لم ينجح بعض السوريين الذين نزحوا إلى مناطق أكثر أماناً داخل سورية بالتأقلم مع حياة "الغربة"، فاختاروا العودة إلى الديار، لتتشتت عائلات مجدداً.
حتّى اليوم، لم يتقبّل بعض السوريين النازحين واقعهم الجديد. ورغم أنهم لم يغادروا الأراضي السورية، إلّا أنّهم يشعرون بالغربة، خصوصاً أنهم أجبروا على ترك منازلهم وأراضيهم والانتقال إلى مناطق المعارضة في الشمال، بسبب الحصار الخانق، والخوف من بطش النظام والمليشيات. اليوم، قرروا العودة إلى مناطقهم الخاضعة لسيطرة النظام، رغم ما يمكن أن يواجهونه فيها.
في هذا السياق، يقول عامر برهان، النازح من الزبداني في ريف العاصمة السورية دمشق، لـ "العربي الجديد": "عادت عائلات إلى الزبداني ومضايا، بعدما سمح للأهالي بالدخول، خصوصاً تلك غير المطلوبة للنظام". ويوضح أن بعض العائلات فضلت العودة بسبب "الإحساس بالغربة القاتل، والفوضى في إدلب، وخوفها من المستقبل المجهول، وتكرر مأساة الحصار والقصف".
من جهته، يقول ابن مدينة مضايا في ريف دمشق، حسام محمد، لـ "العربي الجديد": "بعض النازحين من مضايا لم يستطيعوا التأقلم في إدلب، ما دفعهم للعودة إلى مضايا. آخرون سافروا إلى تركيا، ومنهم من اعتقل بعد اتهامه بأنه كان على تواصل مع جهات في النظام، بهدف إجراء تسوية وتسليم السلاح". يضيف أن خيار العودة أدّى إلى تشتيت عائلات. على سبيل المثال، بقي آباء وأبناء في سن الخدمة العسكرية الإجبارية في المناطق التي نزحوا إليها، فيما عادت نساء وأطفال بسبب عدم القدرة على الاندماج والتأقلم، والوضع المعيشي السيئ من جراء ارتفاع الأسعار، إضافة إلى عدم الاستقرار الأمني".
يضيف: "الغارات الجوية التي حصلت مؤخراً دفعت عائلات كثيرة إلى الهرب من إدلب نحو الحدود التركية، فيما حاولت أُخرى العودة إلى مناطقها".
ويرى محمد أنّه كان للوضع الاجتماعي تأثير كبير على عودة العائلات، خصوصاً أن بعض العائلات تركت أهلها في المدينة، وكان هذا مؤلماً جداً، عدا عن المعاملة السيئة والاستغلال في المناطق التي نزحوا إليها. ويعتقد البعض أن النازحين باعوا أراضيهم، ما يعني أنهم يملكون النقود، إضافة إلى ما تقدمه المنظمات الإنسانية والمدنية لهم من مساعدات. ويبيّن أن "بعض الأشخاص الذين عادوا بشكل فردي، لم يتعرضوا لأي شيء علماً أنهم ليسوا مطلوبين من النظام. أما عائلات أخرى عادت جماعة، مثل 11 امرأة وأطفالهن، فقد احتجزوا في مدرسة في ريف دمشق حتى الآن، من دون أن يعرف السبب". يضيف: "أعتقد أن جميع النازحين يتمنون إيجاد حلول للعودة إلى منازلهم وأراضيهم".
بدوره، يقول الناشط الإعلامي، والنازح من حيّ الوعر الحمصي، محمد السباعي، لـ "العربي الجديد": "أولئك الذين عادوا من المخيّمات أو إدلب وريفها أو ريف حلب إلى مناطقهم، لم يكن لديهم رغبة في الخروج من منازلهم، إلّا أنهم اضطروا إلى ذلك لأسباب عدة. وفي المناطق التي نزحوا إليها، تعرّضوا إلى مواقف سلبية كثيرة، منها بسبب سوء إدارة المخيمات أو المجالس المحلية في المدن والبلدات، إضافة إلى ارتفاع بدلات إيجار المنازل. وفي مناطق درع الفرات، يتراوح بدل إيجار المنزل ما بين 200 و300 دولار أميركي، كما هو الحال في أعزاز مثلاً، ما يجعل العائلة في حاجة إلى تأمين 500 دولار أميركي في الشهر كحد أدنى، عدا عن عدم توفر الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه ومواد طبية". ويرى السباعي أنّ كل ما سبق لا يمكن أن يبرر العودة إلى مناطق سيطرة النظام، وإن كان العائدون لا يؤيدون النظام.
اقــرأ أيضاً
مصادر معارضة في دمشق، طلبت عدم الكشف عن هويتها، تقول إن "النظام لم يترك وسيلة لقمع المناهضين له، المطالبين بالحرية والكرامة، من عنف في بداية التظاهرات السلمية، والقصف بمختلف الأسلحة الثقيلة، إلى الاعتقالات والحصار والتجويع. وأخيراً، وضع الناس أمام خيارين في المناطق المحاصرة أو تلك التي استطاعوا التقدّم فيها؛ إما الرضوخ إلى سلطة النظام، وتسليم السلاح والقتال في صفوف قوات النظام، أو النزوح إلى مناطق المعارضة في الشمال السوري".
ويلفت إلى أن "الأمر كان مؤلماً جداً للأهالي. عقب سبع سنوات من الألم والحلم بالحرية والكرامة، جاء النظام وأخرجهم من منازلهم"، مضيفاً أنّ "النظام كان يزيد الضغوط على مناطق المعارضة، من خلال حرمانها من الخدمات وتدمير البنى التحتية ومنع المواد الغذائية والطبية عنها".
يُشار إلى أن النظام هجر عشرات آلاف السوريين من مناطق سيطر عليها عقب حصار طويل وعمليات عسكرية مكثفة، في إطار تسويات مع الفصائل المسيطرة على تلك المناطق.
اقــرأ أيضاً
ويرى محمد أنّه كان للوضع الاجتماعي تأثير كبير على عودة العائلات، خصوصاً أن بعض العائلات تركت أهلها في المدينة، وكان هذا مؤلماً جداً، عدا عن المعاملة السيئة والاستغلال في المناطق التي نزحوا إليها. ويعتقد البعض أن النازحين باعوا أراضيهم، ما يعني أنهم يملكون النقود، إضافة إلى ما تقدمه المنظمات الإنسانية والمدنية لهم من مساعدات. ويبيّن أن "بعض الأشخاص الذين عادوا بشكل فردي، لم يتعرضوا لأي شيء علماً أنهم ليسوا مطلوبين من النظام. أما عائلات أخرى عادت جماعة، مثل 11 امرأة وأطفالهن، فقد احتجزوا في مدرسة في ريف دمشق حتى الآن، من دون أن يعرف السبب". يضيف: "أعتقد أن جميع النازحين يتمنون إيجاد حلول للعودة إلى منازلهم وأراضيهم".
بدوره، يقول الناشط الإعلامي، والنازح من حيّ الوعر الحمصي، محمد السباعي، لـ "العربي الجديد": "أولئك الذين عادوا من المخيّمات أو إدلب وريفها أو ريف حلب إلى مناطقهم، لم يكن لديهم رغبة في الخروج من منازلهم، إلّا أنهم اضطروا إلى ذلك لأسباب عدة. وفي المناطق التي نزحوا إليها، تعرّضوا إلى مواقف سلبية كثيرة، منها بسبب سوء إدارة المخيمات أو المجالس المحلية في المدن والبلدات، إضافة إلى ارتفاع بدلات إيجار المنازل. وفي مناطق درع الفرات، يتراوح بدل إيجار المنزل ما بين 200 و300 دولار أميركي، كما هو الحال في أعزاز مثلاً، ما يجعل العائلة في حاجة إلى تأمين 500 دولار أميركي في الشهر كحد أدنى، عدا عن عدم توفر الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه ومواد طبية". ويرى السباعي أنّ كل ما سبق لا يمكن أن يبرر العودة إلى مناطق سيطرة النظام، وإن كان العائدون لا يؤيدون النظام.
مصادر معارضة في دمشق، طلبت عدم الكشف عن هويتها، تقول إن "النظام لم يترك وسيلة لقمع المناهضين له، المطالبين بالحرية والكرامة، من عنف في بداية التظاهرات السلمية، والقصف بمختلف الأسلحة الثقيلة، إلى الاعتقالات والحصار والتجويع. وأخيراً، وضع الناس أمام خيارين في المناطق المحاصرة أو تلك التي استطاعوا التقدّم فيها؛ إما الرضوخ إلى سلطة النظام، وتسليم السلاح والقتال في صفوف قوات النظام، أو النزوح إلى مناطق المعارضة في الشمال السوري".
ويلفت إلى أن "الأمر كان مؤلماً جداً للأهالي. عقب سبع سنوات من الألم والحلم بالحرية والكرامة، جاء النظام وأخرجهم من منازلهم"، مضيفاً أنّ "النظام كان يزيد الضغوط على مناطق المعارضة، من خلال حرمانها من الخدمات وتدمير البنى التحتية ومنع المواد الغذائية والطبية عنها".
يُشار إلى أن النظام هجر عشرات آلاف السوريين من مناطق سيطر عليها عقب حصار طويل وعمليات عسكرية مكثفة، في إطار تسويات مع الفصائل المسيطرة على تلك المناطق.