عائلات من أجل الحرية في سورية

14 أكتوبر 2018
من أجل أبنائنا... (العربي الجديد)
+ الخط -

ولدت حركة "عائلات من أجل الحرية" من رحم قهر وعذاب خمس سيدات سوريات جمعهن ألم اعتقال سلب منهن أحبابهن. كان ذلك في ساحة مبنى الأمم المتحدة في جنيف، في منتصف شهر مايو/ أيار 2017، خلال انعقاد إحدى جولات المفاوضات ما بين النظام السوري والمعارضة، للمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين في سورية.

من السيدات المؤسسات للحركة، المحامية والناشطة الحقوقية، نورا غازي الصفدي، زوجة الناشط والمبرمج، باسل خرطبيل (باسل الصفدي) الذي اعتقل في مارس/ آذار 2012، ليُكتشف مؤخرا أنّه أعدم عام 2015، وبيان شربتجي، شقيقة الناشطين معن ويحيى شربتجي، من أبناء مدينة داريا بريف دمشق، التي كذلك علمت بخبر مقتلهما قبل أسابيع قليلة، بالرغم من أنّهما قتلا عام 2013، ومنهن كذلك الناشطة، فدوى محمود، والدة المعتقل ماهر الخير، وزوجة المعارض البارز المعتقل عبد العزيز الخير، وهما معتقلان منذ عام 2012، من دون أن تعرف مصيرهما بعد.

توضح محمود لـ"العربي الجديد" أنّ "الحركة تأسست على هامش إحدى جلسات التفاوض بين النظام والمعارضة، إذ وحّدنا عملنا المتفرق على قضايا المعتقلين، لنكون أقدر على إيصال صوتنا، بالإضافة إلى الدافع الرئيسي وهو أن يكون هناك تذكير دائم بملف المعتقلين، خصوصاً أنّه أهمل خلال السنوات الماضية، في وقت هو من الأهمية بحيث يجب جعله حاضراً دائماً". تضيف: "سرعان ما باتت الحركة أعم وأشمل وأصبحنا نطالب بجميع المعتقلين في الصراع، مع التأكيد على أنّ المعتقلين لدى النظام نسبتهم أكبر بكثير من أولئك الذين لدى الأطراف الأخرى، فنحن ضد الاعتقال بجميع أشكاله مهما كانت الجهة المسؤولة عنه". توضح أنّ "الحركة نظمت العديد من النشاطات وهي مستمرة حالياً، منها الوقفات الدائمة التي ترافق الاجتماعات المنعقدة في جنيف، لتذكر المجتمعين دائماً بملف المعتقلين".

تقول الحركة عبر موقعها على الإنترنت: "مئات الآلاف من السوريين معتقلون أو مختفون، معظمهم اختفى على يد النظام السوري، هم أبناؤنا وبناتنا، هم فلذة أكبادنا، زوجات وأزواج وآباء وأمهات، لم يرفعوا السلاح واتخذوا السلمية سبيلاً. نحن نقف ضد الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي الذي يرتكبه النظام وعدد من أطراف النزاع". تضيف: "نريد أن نحشد الوعي الشعبي للضغط على جميع الأطراف للامتثال لمطالبنا. لن تتوقف حركتنا حتى يجري إطلاق سراح كلّ سوري وسورية. سنعمل على توسيع حركتنا لتشمل كلّ عائلة لديها شخص مفقود أو محتجز، بغض النظر عن العرق والدين والمعتقد السياسي".



تطالب الحركة بالكشف الفوري عن أسماء جميع المحتجزين عند النظام وأطراف الصراع كافة، إلى جانب الكشف عن أماكن وجودهم وتبيان مصائرهم، والوقف الفوري للتعذيب وإساءة المعاملة. وفي حال وفاة أحد المعتقلين تقديم شهادة وفاة مع تقرير عن أسباب الوفاة ومكان الدفن إلى العائلات. كذلك، تدعو إلى الضغط على الحكومة السورية للسماح للمنظمات الإنسانية الدولية بتقديم الأغذية والمساعدات الطبية فوراً، والسماح للمنظمات الحقوقية الدولية بالوصول إلى المعتقلات لوقف التعذيب وسوء المعاملة ومراقبة ظروف المعيشة عن كثب من أجل ضمان توافر أماكن احتجاز مدنية تؤمن معايير المعيشة الصحية. وتنادي بإلغاء المحاكم الاستثنائية، لا سيما المحاكم الميدانية والحربية ومحاكم مكافحة الإرهاب وضمان المحاكمات العادلة تحت إشراف الأمم المتحدة.

تتهكم الحركة في التعريف بنفسها: "نحن لسنا سياسيين أو مقاتلين. نحن لا نحصل على دعوات رسمية للولائم أو الفنادق باهظة الثمن حتى نتفاوض على مستقبل بلدنا الحبيب. لكننا سنكون هناك مسلحين بقوة حبنا لأفراد عائلتنا… سنكون هناك". وتقول الحركة إنّ هناك إحصاءات تتحدث عن أكثر من 100 ألف شخص في سورية تعرضوا للاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري في جميع أنحاء البلاد. ويمكن أن يكون الرقم الحقيقي ضعفي أو ثلاثة أضعاف، لكن من المستحيل الحصول على رقم دقيق، إذ إنّ العديد من العائلات امتنعت عن تسجيل أبنائها مع مجموعات توثيق انتهاكات حقوق الإنسان خوفاً على سلامتهم.




تلفت الحركة إلى أنّ المعتقلين يواجهون تعذيباً وجوعاً وظروفاً معيشية صعبة جداً. فالزنزانات صغيرة ومزدحمة، ويضطر البعض للعيش لأشهر وسنوات في الحبس الانفرادي. وغالباً ما يحال المحتجزون إلى محاكم مؤقتة لا تخضع للقانون ويصبح من المستحيل إجراء محاكمة عادلة. ويحكم على العديد من المعتقلين بالسجن مدى الحياة أو حتى الموت. ويُخشى من أن يكون الآلاف قد قتلوا أثناء احتجازهم في إطار سياسة متعمدة وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها "إبادة جماعية".