حقيقة العلاقة بين الغذاء والسرطان

10 مايو 2017
يُشاع أنّ الألبان ومنتجاتها تتسبب بالسرطان (فرانس برس)
+ الخط -
يشعر أحدنا بتوعّك، فيرى في الأمر إشارة إلى ذلك "المرض الخبيث". ويتحوّل السرطان أكثر فأكثر إلى هاجس مرعب بالنسبة إلى كثيرين، لا سيّما أنّ أحد الإحصاءات خلال السنوات الأخيرة بيّن أنّ شخصاً واحداً من أصل اثنَين قد يطوّر مرضاً سرطانياً. ولأنّ الطب ما زال عاجزاً عن تحديد أسباب هذا المرض بصورة تامة، يحاول كثيرون حماية أنفسهم منه بأيّ وسيلة قد يظنون أنّها ناجعة، ومنها اتّباع "نظام غذائي صحي".

تشير "جمعية سرطان الأمعاء في المملكة المتحدة" إلى أنّ سرطان الأمعاء هو السبب الثالث الأكثر شيوعاً للموت بين نساء بريطانيا. وهو يؤثّر بطريقة أكبر على الأصغر سناً، أيّ من هم دون الخمسين. إلى ذلك، تدلّ أحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني البريطاني على ارتفاع عدد الأشخاص المصابين بسرطان البنكرياس بنسبة ثمانية في المائة منذ عام 2012. وفي السياق، تؤكد هيئة الخدمات الصحية الوطنية على أنّ الوقاية ممكنة من ثلثَي حالات سرطان الأمعاء، عن طريق الغذاء الذي ندخله إلى أجسادنا. أمّا زيادة الوزن فترتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة خطر الإصابة بسرطان المريء وسرطان المعدة، وذلك وفق دراسة جديدة أعدّها المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة الأميركية. بالتزامن، خلص الصندوق العالمي لبحوث السرطان إلى أنّ النظام الغذائي الخاص بمنطقة البحر الأبيض المتوسط يقلّص معدّل الإصابة بأحد أخطر أنواع سرطان الثدي بنسبة 40 في المائة. يُذكر أنّ سرطان الثدي آخذ في الارتفاع في بريطانيا مع تشخيص 54 ألف حالة جديدة في كلّ عام.

في هذا الإطار، كانت جين كلارك وهي من كبار المتخصصين في التغذية، قد تحدّثت إلى صحيفة "ذي ديلي مايل"، بعد خبرة 25 عاماً عالجت خلالها مئات الأشخاص من مختلف المراحل العمرية، عن كيفية تأثير الغذاء الذي نتناوله على الحماية من السرطان أو على مكافحته في حال الإصابة به. وتقدّم كلارك نصائح غذائية تساعد في علاج المصابين بالمرض وتحمي آخرين من الإصابة به، مقارنة ما بين الخرافة والحقيقة. وإذ تلفت إلى أنّ دراسات عدّة تحمّل استهلاك اللحوم الحمراء أو المصنّعة ازدياد نسبة الإصابة بسرطان الأمعاء، تؤكّد على أنّ تناول شريحة لحم ذات نوعية جيدة بضع مرّات أسبوعياً يوفّر كل الأحماض الأمينية الأساسية لنموّ أجسامنا.


وتقول كلارك إنّه وبحسب ما يشاع، تتسبب الألبان ومنتجاتها بالسرطان، إلا أنّ الدراسات لم تقدّم في الواقع أيّ نتائج واضحة، لا بل أظهرت بحوث حديثة أنّ استهلاك الكالسيوم الموجود فيها قد يحمي من سرطان الأمعاء. في الوقت نفسه، تشير إلى أنّ ثمّة أبحاثاً تظهر وجود علاقة بين خطر الإصابة بسرطان البروستات والمبيض وبين تناول الألبان. بالنسبة إلى كلارك، ينبغي الاستمرار في إدراج منتجات الألبان في نظامنا الغذائي، شرط ألا تزيد عن ثمانية في المائة من حصص الغذاء اليومي. وتشدّد كلارك على الفائدة من تناول عدد من حبّات التمر أو شريحة من كعكة الجوز أو بعض الفاكهة، إذ إنّ المرء في ذلك يحصل على السكر وفي الوقت نفسه على الألياف والفيتامينات. وتؤدّي الألياف التي نجدها في الفواكه والخضروات والحبوب والبقول، دوراً كبيراً في الحدّ من السموم في الجسم. وتشرح كلارك أنّنا في حاجة إلى نحو 18 غراماً منها يومياً.

إلى ذلك، توضح دراسة صادرة عن جامعة "إمبريال كوليدج لندن" في فبراير/ شباط الماضي أنّ للطماطم فوائد جمّة، فضلاً عن تناول 10 حصص من الفواكه الطازجة يومياً، إذ من شأن ذلك أن يخفّض معدّل الإصابة بالسرطان.

والطماطم، كلّما ازداد لونها الأحمر احتوت أكثر على مادة "ليكوبين" المضادة للأكسدة والتي تساعد على الحدّ من أنواع سرطان عدّة. ومن الممكن تعزيز مفعول الليكوبين عند طهو الطماطم. أمّا الشمندر بحسب كلارك، فهو غنيّ بمضادات الأكسدة القوية المعروفة باسم "أنثوسيانين". تجدر الإشارة إلى أنّ دراسات حديثة بيّنت انخفاضاً في معدّلات السرطان في البلدان التي يُكثر فيها الناس من تناول الكركم على فترات طويلة. ويُظَنّ أنّه يقتل الخلايا السرطانية.

نيكولاس شاب بريطاني في العشرين من عمره، يشكك في كلّ ذلك. يقول لـ "العربي الجديد" إنّ جدّه توفي بعد إصابته بسرطان الدم، على الرغم من أنّه كان يتبع النظام الغذائي الخاص بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، إذ كان يعيش فيها منذ طفولته. يضيف: "قد يكون النظام الغذائي مفيداً لبعض أنواع السرطان. لكن، كيف نتجنّب هذا المرض الخبيث بكل أنواعه"؟
المساهمون