاكر جودت، على القضية، بأنّ "هناك محسوبية في طريقة التعامل مع العراقيين داخل بعض السفارات الأوروبية، خصوصاً في ما يتعلق بالحصول على التأشيرة وتسهيل الإجراءات لبعض المراجعين وتسريع مقابلات البعض". وأضافت لـ"العربي الجديد"، أنّه "للأسف يبدو أنّ السفارات قد تأثرت بنظام بعض الدوائر والمؤسسات العراقية، التي لا تنجز أيّ معاملة إلا بوجود علاقات وصداقات".
وكانت مجلة "دير شبيغل" الألمانية قد فجرت، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فضيحة من العيار الثقيل، عن تلاعب موظفين في القنصلية الألمانية بمدينة أربيل، شمال العراق، في تأشيرات الدخول لسوريين لاجئين، بمبالغ تراوح بين ثلاثة آلاف دولار و13 ألف دولار.
ووصل بيع التأشيرات إلى درجة الحصول عليها عبر المقاهي المنتشرة في الشوارع، ومن دون إجراء أيّ مقابلة في القنصلية أو اتباع الإجراءات الرسمية المتعارف عليها. ونقلت المجلة في تحقيقها تعليقات لسوريين تضرروا من العملية بعدما دفعوا أموالاً للموظفين ثم أُسقطت صلاحية تأشيراتهم قبل مغادرتهم أربيل إلى ألمانيا.
من جانبه، يقول موظف عامل في السفارة الإيطالية، إنّ "رواتب الموظفين البسيطة في بعض السفارات تدفعهم أحياناً إلى الاتكال على المعاملات الواردة إلى السفارة"، مبيناً في حديث إلى "العربي الجديد"، أنّ "القليل فقط من الموظفين يسهلون الإجراءات لقاء مقابل مالي، أو غير مالي كالهدايا، وأحياناً يجري ذلك من دون أيّ مقابل، بل بسبب العلاقات الشخصية. وهذا الأمر ينطبق على كثير من السفارات".