مئات آلاف السوريين لجأوا إلى الأردن منذ بداية الأزمة في بلادهم. من بين هؤلاء آلاف الأطفال غير المصحوبين بذويهم لسبب أو لآخر. لكنّ منظمة الأمم المتحدة والشركاء المحليين يتكفلون بقضيتهم
نهاية العام 2011 خسرت الطفلة السورية ريم أسرتها. كانت في العاشرة يوم نجت من غارة استهدفت منزلها في ريف حمص، فقتل والدها وزوجته وأشقاؤها الثلاثة. تروي قصتها: "ذهبت إلى دكان لشراء الماء، فسمعت صوت قصف. وخلال عودتي قابلتني زوجة عمي وأخبرتني أنّ قذيفة سقطت على بيتنا وأنّ كلّ عائلتي ماتت".
انتقلت الطفلة للعيش في كنف عمها، لكنّ إقامتها لم تستمر أكثر من شهر، لتجد نفسها ملقاة في الشارع بعدما طردتها زوجة عمها عقب معاملة قاسية تلقتها منها. وجدت ريم نفسها بعد أيام من المبيت في الشارع في عهدة أفرادٍ من المعارضة المسلحة. لاحقاً عرضوا على عائلات المنطقة احتضانها، فوافقت السيدة غفران (أم مجد)، على ذلك. تقول غفران: "قلبي حنّ عليها، وعندما علمت بما جرى لها تمسكت ببقائها لديّ".
الأربعينية غفران منفصلة عن زوجها، ولديها أربعة أطفال، ذكران وأنثيان، لكنّها تقول: "مذ دخلت ريم بيتي، أصبح عندي صبيان وثلاث بنات. اعتبرتها واحدة منهم، وباتت تناديني: أمي". بعد نحو عام أمضته الطفلة مع أسرتها الجديدة داخل سورية، لم يعثر على أقارب لها، سواء من القرابة المباشرة أو البعيدة، ولاحقاً توفي عمها في إحدى الغارات، ولم يعرف مصير زوجته أو أبناء عمومتها. تقول غفران: "انتظرت أن يأتي أحد للسؤال عن ريم، لكن لم يحصل ذلك. حتى لو كان هناك من بقي من عائلتها توقعت ألّا يبحثوا عنها، فظروف الناس كانت صعبة، وبالكاد يتمكنون من العيش وإطعام أولادهم".
عام 2012، وبعد ازدياد حدة المعارك، قررت غفران اللجوء إلى الأردن. حملت أولادها ومعهم ريم، وخاضت الرحلة. تقول: "انتقلنا من حمص إلى درعا، وعندما وصلنا إلى المعبر الأردني، رفض الجيش الأردني إدخال ريم بعد اطلاعه على أوراقنا الثبوتية. أخبرت الجندي بقصتها، لكنّه طلب مني أن أحضر ورقة تثبت وجود قرابة تجمعني بها". تتذكر غفران: "عدت إلى الداخل السوري وطلبت من الجيش الحر إعطائي الورقة، فكتبوا أنّها ابنة سلفي فسمح لها بالدخول معنا".
اقــرأ أيضاً
أطفال بلا ذويهم
ريم، واحدة من آلاف الأطفال السوريين الذين وصلوا إلى الأردن لاجئين، من دون أن يكونوا مصحوبين بذويهم، بحسب مديرة برامج حماية الطفل في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، مها الحمصي.
خلال سنوات الأزمة وثقت المنظمات الدولية العاملة مع اللاجئين وصول نحو 5 آلاف طفل غير مصحوبين بأسرهم إلى الأردن. تقول الحمصي: "تنبهنا منذ بداية الأزمة السورية إلى قضية الأطفال غير المصحوبين. بعضهم كانوا يأتون مع أقارب من الدرجة الثانية وأبعد. آخرون جاؤوا مع جيرانهم، أو معلميهم في المدارس، وبعضهم جاؤوا وحدهم تماماً من دون أيّ مرافق".
عولجت قضية هؤلاء الأطفال مبكراً، إذ أنشأت "يونيسف" بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مركز استقبال خاصاً بهم داخل مخيم الزعتري للاجئين السوريين، الواقع في مدينة المفرق الأردنية (80 كيلومتراً شمال شرق العاصمة عمّان)، وجرت رعايتهم عبر مشرفين مؤهلين، بحسب الحمصي.
من جهتها، بقيت ريم مع السيدة غفران، إذ أقاموا في أحد مخيمات اللجوء نحو ثلاثة أشهر ليغادروا بعدها للإقامة في بيت مستأجر في العاصمة. تقول غفران: "سجلت ريم باسم شقيق زوجي. تلك مشكلة كبيرة، فقد أخذتها إلى المفوضية وأخبرتهم بقصتها، وبعد التحقيق جرى تصويب أوراقها، وحصلت على بطاقة خاصة بها من المفوضية".
بعد ذلك، خيّرت ريم ما بين الذهاب إلى مركز الاستقبال الخاص بغير المصحوبين بذويهم، أو البقاء مع أسرة غفران، التي أبدت رغبة بمواصلة احتضان الطفلة، فاختارت البقاء ضمن برنامج الأسر البديلة/ الحاضنة، الذي جرى اعتماده من قبل "يونيسف" للتعامل مع الظاهرة.
تبيّن الحمصي: "في البداية نفتش عن أسرة الطفل الأصلية، وفي كثير من الأحيان نتواصل مع أسرته الموجودة في سورية، لنعرف إن كانت ستلتحق به خلال وقت قريب، فإذا كانت الحال كذلك أبقينا الطفل في مركز الاستقبال حتى مجيء أسرته للالتحاق بها، وفي حال عدم وجودها بسبب الوفاة أو انقطاع أخبارها، نفتش عن أفراد من أسرته الممتدة ليلتحق بها، وفي حال عدم توفرها نضع الطفل في أسرة بديلة".
بحسب الإحصائيات الرسمية، فمن مجموع 4848 طفلاً غير مصحوب بذويه، ألحق 60 في المائة منهم بأسرهم الممتدة، و40 في المائة بأسر بديلة.
تضطلع لجنة تقييم المصلحة الفضلى للطفل، التي ترأسها المفوضية وتضم في عضويتها "يونيسف" ووزارة التنمية الاجتماعية الأردنية والمنظمات المحلية الشريكة، بالنظر في كلّ حالة على حدة، بناء على دراسة وتقييم اجتماعيين للتأكد من مدى ملاءمة البيئة للطفل، وقياس عوامل الخطورة ومقارنتها بالمصلحة الفضلى للطفل، قبل اتخاذ القرار. يشترط البرنامج في اختيار الأسر البديلة أن تكون أسراً سوريّة. تعلق الحمصي: "الهدف من ذلك الحفاظ على هوية الطفل وثقافته".
بعد الدراسة والتقييم، واصلت ريم الإقامة مع غفران أو " ماما غفران" كما أحبت أن تناديها، وأصبح وجودها في الأسرة البديلة محلّ متابعة دورية من قبل مؤسسة "نهر الأردن" (غير حكومية ترأسها الملكة رانيا العبد الله)، الشريك المحلي بتنفيذ برنامج الأسر البديلة للأطفال السوريين غير المصحوبين بذويهم.
اقــرأ أيضاً
المولود الأول
في منتصف العام 2015، بعدما بلغت ريم الخامسة عشرة من عمرها تزوجت من شاب سوري. تقول غفران: "تقدم أكثر من شاب سوري لخطبتها، وهي من اختارت زوجها. كانت صغيرة عندما تزوجت، لكنّي أعتقد أنّها في بيت زوجها ستكون في حماية وأمان أكثر". تضيف: "نظمنا حفلة لها في البيت مساء، ثم حفلة صباحية في صالة أفراح. وجهزتها من دون أن ينقصها شيء". تشير غفران إلى أنّها ما زالت على تواصل مستمر مع ريم التي تنتظر خلال الأشهر القليلة المقبلة مولودها الأول.
تكشف غفران أنّها قبل عامين اعتذرت عن مقابلة في المفوضية هدفها الهجرة إلى بلجيكا، وتبين أسبابها: "خفت في البداية من عدم السماح لي بأخذ ريم معي، وعندما أخبروني بأنّ اسمها معي بقيت خائفة من احتمال أخذها مني ووضعها مع عائلة ثانية أو في ملجأ". تبدي رضاها وتقول: "البنت أمانة في رقبتي، أتمنى من الله أن أكون قد وفيت الأمانة، وأتمنى أن تسعد في حياتها مع زوجها".
من جهتها، تشير الحمصي إلى أنّ البرنامج من أكثر برامج المنظمة نجاحاً، إذ جرى من خلاله إلحاق جميع الأطفال غير المصحوبين بذويهم بأسر ممتدة أو بديلة، وبنسبة نجاح تجاوزت 98 في المائة، ليغلق على أثر ذلك مركز الاستقبال الخاص بهم.
بين الحلّ وعقباته
قبل 21 يونيو/ حزيران 2016، تاريخ الهجوم الذي استهدف نقطة عسكرية أردنية مقابل مخيم الركبان الحدودي للاجئين السوريين، ونتج عنه مقتل سبعة من أفراد الجيش والقوات الأمنية، وتبعه قرار أردني بإعلان الحدود نقطة عسكرية مغلقة، ووقف استقبال اللاجئين، كانت الأمور أكثر يسراً في لمّ شمل الأطفال بأسرهم. تقول الحمصي: "كانت الأمور أسهل، وعندما كان يتواجد طفل غير مصحوب بذويه، وعائلته في سورية وترغب في الحضور، كان يجري تسهيل دخولها. ذلك اختلف منذ إعلان الحدود منطقة عسكرية وبات الأمر أكثر صعوبة".
عقّد إغلاق الحدود برنامج لمّ الشمل الذي تنفذه اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتبيّن مصادر اللجنة: "منذ ذلك التاريخ لم تتمكن أيّ أسرة من أسر الأطفال غير المصحوبين بذويهم من الدخول إلى الأردن". وفي استثناءات قليلة، سمحت السلطات الأردنية بدخول المصابين من اللاجئين، أو المرضى من الأطفال بعد حملات ضغط كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بشرط إعادة المرضى والمصابين إلى مخيم الركبان بعد تلقيهم العلاج.
شكلت ظاهرة الأطفال غير المصحوبين بذويهم داخل الأردن مصدر قلق للمنظمات الدولية، حتى بعد معالجتها من خلال برنامج الأسر البديلة، لكنّ قضية الأطفال غير المصحوبين بذويهم العالقين على الحدود تشكل قلقاً أكبر، لا سيما أنّ غالبية هؤلاء الأطفال تقيم أسرهم داخل الأردن.
وكانت "العربي الجديد" التقت، في مارس/ آذار الماضي، أطفالاً سوريين عالقين على الحدود وحدهم، فيما أسرهم تقيم داخل الأردن. ويقدّر ناشطون داخل مخيم الركبان الحدودي عدد هؤلاء الأطفال بالعشرات.
اقــرأ أيضاً
نهاية العام 2011 خسرت الطفلة السورية ريم أسرتها. كانت في العاشرة يوم نجت من غارة استهدفت منزلها في ريف حمص، فقتل والدها وزوجته وأشقاؤها الثلاثة. تروي قصتها: "ذهبت إلى دكان لشراء الماء، فسمعت صوت قصف. وخلال عودتي قابلتني زوجة عمي وأخبرتني أنّ قذيفة سقطت على بيتنا وأنّ كلّ عائلتي ماتت".
انتقلت الطفلة للعيش في كنف عمها، لكنّ إقامتها لم تستمر أكثر من شهر، لتجد نفسها ملقاة في الشارع بعدما طردتها زوجة عمها عقب معاملة قاسية تلقتها منها. وجدت ريم نفسها بعد أيام من المبيت في الشارع في عهدة أفرادٍ من المعارضة المسلحة. لاحقاً عرضوا على عائلات المنطقة احتضانها، فوافقت السيدة غفران (أم مجد)، على ذلك. تقول غفران: "قلبي حنّ عليها، وعندما علمت بما جرى لها تمسكت ببقائها لديّ".
الأربعينية غفران منفصلة عن زوجها، ولديها أربعة أطفال، ذكران وأنثيان، لكنّها تقول: "مذ دخلت ريم بيتي، أصبح عندي صبيان وثلاث بنات. اعتبرتها واحدة منهم، وباتت تناديني: أمي". بعد نحو عام أمضته الطفلة مع أسرتها الجديدة داخل سورية، لم يعثر على أقارب لها، سواء من القرابة المباشرة أو البعيدة، ولاحقاً توفي عمها في إحدى الغارات، ولم يعرف مصير زوجته أو أبناء عمومتها. تقول غفران: "انتظرت أن يأتي أحد للسؤال عن ريم، لكن لم يحصل ذلك. حتى لو كان هناك من بقي من عائلتها توقعت ألّا يبحثوا عنها، فظروف الناس كانت صعبة، وبالكاد يتمكنون من العيش وإطعام أولادهم".
عام 2012، وبعد ازدياد حدة المعارك، قررت غفران اللجوء إلى الأردن. حملت أولادها ومعهم ريم، وخاضت الرحلة. تقول: "انتقلنا من حمص إلى درعا، وعندما وصلنا إلى المعبر الأردني، رفض الجيش الأردني إدخال ريم بعد اطلاعه على أوراقنا الثبوتية. أخبرت الجندي بقصتها، لكنّه طلب مني أن أحضر ورقة تثبت وجود قرابة تجمعني بها". تتذكر غفران: "عدت إلى الداخل السوري وطلبت من الجيش الحر إعطائي الورقة، فكتبوا أنّها ابنة سلفي فسمح لها بالدخول معنا".
أطفال بلا ذويهم
ريم، واحدة من آلاف الأطفال السوريين الذين وصلوا إلى الأردن لاجئين، من دون أن يكونوا مصحوبين بذويهم، بحسب مديرة برامج حماية الطفل في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، مها الحمصي.
خلال سنوات الأزمة وثقت المنظمات الدولية العاملة مع اللاجئين وصول نحو 5 آلاف طفل غير مصحوبين بأسرهم إلى الأردن. تقول الحمصي: "تنبهنا منذ بداية الأزمة السورية إلى قضية الأطفال غير المصحوبين. بعضهم كانوا يأتون مع أقارب من الدرجة الثانية وأبعد. آخرون جاؤوا مع جيرانهم، أو معلميهم في المدارس، وبعضهم جاؤوا وحدهم تماماً من دون أيّ مرافق".
عولجت قضية هؤلاء الأطفال مبكراً، إذ أنشأت "يونيسف" بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مركز استقبال خاصاً بهم داخل مخيم الزعتري للاجئين السوريين، الواقع في مدينة المفرق الأردنية (80 كيلومتراً شمال شرق العاصمة عمّان)، وجرت رعايتهم عبر مشرفين مؤهلين، بحسب الحمصي.
من جهتها، بقيت ريم مع السيدة غفران، إذ أقاموا في أحد مخيمات اللجوء نحو ثلاثة أشهر ليغادروا بعدها للإقامة في بيت مستأجر في العاصمة. تقول غفران: "سجلت ريم باسم شقيق زوجي. تلك مشكلة كبيرة، فقد أخذتها إلى المفوضية وأخبرتهم بقصتها، وبعد التحقيق جرى تصويب أوراقها، وحصلت على بطاقة خاصة بها من المفوضية".
بعد ذلك، خيّرت ريم ما بين الذهاب إلى مركز الاستقبال الخاص بغير المصحوبين بذويهم، أو البقاء مع أسرة غفران، التي أبدت رغبة بمواصلة احتضان الطفلة، فاختارت البقاء ضمن برنامج الأسر البديلة/ الحاضنة، الذي جرى اعتماده من قبل "يونيسف" للتعامل مع الظاهرة.
تبيّن الحمصي: "في البداية نفتش عن أسرة الطفل الأصلية، وفي كثير من الأحيان نتواصل مع أسرته الموجودة في سورية، لنعرف إن كانت ستلتحق به خلال وقت قريب، فإذا كانت الحال كذلك أبقينا الطفل في مركز الاستقبال حتى مجيء أسرته للالتحاق بها، وفي حال عدم وجودها بسبب الوفاة أو انقطاع أخبارها، نفتش عن أفراد من أسرته الممتدة ليلتحق بها، وفي حال عدم توفرها نضع الطفل في أسرة بديلة".
بحسب الإحصائيات الرسمية، فمن مجموع 4848 طفلاً غير مصحوب بذويه، ألحق 60 في المائة منهم بأسرهم الممتدة، و40 في المائة بأسر بديلة.
تضطلع لجنة تقييم المصلحة الفضلى للطفل، التي ترأسها المفوضية وتضم في عضويتها "يونيسف" ووزارة التنمية الاجتماعية الأردنية والمنظمات المحلية الشريكة، بالنظر في كلّ حالة على حدة، بناء على دراسة وتقييم اجتماعيين للتأكد من مدى ملاءمة البيئة للطفل، وقياس عوامل الخطورة ومقارنتها بالمصلحة الفضلى للطفل، قبل اتخاذ القرار. يشترط البرنامج في اختيار الأسر البديلة أن تكون أسراً سوريّة. تعلق الحمصي: "الهدف من ذلك الحفاظ على هوية الطفل وثقافته".
بعد الدراسة والتقييم، واصلت ريم الإقامة مع غفران أو " ماما غفران" كما أحبت أن تناديها، وأصبح وجودها في الأسرة البديلة محلّ متابعة دورية من قبل مؤسسة "نهر الأردن" (غير حكومية ترأسها الملكة رانيا العبد الله)، الشريك المحلي بتنفيذ برنامج الأسر البديلة للأطفال السوريين غير المصحوبين بذويهم.
المولود الأول
في منتصف العام 2015، بعدما بلغت ريم الخامسة عشرة من عمرها تزوجت من شاب سوري. تقول غفران: "تقدم أكثر من شاب سوري لخطبتها، وهي من اختارت زوجها. كانت صغيرة عندما تزوجت، لكنّي أعتقد أنّها في بيت زوجها ستكون في حماية وأمان أكثر". تضيف: "نظمنا حفلة لها في البيت مساء، ثم حفلة صباحية في صالة أفراح. وجهزتها من دون أن ينقصها شيء". تشير غفران إلى أنّها ما زالت على تواصل مستمر مع ريم التي تنتظر خلال الأشهر القليلة المقبلة مولودها الأول.
تكشف غفران أنّها قبل عامين اعتذرت عن مقابلة في المفوضية هدفها الهجرة إلى بلجيكا، وتبين أسبابها: "خفت في البداية من عدم السماح لي بأخذ ريم معي، وعندما أخبروني بأنّ اسمها معي بقيت خائفة من احتمال أخذها مني ووضعها مع عائلة ثانية أو في ملجأ". تبدي رضاها وتقول: "البنت أمانة في رقبتي، أتمنى من الله أن أكون قد وفيت الأمانة، وأتمنى أن تسعد في حياتها مع زوجها".
من جهتها، تشير الحمصي إلى أنّ البرنامج من أكثر برامج المنظمة نجاحاً، إذ جرى من خلاله إلحاق جميع الأطفال غير المصحوبين بذويهم بأسر ممتدة أو بديلة، وبنسبة نجاح تجاوزت 98 في المائة، ليغلق على أثر ذلك مركز الاستقبال الخاص بهم.
بين الحلّ وعقباته
قبل 21 يونيو/ حزيران 2016، تاريخ الهجوم الذي استهدف نقطة عسكرية أردنية مقابل مخيم الركبان الحدودي للاجئين السوريين، ونتج عنه مقتل سبعة من أفراد الجيش والقوات الأمنية، وتبعه قرار أردني بإعلان الحدود نقطة عسكرية مغلقة، ووقف استقبال اللاجئين، كانت الأمور أكثر يسراً في لمّ شمل الأطفال بأسرهم. تقول الحمصي: "كانت الأمور أسهل، وعندما كان يتواجد طفل غير مصحوب بذويه، وعائلته في سورية وترغب في الحضور، كان يجري تسهيل دخولها. ذلك اختلف منذ إعلان الحدود منطقة عسكرية وبات الأمر أكثر صعوبة".
عقّد إغلاق الحدود برنامج لمّ الشمل الذي تنفذه اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتبيّن مصادر اللجنة: "منذ ذلك التاريخ لم تتمكن أيّ أسرة من أسر الأطفال غير المصحوبين بذويهم من الدخول إلى الأردن". وفي استثناءات قليلة، سمحت السلطات الأردنية بدخول المصابين من اللاجئين، أو المرضى من الأطفال بعد حملات ضغط كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بشرط إعادة المرضى والمصابين إلى مخيم الركبان بعد تلقيهم العلاج.
شكلت ظاهرة الأطفال غير المصحوبين بذويهم داخل الأردن مصدر قلق للمنظمات الدولية، حتى بعد معالجتها من خلال برنامج الأسر البديلة، لكنّ قضية الأطفال غير المصحوبين بذويهم العالقين على الحدود تشكل قلقاً أكبر، لا سيما أنّ غالبية هؤلاء الأطفال تقيم أسرهم داخل الأردن.
وكانت "العربي الجديد" التقت، في مارس/ آذار الماضي، أطفالاً سوريين عالقين على الحدود وحدهم، فيما أسرهم تقيم داخل الأردن. ويقدّر ناشطون داخل مخيم الركبان الحدودي عدد هؤلاء الأطفال بالعشرات.