تحت القصف...أهالي عربين يلجأون لأقبية أشبه بـ"القبور"

25 يناير 2018
يعيشون في أقبية تنعدم فيها مقومات الحياة (Getty)
+ الخط -

يقبع آلاف المدنيين في مدينة عربين، إحدى مدن الغوطة الشرقية المحاصرة منذ سنوات من قبل القوات النظامية والمليشيات الطائفية والموالية، في أقبية غير صالحة للسكن، تنعدم فيها مقومات الحياة وتكاد تشبه القبور، غير أنهم لم يجدوا عنها بديلا في محاولة يائسة للاحتماء من وابل القذائف التي لا تفرق بين مدنيين وعسكريين ولا بين كبار أو صغار في السن.

وفي السياق، يقول المواطن نديم جمعة أبو عبد الرحمن، لـ"العربي الجديد": "منذ سنوات ونحن نعاني القصف والجوع، وأصبح الموت اليومي جزءا من حياتنا، لكن في الأسابيع الأخيرة أصبحنا نموت كل يوم ألف مرة، فنحتمي بأقبية كالقبور، لا ندري إن كنا سندفن فيها أم لا، لكننا نحتمي بها، ونتحمل رائحة الرطوبة والظلام والازدحام الشديد وبالكاد نجد مكانا للجلوس فيها".

ويتابع "أقيم مع عائلتي المكونة من 5 أفراد، إلى جانب عائلات إخوتي الأربعة، في قبو البناء الذي يقيم فيه أخي الكبير، ولا تتجاوز مساحته الـ40 مترا، هو تحت الأرض ولا يوجد فيه أي متنفس سوى الباب، كما أنه غير مزود بالكهرباء وبلا حمام، والرطوبة تملأ جدرانه، ويبقى القبو الذي نقيم فيه أفضل من غيره، فهناك عائلات تقيم في أماكن سيئة وأقل أمانا، كشقة أرضية في بناء نصف مدمر".

من جانبه، يقول الناشط الإعلامي براء أبو يحيى، ابن مدينة عربين، لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع الإنساني الذي يعيشه المدنيون في مدينة عربين مؤلم، نتيجة الحملة العسكرية على المدينة، ما أدى لدمار عدة أحياء بشكل كامل وتشرد أهلها"، وبيّن أن "عدد العائلات التي هجرت منازلها المدمرة أكثر من 2500 عائلة، بينها نحو 1400 عائلة على الأقل تقطن أقبية غير صالحة صحيا للسكن بشكل نهائي".


ويضيف "عندما ننزل إلى أحد تلك الأقبية، غالبا ما تكون عدة عائلات مجتمعة في مساحة صغيرة، وبإنارة ضعيفة للغاية، وفي غياب للتهوية، ما يساعد على انتشار رائحة الرطوبة والعفن، كما تغيب عن تلك الأقبية المدافئ، ما يتسبب بعشرات الأمراض الجلدية والتنفسية، مثل ضيق التنفس والتهاب القصبات".

ويلفت إلى أن "ضيق مساحة تلك الأقبية حرم الأطفال من القدرة على اللعب أو التحرك، ما يدفعهم للخروج بين الفترة والأخرى إلى بيوتهم المدمرة لكي يستعيدوا ذكرياتهم وألعابهم حتى تحت القصف".

ويبين أن "الحملة العنيفة بالصواريخ المدمرة والغارات الجوية والقذائف المدفعية التي تستهدف التجمعات المدنية، رغم بعدها عن جبهات القتال، أدت إلى شلل الحياة المدنية وتوقف التعليم وإغلاق الأسواق التي تعاني شحا في المواد بسبب الحصار، حيث تم تدمير سبعة أحياء مدنية، نزح أهلها في هذا الطقس البارد إلى أقبية غير مجهزة بأي مقومات الحياة".

ويذكر أن "كثيرا من العائلات تعتمد على ما قد يصلها من طعام من بعض المحسنين أو الشخصيات الخيرية، ومنهم من يبحث بين ركام البيوت المدمرة عن شيء يمكن أن يؤكل أو يباع لشراء ما يسد رمقهم، في حين يحصلون على مياه الشرب من الآبار القديمة أو حفر بعض الآبار السطحية التي تجهز عبر المجلس المحلي".