مع إعلان السلطات العراقية في بغداد، للمرة الثالثة على التوالي في أقل من شهر، اعتقال عصابة جديدة متورطة ببيع الأعضاء البشرية، يستمر نشاط تلك الجريمة المنظمة في بغداد بسبب سهولة الإيقاع بالضحايا، وتواطؤ مستشفيات وأطباء مع العصابات بدافع المال.
وتعد الظاهرة الجديدة على المجتمع العراقي من مخلفات الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، الذي تسبب بانتشار الفقر والبطالة واتساع نطاق الأمية، وظهور تلك الأنواع من الجرائم.
ويؤكد مراقبون أن الظاهرة توسعت بعد اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي للعراق، وسيطرته على مدن شمال وغرب البلاد، ما أفسح المجال لمثل تلك العصابات التي تقدر اليوم بالعشرات بالانتشار وارتكاب جرائمها في تجارة الأعضاء.
ونقلت وسائل إعلام عراقية عن مسؤولين في وزارة الداخلية ببغداد قولها "إن قوات الأمن نفذت اليوم الأربعاء عملية ناجحة، وتمكنت من الإيقاع بعصابة كبيرة تمتهن الاتجار بالأعضاء البشرية، وذلك خلال كمين أعد بالاتفاق مع أحد الأشخاص لديه اتصال بالعصابة بعد أن عرض بيع كليته".
وأوضح المسؤولون أن "الاتفاق كان بالوصول إلى مرحلة إدخال الضحية صالة عمليات غير رسمية، ثم مداهمة المكان واعتقال الجميع".
ويبلغ عدد أفراد العصابة الذين اعتقلوا إثر الكمين ستة أشخاص إضافة إلى مساعد طبيب وموظف صحي.
وتعتبر تجارة الكلى النشاط الأوسع الذي تمتهنه عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية، إذ يبلغ سعر الكلية الواحدة ما بين 10 إلى 15 ألف دولار.
ويقول المقدم فلاح حسين من شرطة مكافحة الجريمة المنظمة ببغداد لـ"العربي الجديد" إن "تلك العصابات تستهدف شرائح الفقراء والعاطلين عن العمل والغارقين بديونهم، مرورا بالحالمين بالسفر إلى الخارج لتكوين حياة جديدة ويحاولون البدء بمبلغ يخرجون به من البلاد، وصولاً إلى ما هو أبشع وهو خطف الضحايا قسراً من أطفال ومراهقين وشباب وسرقة كلاهم، ورميهم بالشارع ببطانيات".
وتابع "أخطر أنواع العصابات وأبشعها اعتقلنا الأسبوع الماضي إحداها بعد أن خطفت شخصاً يعاني من اضطرابات عقلية ومزقت بطنه وأخذت كليتيه". مبيناً أن بؤر انتشار تلك العصابات في مناطق شرق وجنوب العاصمة ذات العشوائيات الكبيرة ومعدلات الفقر العالية.
وحذر ناشطون في حقوق الإنسان من تفاقم جرائم الاتجار بالأعضاء البشرية في العراق، مشيرين إلى أن الظاهرة باتت خطراً حقيقياً على المجتمع.
وقال رئيس منظمة "السلام" العراقية لحقوق الإنسان محمد علي لـ"العربي الجديد": "سجلنا ارتفاعا كبيرا في عدد العصابات التي تعمل بهذا النوع من الجرائم بنسبة 35 بالمائة عن عام 2012، ووثقنا روايات لشهود وضحايا أوضحت كيف صارت تلك العصابات تطور عملها، وتتفق مع مستشفيات خارج بغداد في كردستان أو حتى تركيا ولبنان ودول أخرى، وترسل الكلى وفق طلبيات محددة".
وأكد أن "عشرات النازحين وقعوا في فخ هذه العصابات، إذ باع أكثر من 50 شخصاً كليته مقابل مبلغ مالي لا يتجاوز 10 آلاف دولار، وهذه سابقة خطيرة. ولا يزال العديد من النازحين يبيعون أعضاءً ليقاوموا الأوضاع الصعبة والقاهرة في مخيمات النزوح في نينوى وكردستان".