عادات سوريّة في رمضان

15 يونيو 2017
كلّ يوم بيومه حتى تبقى طازجة (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

الظروف الاقتصادية والمعيشية والأمنية التي يعيشها السوريون اليوم سيّئة بلا شك، غير أنّ كثيرين منهم يحرصون على التمسّك ولو ببعض عادات رمضانية توارثوها لسنوات طويلة. بعض تلك العادات تُعدّ طقوساً عامة وأخرى طقوساً خاصة ببعض العائلات أو المناطق.

سكبة رمضان

منذ بداية شهر رمضان، تطهو جوهرة في مدينة إدلب طعاماً يكفي عشرة أشخاص، على الرغم من أنّها تقيم مع زوجها وابنتها فقط. وتخبر أنّ "هذه العادة ورثتها عن والدتي. لم نفطر يوماً إلا وجيراننا شاركونا وجبتنا". وتشير إلى أنّه "قبل سنوات عدّة، كنت أتفنّن في تحضير أصناف الطعام. بالنسبة إلينا كانت سكبة رمضان للتفنّن وتبادل الأطباق مع الجيران. اليوم، لم يعد في مقدورنا أن نطهو المحاشي والكبب بكميات كبيرة، لكنّني لا أخجل من إرسال سكبة فاصوليا بزيت أو حتى شوربة. حال الناس متشابهة".

وترسل جوهرة سكبة رمضان اليوم إلى عائلات محتاجة في محيطها، بخلاف ما كان في السابق. وتقول إنّه "في ذلك الحين، كنّا نتبادل سكبة رمضان مع جيراننا الذين نعرفهم وأقاربنا". تضيف: "بالتأكيد لا أنتظر اليوم أيّ شيء في المقابل. وما أفعله هو ما يعمد إليه كذلك كلّ جيراني القادرين على ذلك. وثمّة من يرسل جزءاً من الطعام الذي يعدّه إلى الجوامع حيث تقام موائد إفطار للفقراء".

أسواق ليلية حيّة

في رمضان، تكتظ الأسواق في معظم المدن والبلدات السورية بالباعة والمشترين خلال الساعات التي تسبق موعد الإفطار، ليعمّها السكون خلال اجتماع العائلات حول الموائد. وتعود تلك الأسواق لتنتعش من جديد بعد صلاة العشاء، وتستمر كذلك حتى ساعة متأخرة من الليل. يقول أنور وهو صاحب بقالة في مدينة حمص إنّ "السوريون يشترون في رمضان حاجياتهم الغذائية كلّ يوم بيومه حتى تبقى طازجة، خصوصاً أنّ الكهرباء تنقطع كثيراً ولا يمكن بالتالي الاعتماد على البرادات. لذلك، تجد الأسواق مزدحمة بصورة كبيرة قبل الإفطار. أمّا بعد صلاة العشاء، فيعود الناس إلى الأسواق ومحلات الألبسة والمقاهي. كثيرون يفضّلون التسوّق في هذا الوقت، أي بعد الإفطار. حينها، تكون درجات الحرارة أخفّ وطأة من النهار الحارق". ويلفت إلى "المحلات هنا تغلق بمعظمها عند منتصف الليل".

تصلّي في إحدى ليالي رمضان (لؤي بشارة/ فرانس برس)


صلاة تراويح النساء

بخلاف أيام السنة الأخرى، تكتظ في رمضان المساجد في معظم المدن السورية، بالنساء الذين يأتينَ لأداء صلاة التراويح في القسم المخصص لهنّ. فاطمة من حلب، تخبر أنّ "نساء عائلتي جميعهنّ يذهبنَ إلى الجامع لأداء صلاة التراويح. وهذا أشبه بتقليد". تضيف أنّ "النساء بمعظمهنّ يرتدينَ العباءات السوداء، حتى لو أنّهنّ لا يرتدينها في يومياتهنّ. ونقضي ساعتَين أو أكثر بالصلاة وقراءة القرآن وتبادل الأحاديث". وتشير فاطمة إلى أنّ "نساء كثيرات يفضّلنَ أداء صلاة التراويح في البيت، إلا أنّ أداءها في المسجد جزء مهمّ من عاداتنا الرمضانية. هنا نلتقي بالعائلة والأصدقاء ولا نتلهّى بالتلفاز".

مأكولات تقليدية

بالنسبة إلى مناطق سورية كثيرة، يرتبط شهر رمضان بتناول مأكولات تقليدية محبّبة على قلوب أهلها. وتقول أم أحمد من مدينة حلب إنّ "أهالي حلب يرون الكبّة على أنواعها ضروريّة جداً في رمضان. لكنّه مع غلاء أسعار اللحوم، بات الناس في هذه الأيام يعتمدون أكثر على الكبّة النيئة والمقلية من دون لحم". تضيف أنّ "الناس في إدلب يفضلون المحاشي وكذلك في دمشق. أمّا في دير الزور، فلا يبدأ أهلها رمضانهم إلا بوجبة بيضاء كاللبنية أو الكبة بلبنية. لا بدّ أن يكون طعام رمضان دسماً بالنسبة إليهم". وتتابع أم أحمد أنّه "بعد الإفطار، يحبّ السوريون تناول المعروك الذي يسميه بعضهم خبز رمضان، خصوصاً أنّه لذيذ وغير مكلف"، مشيرة إلى أنّ "المائدة لا تكتمل من دون مشروباتها من عرقسوس وتمر هندي".

إفطار جماعي

تتمسك عائلات كثيرة، لا سيّما في الأرياف والقرى السورية، بعادة الإفطار الجماعي. فيجتمع أفراد العائلة الكبرى حول مائدة الإفطار طوال أيام الشهر الكريم. ويقول أبو حيان من ريف إدلب: "لا نفطر وحدنا في رمضان. يجب أن يحضر الجميع ونفطر معاً، إخوتي وأبناؤهم". ويخبر أنّه "قبل الإفطار بساعات، تجتمع النسوة لتحضير الطعام معاً في منزل العائلة". ويشير أبو حيان إلى أنّ "اثنَين من إخوتي سافروا إلى خارج سورية وقد توفيت والدتي في العام الماضي. لكنّنا ما زلنا نجتمع معاً. لن أتخلى عن هذه العادة طالما حييت".