يسعى فلسطينيّون على مدار الساعة إلى إدخال المواد الغذائية والخضر إلى الجانب المصري من الحدود عبر الأنفاق المتبقية بين قطاع غزة وسيناء، في ظل حصار الجيش المصري لمدينة رفح منذ نحو شهر، بهدف "ردّ الجميل". فلطالما ساهم مصريون في مدينة رفح في التخفيف من وطأة الحصار الإسرائيلي على الفلسطينيين، فما كان منهم إلّا أن ردّوا الجميل لأشقائهم المحاصرين من قبل الجيش المصري.
ورغم أنّ الجيش المصري فجّر غالبيّة الأنفاق، التي كانت تستخدم لتهريب البضائع والأدوية إلى الفلسطينيين على مدار سنوات الحصار الإسرائيلي منذ عام 2006، إلّا أنّ بعضها ما زال صالحاً لتهريب السجائر وبعض أنواع الأدوية فقط.
يقول أحد المهربين لـ "العربي الجديد" إن الفلسطينيين، وبجهود شخصية، بدأوا يوصلون الخضر والمواد الغذائية والمعلبات والمشروبات من خلال عدد قليل جداً من الأنفاق، للتخفيف من حدة الحصار الذي يفرضه الجيش المصري على مدينة رفح المصرية.
يُشار إلى أنّ الجيش المصري يفرض حصاراً خانقاً على رفح منذ شهر، ويمنع الحركة من وإلى المدينة بشكل كامل، عدا عن هدم منازل وتهجير مواطنين واعتقال آخرين وإصابة العشرات بينهم أطفال ونساء، في إطار حملة عسكرية هي الأوسع منذ بدء المعارك في سيناء قبل أربع سنوات.
يضيف المهرّب نفسه أن "الفلسطينيين الذين يهرّبون المواد الغذائية لا يقبلون الحصول على أي مقابل مادي، وهم يعتبرون هذا العمل واجبا ورد جميل للمصريين الذين كان لهم دور في تخفيف الحصار عنهم خلال السنوات الماضية". ويلفت إلى أنّ ما وصل من الجانب المصري لا يكفي لسد العجز الكبير في احتياجات المواطنين اليومية، في إشارة إلى أن إجراءات الأمان التي ترافق العمل في التهريب تجعل عملية نقل البضائع من وإلى غزة صعبة.
تجدر الأإشارة إلى أنّ ثمّة عائلات في مدينة رفح المصرية ترتبط بعلاقات قرابة مع أخرى في جارتها الفلسطينية، خصوصاً عائلات زعرب والشاعر وقشطة وبرهوم، إضافة إلى قبائل البدو من الترابين والأرميلات والسواركة.
من جهته، يقول مصدر قبلي لـ "العربي الجديد" إن الأوضاع الإنسانية في مدينة رفح المصرية تزداد سوءاً، في ظل شح المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال، سواء في المحال التجارية أو البيوت. ويوضح أن المدينة على شفا كارثة إنسانية حقيقية في حال لم يوقف الجيش المصري حصاره، ويسمح بدخول المواد الغذائية وغيرها من احتياجات المواطنين في أقرب وقت ممكن، بعد شهر كامل من الحصار الخانق على المدينة. ويشير إلى أنّ التجار لم يتمكنوا من إدخال أي كميات من الخضر والمواد الغذائية طوال الفترة الماضية، باستثناء عدد قليل من السيارات من جراء ضغط أحد مشايخ سيناء على ضابط في جهاز الاستخبارات المصرية. ويؤكد أن عدداً من المصريين يشعرون بالغضب في ظل تجاهل معاناتهم من قبل محافظ شمال سيناء، ونواب سيناء في مجلس الشعب، والمشايخ، واتحاد قبائل سيناء، رغم أن الوضع بات كارثياً.
ويبيّن المصد نفسه أنّ الجيش المصري يجلب إمدادات الطعام إلى قواته المحاصِرة لمدينة رفح، إلا أنه يرفض تقديم أي وجبات أو مواد غذائية للمحاصَرين، رغم اطلاع ضباط الجيش على الوضع الإنساني الكارثي في المدينة منذ شهر. كذلك، يمنع الجيش المصري دخول أية بضائع رغم تكدسها على الطريق من العريش إلى رفح مروراً بالشيخ زويد، حتى إنه يطلب من السائقين الذين يحملون المواد الغذائية للمحاصرين في رفح العودة، كما يؤكد شهود عيان لـ "العربي الجديد". ويوضح هؤلاء أنّ الجيش المصري يضيّق الخناق على تجار مدينتي رفح المصرية والشيخ زويد على الحواجز والكمائن العسكرية بشكل عام، وبات أكثر تشدداً على الكمائن التي تؤدي إلى رفح، فيرجع أية شاحنة أو سيارة محملة ببضائع إلى المحاصرين في المدينة.
منطقة عازلة
اضطر آلاف المصريين من سكان مدينة رفح إلى النزوح خلال العامين الماضيين، بسبب إنشاء الجيش منطقة عازلة بين قطاع غزة وسيناء، إضافة إلى إجراءات الجيش التعسفية من اعتقالات وإطلاق نار عشوائي. وقد لجأ البعض إلى مدن العريش وبئر العبد والإسماعيلية. ورغم الوضع الأمني المتدهور، إلّا أنّ شريحة واسعة من سكان المدينة ترفض ترك منازلها وأراضيها والنزوح.