السودان .. 6 آلاف طفل يعيشون آلام السكري

14 نوفمبر 2018
ضرورة مراقبة السكري (Getty)
+ الخط -


أصيب الطفل السوداني، يوسف هشام الريح، بـمرض السكري حينما كان في الخامسة من عمره، إذ بدأت والدته تلاحظ نقصاً كبيراً في وزنه، مع رغبة مستمرة في تناول المياه، وميل أكثر لأكل الحلويات والسكريات.

تقول والدته، سمية أبو رنات، لـ "العربي الجديد": إنها أخذت ابنها إلى الطبيب الذي شخص إصابته بمرض السكري من النوع الأول، نزل الخبر كالصاعقة على الأم، وباقي أفراد الأسرة لتبدأ رحلة علاجه بـحقن الإنسولين، ثلاث مرات في اليوم، قبل كل وجبة.

وتوضح أنها حرصت مع بداية مرض طفلها في عام 2007، على حرمانه نهائياً من تناول السكريات والحلويات خاصة الشكولاتة، وهذا ما دفعه إلى أخذ ما يريده منها خلسة، ما اضطرها إلى التوجه إلى مرشدة نفسية متخصصة في التعامل مع الأطفال مرضى السكري، والتي قدمت لها جملة من الإرشادات والنصائح، أهمها عدم حرمان الطفل من رغبته، لأن المنع يؤدي لبروز آثار الحرمان، واشترطت المرشدة حال تناوله لأي حلويات، زيادة جرعة الدواء.

وتشير والدة يوسف، إلى أنها تراقب معدل السكر عند طفلها بفحص دمه كل ليلة، مؤكدة أنها باتت تدرك أي تغيرات في المعدل، دون أن تخفي غضبها من الزيادات المتصاعدة في أدوية السكري، وخاصة شرائح الفحص.

وعن الصعوبات التي تواجهها مع طفلها، تقول إنه يشتكي يوميا من حقن الإنسولين ويحاول التهرب منها، وأنها سعت من أجل ذلك لتغييرها بحقن من النوع الصغير لا تؤلم كثيراً.

قصة يوسف تشبه إلى حد كبير حكاية الطفلة أعناب، التي أصيبت بداء السكري وهى في عامها الأول، إذ لاحظت والدتها هزالها مع رغبتها كبيرة في شرب المياه.

تقول والدتها، شذى عبد المجيد، لـ"العربي الجديد": " إنه على عكس يوسف، لا تميل ابنتها لتناول الحلويات والسكريات، بل إنها اعتادت على شرب اللبن بدون سكر، لكنها تحب قطع الشكولاته والمثلجات، ويسمح لها بذلك مرة واحدة في الأسبوع، مع زيادة جرعة الإنسولين" .

وتشرح أنها تقوم بفحص المعدل التراكمي للسكري لابنتها، مرتين في الشهر، والفحص العادي ثلاث مرات في اليوم، مبينة أن أكثر ما يقلقها هو حالة الانخفاض في السكري التي تصيب ابنتها خلال النوم، "اجتهدنا كثيرا في تجاوزها عبر توفير أغذية غنية بالبروتين".

وأكثر ما يزعج الطفلة، حسب والدتها، هو نظرة الضعف والعطف الزائد من أقرانها وبعض أفراد المجتمع، في حين تعتبر نفسها، شخصية طبيعية وتمارس حياتها بشكل عادي.

حكايتا أعناب ويوسف، تشبهان قصص 6 آلاف طفل سوداني، أصيبوا بمرض السكري، كما يقول استشاري السكري والغدد الصماء، ونائب مدير مركز السودان للأطفال، الدكتور عمر عثمان، لافتا إلى أن 3 آلاف حالة موجودة في ولاية الخرطوم، أما البقية فتتوزع في باقي الولايات، وأن 10 في المائة فقط أصيبوا بالمرض نتيجة عوامل وراثية، بينما النسبة المتبقية لعوامل خارجية منها الحرمان من الرضاعة الطبيعية.

ويوضح عثمان لـ"العربي الجديد" بناء على دراسات طبية في السودان، فإن كل 100 ألف طفل يصاب 10 منهم بالسكري، والنسبة عالية مقارنة مع دول أخرى مثل الصين التي يصاب فيها 0,5، من بين كل 100 ألف.

ويشرح أن مركز السودان لسكري الأطفال وفروعه في الولايات، يوفر خدمة علاجية وتشخيصية مجانية لكل الأطفال المصابين، بالإضافة إلى الخدمة النفسية والتوعية، مع وجود عيادات خاصة لعلاج المضاعفات للأسنان والعيون.

ويحدد عثمان أبرز المشكلات التي تواجه الأطفال مرضى السكري، في عدم تفهم كثير من الأسر لطبيعة المرض، وغياب التغذية الصحية، فيما تواجه بعض الأسر صعوبات مالية في توفير العلاج وشرائط الفحص اليومي، مبيناً أن تلك المشكلات تؤدي إلى عدم ضبط السكر، ما يؤدي أحياناً إلى غيبوبة أو حدوث مضاعفات الزلال البولي أو تأثر الكلى وترسب البروتين، أو حتى التأثير على شبكية العين، وعلى المدى البعيد يكون التأثير على الأعصاب الطرفية.

وينصح المتحدث الأسر بعدم حرمان الأطفال من الحلويات والسكريات بصورة مطلقة، مبينا أن بإمكان الأطفال تناول ما يريديون من حلويات شريطة زيادة جرعة العلاج.

وتساهم العديد من الجمعيات الخيرية السودانية، في مساعدة الأسر التي يصاب أطفالها بمرض السكري، ومن بين تلك الجمعيات، المنظمة السودانية للأطفال مرض السكري. وتقول المسؤولة الاجتماعية للمنظمة، نوال أحمد السنوسي لـ"العربي الجديد"، إن المنظمة تعمل على توفير العلاج والفحص المجاني للأسر الفقيرة، خاصة في ظل الظروف المعيشية بالغة التعقيد، مبينة أن الأسر التي بها أكثر من مريض تجد رعاية ودعما أكثر من المنظمة، وتشير إلى أن الجمعية وصلت مرحلة توفير مشاريع منتجة لبعض الأسر الأكثر فقراً حتى لا يشكل العلاج والفحص والغذاء الصحي هاجساً لها.

وتعتبر السنوسي، أن المجتمع بحاجة إلى توعية أكبر، لذا قامت المنظمة بأنشطة توعية في المدارس ووسط النساء في الأحياء.

ويقدر عدد المصابين بالسكري في السودان بنحو 5 ملايين شخص، بنسبة تصل إلى 4.2 في المائة من جملة السكان، وينتشر مرض السكري من النوع الثاني، وسط الكبار لعوامل وراثية أو السمنة والنمط الغذائي وعدم ممارسة الرياضة.

 

 

 


وتقول مديرة قسم الشراكات في إدارة مكافحة الأمراض في وزارة الصحة السودانية، سهام عبد الله جابر لـ"العربي الجديد"، إنّ الوزارة تولي اهتماماً كبيراً بمرض السكري في مرحلتي العلاج والتشخيص، إضافة إلى حرصها على تنفيذ برامج توعية كثيفة وسط المجتمع تقوم على إرشادات للأصحاء بتجنب الإصابة بالمرض وإرشادات للمرضى بكيفية التعايش معه، فضلا عن توفير العلاج ودعمه مباشرة بواسطة الدولة، مؤكدة توفر كافة العلاجات وأجهزة الفحص مع العمل على تدريب أكبر عدد من الأطباء المتخصصين.

المساهمون