شرطة الجزائر تطارد باعة الأرصفة

27 يناير 2018
بيع أمام محلات تجارية لا تبيع (العربي الجديد)
+ الخط -
لا تنتهي فوضى باعة الأرصفة في الجزائر بالرغم من مكافحتها. هم يحتلون جوانب الطرقات الأكبر في العاصمة، خصوصاً مناطقها المعروفة بالاكتظاظ، ولا يبالون بمنع السلطات انتشار الباعة الصغار، بل تبدو لهم لعبة قط وفأر لا تنتهي بين الجانبين، فالشرطة تطارد الباعة، وهؤلاء يتحينون الفرص والمناسبات لعرض سلعهم.

تمكنت السلطات من القضاء على عدد من الأسواق العشوائية ووضع حد نهائي لنشاط الباعة غير الشرعيين في إطار خطة كاملة للتخلص من التجارة الموازية وتحرير الأماكن العامة في العديد من الأحياء الشعبية والأسواق من البيع الفوضوي.

لكن، في المقابل، يطالب البائعون الشباب بمساحات تتيح لهم ممارسة نشاطاتهم إذا لم تتوفر لهم فرص عمل أخرى، ويذكر عدد منهم لـ"العربي الجديد"، أنّ الحلّ لن يكون اليوم وبالتالي سيستمرون في نشاطاتهم كي لا يموتوا جوعاً فقط من أجل قرارات رسمية يطلب منهم الرضوخ لها.

يبيع هؤلاء على الأرصفة مواد غذائية وملابس صينية وأدوات مدرسية في أحياء مثل باب الوادي وساحة الشهداء وبلكور. صراخهم يملأ الأماكن، إذ ينادون بأعلى أصواتهم للتدليل على بضاعتهم. تنافس الأصوات رائحة الخبز والخضر والتوابل والحلويات التقليدية في سوق بلكور، أحد أبرز الأحياء العتيقة في العاصمة.



مثل الكثير من الشباب الذين يعانون من البطالة في الجزائر، وجد عمار، الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين، ضالته في بيع الأدوات المدرسية خصوصاً في الأيام التي تسبق افتتاح العام الدراسي. هذه التجارة لا تخسر، كما يقول، إذ إنّها موجهة إلى التلاميذ والأسر المتوسطة الدخل. يقول عمار لـ"العربي الجديد"، إنّه يغير التجارة بحسب المناسبات وقدرته على البيع، كما يبدل الأماكن التي يعرض بضاعته فيها، فتصدفه مرة في ساحة "أول مايو" بقلب العاصمة، ومرة في شارع بلكور، ومرة في حي حسيبة بن بوعلي. يقرّ بأنّه غالباً ما يهرب من الشرطة، ولا يجد ملاذاً غير بعض الدكاكين التي يتفق مع أصحابها على إخفاء بضاعته فيها كلما هرب.






كانت السلطات الجزائرية قد منعت نشاط باعة الأرصفة في مختلف الأماكن العامة بما فيها الطرقات المؤدية إلى الأسواق اليومية والشوارع الرئيسية ومحطات النقل، بهدف الحد من ظاهرة التجارة الموازية بشتى أشكالها، وكذلك تنظيم نشاط التجار القانونيين من أصحاب المحلات بمنعهم هم كذلك من احتكار الأرصفة المقابلة لمحلاتهم. ويرمي هذا الإجراء الذي بدأ العمل به في أماكن أخرى بعد عيد الفطر الماضي إلى إزالة المظاهر السلبية بمختلف أشكالها، ومنها عرقلة حركة المرور أو الرمي العشوائي للنفايات وتشويه الناحية الجمالية للمنطقة أو حتى المس بصحة المستهلك.

وللتمكن من القضاء على الفوضى التي تتسبب بها التجارة الموازية، انتشرت وحدات الأمن بالزيين الرسمي والمدني في مختلف أنحاء العاصمة، خصوصاً الأماكن التي كان ينشط فيها التجار غير الشرعيين الذين اقتسموا الأرض عبر رسم حدود مربعة لكلّ منهم مع وضع أوتاد للطاولات المستعملة، بالإضافة إلى بعض الشاحنات التي يتولى أصحابها عرض الخضر والفواكه فوقها. وبالرغم من هذه العملية التي أقدمت عليها السلطات المحلية، فإنّ كثيرين يطالبون بحلول عاجلة أو بديلة، حتى يتمكنوا من "الاسترزاق وتأمين لقمة العيش لمن نعيل".

من جهتهم، يعبر عدد من التجار الشرعيين منهم من أصحاب المحلات التجارية عن غضبهم من باعة الأرصفة. ويقولون إنّهم يكبدونهم خسائر كبيرة، على العكس من "أولئك الباعة الطفيليين الذين يجنون أرباحاً كبيرة لأنّهم لا يدفعون ضرائب في المقابل، بينما ندفع نحن ضرائب وإيجارات ونمارس نشاطاتنا بطريقة قانونية بينما يهددنا الإفلاس بسببهم"، كما يقول أحد التجار. يضيف أنّ منافسيهم غير الشرعيين في محاذاة الأسواق يقبل المواطنون على بضائعهم بشكل كبير نظراً لانخفاض الأسعار لديهم: "لا يبالي المواطنون بالمخاطر الصحية التي تترتب على تلك المواد". وبحسب أحد التجار، فإنّ الوضع أجبر العديد منهم على التحول إلى التجارة الفوضوية وعرض بضائعهم أمام مداخل المحلات.

من جانبهم، يعبر سكان الأحياء عن سعادتهم بحملة الأجهزة الأمنية، مشيرين إلى تذمرهم من حالة الازدحام التي كانت سائدة ومن الانتشار الكبير للنفايات التي يخلفها الباعة يومياً، حتى أنّ بعضهم احتل مداخل العمارات القديمة ما يسبب المزيد من الإزعاج وقد يؤدي إلى شجارات، ما جعل الفوضى تسيطر على كثير من الأحياء المزدحمة بالسكان والمارة والباعة في الوقت عينه.