في هذه الأيام تسجّل الحرارة حول العالم درجات عالية قد تؤثّر سلباً على الناس، والبريطانيون من بينهم.
مع ارتفاع الحرارة إلى درجات غير معتادة، قد نتعرّض لضربات شمس تهددنا صحياً في حال لم نتعامل مع ذلك بسرعة وفعالية. وكثيرون هم الأشخاص الذين يتجاهلون أعراض ضربة الشمس ويتعاملون معها كأمر طبيعي، وهو ليس كذلك.
يقول الخبراء إنّه من الممكن أن يصاب الناس بضربة شمس أو بالإنهاك الحراري، حين يتعرّضون لدرجات حرارة عالية جداً في خلال موجات الحرّ الشديد أو عند تواجدهم في مناطق حارة المناخ. ومن الممكن أن يصاب الإنسان بالإنهاك الحراري حين يقوم بتمارين رياضية مضنية.
ويحدث الإنهاك الحراري حين يبدأ جسد المرء بفقدان الماء والملح، ما يعني عجزه عن تبريد نفسه، فترتفع بالتالي درجة حرارته بصورة خطيرة قد تؤدّي إلى الموت. ولا بدّ من التحذير من خطورة ضربة الشمس حتى لو لم تكن شائعة، فهي قد تتسبب بضغط على الدماغ والقلب والرئتين والكبد والكلى فتهدّد بالتالي الحياة، بحسب هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية.
ويوضح الخبراء أنّ الإنهاك الحراري قد يتفاقم بسرعة أو بطريقة تدريجية خلال ساعات عدّة أو أيام. أمّا أعراضه فتختصرها هيئة الخدمات الصحية بصداع في الرأس ودوار وارتباك وفقدان للشهية وغثيان وتقيؤ، بالإضافة إلى التعرّق المفرط وشحوب البشرة وتشنّجات في الذراعين والساقين والمعدة، مع عملية تنفّس سريعة وعطش شديد وارتفاع في حرارة الجسم. وقد يصبح الجلد جافاً وساخناً مع غياب للتعرّق وحرارة تصل إلى 40 درجة مئوية وما فوق.
ويشدّد المعنيون على ضرورة نقل الأشخاص الذين يعانون من إنهاك حراري أو ضربة شمس إلى مكان بارد وإزالة أيّ ملابس لا لزوم لها عنهم. ولا بدّ من أن يستلقي هؤلاء ويرفعوا أرجلهم ويشربوا كثيراً من الماء. ويقترح الخبراء كذلك تبريد جلد المصاب بالماء البارد أو الثلج، إن لم تتحسّن حالته بعد نصف ساعة.
في السياق، تخبر كلير، وهي مدرّسة، أنّ "بعض التلاميذ لا يتحمّلون المناخ الحار ويشعرون بالدّوار، لا سيّما مع التزام بالزيّ المدرسي الذي يشمل سترة، الأمر الذي يفاقم سوء حالتهم". وتلفت في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّه لا بدّ من "التعامل بمرونة أكثر مع التزام التلاميذ بالزيّ المدرسي خلال ارتفاع الحرارة إلى درجات غير معتادة".
من جهته، يخبر جون "العربي الجديد"، أنّه "خلال موجة الحرّ الشديد التي مرّت بها بريطانيا أخيراً، "رحت أشعر أثناء عملي خارج المكتب بفقدان في التوازن وبعدم قدرة على التنفّس بطريقة طبيعية مع ضيق في الصدر وتعرّق. حاولت الاستراحة لبعض الوقت في الداخل وتناول كوب ماء، ولم ألتفت إلى الأمر بجدية". يضيف أنّه "بعد يومين، انتابتني الحالة ذاتها وكدت أن أفقد الوعي حين كنت ألعب كرة القدم مع أصدقائي وقد مال لون وجهي إلى الأزرق، لكنّني رفضت التوجّه إلى المستشفى. تكرّر الأمر مرّة ثالثة في الأسبوع نفسه، وكنت حينها داخل المنزل. أصابتني الأعراض نفسها، فتوجّهت إلى قسم الطوارئ حيث أجروا لي فحوصات للقلب بيّنت لهم أنّني لا أعاني من أيّ علّة فيه". ويتابع أنّه خضع إلى "مزيد من التحاليل والفحوصات من دون أن يظهر أيّ شيء. واليوم، مع انخفاض درجات الحرارة، أشعر بأنّني أفضل حالاً. أظنّ أنّ تلك الأعراض كانت نتيجة الإنهاك الحراري، خصوصاً أنّ الطبيب قال إنّني أعاني من قليل من التجفاف".
إلى ذلك، يقول الدكتور توماس وايت، الذي يعمل في إدارة الصحة العامة في إنكلترا، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التغلّب على الحرارة يتطلّب خطوات في إطار المنطق والتفكير السليم، ولا شيء يدعو إلى القلق بالنسبة إلى معظم الناس". يضيف: "أمّا كبار السنّ الذين يعانون من مشكلات صحية والأطفال الصغار، فقد تتهددهم حرارة الصيف بمخاطر صحية حقيقية".
وتسجّل في هذه الفترة مستويات غير عادية من الأشعة فوق البنفسجية في بلدان عدّة، ولا بدّ من أن يتّخذ الناس مزيداً من الحيطة والحذر حين يتعرّضون للشمس. ولعلّ السبيل الأفضل للبقاء في مأمن حين تجتاح موجات الحرارة البلاد، هو في إبقاء الستائر مغلقة في الغرف للحفاظ على البرودة في الأماكن المغلقة، وشرب الكثير من الماء والابتعاد عن المشروبات المحلاة والكحول والكافيين التي من شأنها أن تزيد من التجفاف. كذلك، يجب الاهتمام بكبار السنّ والأطفال الصغار والرضّع الذين يعانون من ظروف صحية خاصة.
يُذكر أنّ الخبراء يحذرون من ترك أيّ شخص في سيارة مغلقة ومركونة، خصوصاً الرضّع والأطفال وكذلك الحيوانات، وينصحون بالبقاء بعيداً عن أشعة الشمس بين الساعة الحادية عشرة صباحاً والساعة الثالثة بعد الظهر.