أخيراً اتخذت سلطات العاصمة الإيرانية طهران خطوة في الاتجاه الصحيح لتخفيف نسب التلوث المهولة في المدينة. مع ذلك، فإنّ السيارات الصديقة للبيئة لن تحلّ المشكلة بحسب البعض
في محاولة لتخفيف نسبة التلوث المرتفعة، بدأت العاصمة الإيرانية طهران تشغيل وسائل نقل صديقة للبيئة، لقبّها المسؤولون بـ"النظيفة". عدد وسائل النقل القليل وعدم قدرتها على تغطية كلّ مناطق المدينة، أو حتى نقل معظم سكانها، لم يمنع البعض من الإشادة بها باعتبارها خطوة أولى نحو اتخاذ خطوات أكثر عملانية.
وسائل النقل هذه التي عرضت في منطقة بالقرب من بازار طهران الشعبي بحضور رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، مؤلفة من 200 سيارة أجرة هجينة، وهي السيارات التي جرى تطويرها من قبل بعض شركات تصنيع السيارات الأجنبية، والتي تشتغل بأكثر من مصدر واحد للطاقة، فتدار بالبنزين والكهرباء معاً. كذلك، جرى تزويد قطاع النقل العام بحافلات متوسطة وكبيرة الحجم تعمل بالغاز الطبيعي، بالإضافة إلى دراجات نارية كهربائية.
عن هذا المشروع، قال رئيس دائرة النقل والمرور التابعة لبلدية طهران مازيار حسيني إنّ هذه الخطوة تأتي ضمن برنامج مكثف يتكون من عدة مراحل، بهدف إعادة الهدوء والحيوية للمدينة، ولا سيما إلى بعض المناطق التي ستستخدم فيها وسائل نقل عام من هذا النوع. أضاف أنّ هناك خطة ثانية يعمل المسؤولون في البلدية وفي مؤسسات أخرى على تطبيقها تدريجياً، فمن الضروري إتلاف كلّ سيارات الأجرة العامة القديمة، ففي طهران أكثر من 300 ألف سيارة قديمة يجب استبدالها، وقد قسمت آلية الاستبدال بالمحاصصة على المؤسسات المعنية لتقدم سيارات أحدث وأكثر مراعاة للبيئة، وسيتوجب على البلدية على أساس حصتها استبدال 16 ألف سيارة.
أكد حسيني أنّ هذه الخطة على صعوبتها ستطبق في المستقبل القريب، مضيفاً أنّ بعض الحافلات المستخدمة في النقل العام تحتاج إلى أجهزة تنقية خاصة، ما قد يخفف من دخان عوادمها، فوسائل النقل "النظيفة" مشروع ما زال محدوداً.
وكانت الرئاسة الإيرانية قد بحثت مع أعضاء الحكومة في جلسة عقدت مؤخراً ملف وسائل النقل العام القديمة، مؤكدة وجوب استبدالها، في محاولة للمساعدة في حلّ الأزمة الأكبر التي يعاني منها سكان المدينة، وهي التلوث. في المقابل، تركز الحكومة ومعها مؤسسة البيئة أكثر في الوقت الراهن على استبدال البنزين في محطات التزود بالوقود، بنوع آخر يراعي معايير الجودة في التصنيع ما يعني سلامة أكبر، فضلاً عن خطط تتعلق بتحسين جودة السيارات المصنّعة محلياً، وهي التي تستخدم أكثر من قبل الإيرانيين، الذين تتناسب ميزانياتهم مع هذا النوع من السيارات أكثر من تلك المستوردة من الخارج.
تأتي كل هذه الإجراءات بعد اختبار الإيرانيين أياماً صعبة خلال شتاء هذا العام، فنسبة التلوث في طهران ترتفع في هذا الفصل أكثر من غيره، ففيه تتراكم الغيوم فوق المدينة المحاطة بسلاسل جبلية، وتنفث المعامل والسيارات أدخنتها فيدخل التلوث الهوائي إلى صدور المواطنين.
اقــرأ أيضاً
تقول مهسا، وهي طالبة جامعية تتنقل وهي تضع قناعاً على وجهها لتتجنب تنفس الهواء الملوث، إنّ هذه الحلول المطروحة لا تكفي، فعدد وسائل النقل البيئية الجديدة غير كافٍ إطلاقاً. تؤكد أنّ استبدال سيارات الأجرة التالفة من قبل جهات حكومية لن يحلّ المسألة بالكامل، فهناك سيارات شخصية قديمة يمتلكها مواطنون كثر تزيد الطين بلة. تضيف: "ليس الجميع قادراً على شراء سيارات حديثة، أو حتى استخدام الوقود الأكثر جودة فهو بطبيعة الحال أعلى سعراً".
من ناحيته، يعتبر السيد افتخاري، وهو سائق سيارة أجرة، أنّ "المواطنين يلعبون دوراً سلبياً يزيد المسألة صعوبة، فعدد كبير منهم يستخدمون وسائل النقل الشخصية لا العامة، ولو درجت ثقافة استعمال الحافلات وسيارات الأجرة العمومية لتحسنت الأمور، ولربما زادت الحكومة مستقبلاً عدد السيارات الملقبة بالنظيفة".
إلى ذلك، نشرت وكالة "ميزان" قبل فترة وجيزة تقريراً أفاد أنّ العام الفارسي الحالي، الذي ينتهي في 21 مارس/ آذار الجاري، كان أحسن حالاً من العام الماضي، بالرغم من أنّ الأيام النقية بالكامل التي عاشتها طهران لم تتجاوز 15 يوماً. وهو ما يجعل الأيام التي توصف بالسالمة، أي التي تشوبها نسب تلوث متدنية، أكثر من تلك التي اختبرها الإيرانيون قبل سنوات.
لكن، حتى مع تدني أرقام التلوث فإنّ حجم المشكلة كبير جداً فالغيمة الضبابية تلف المدينة في معظم أيام العام. يقول أستاذ العلوم البيئية في جامعة "الشهيد بهشتي" بهروز دهزاد إنّ توفير وسائل النقل الصديقة للبيئة أمر غير كافٍ حين يطبق وحده، فإن كان الهدف محاربة التلوث وإنهاءه بالكامل يجب دراسة هذه المشكلة والقضاء على كلّ مسبباتها تدريجياً وفق خطة شاملة ودقيقة البنود.
يصف في حديثه مع "العربي الجديد" خطوة تزويد أسطول النقل العام بوسائل نقل من هذا النوع بالإيجابية، لكنّه يعتبر أنّ من الضروري معالجة المشكلة التي تعاني منها المدينة منذ أكثر من خمسين عاماً بسبب عوامل جغرافية وإنسانية على حدّ سواء. ويذكر أنّ الإجراءات والخطط المتعلقة بهذا الملف عادة ما تكون مكلفة وصعبة التطبيق، لكن على الحكومة الاستفادة من الخبرات، فعليها أن تجري دراسة دقيقة لتعالج العوامل واحداً تلو الآخر، ففي طرقات طهران وحدها أكثر من أربعة مليون سيارة، ناهيك عن عدد مهول من الدراجات النارية، كلّها تنفث دخاناً بحسب ما يقول.
اقــرأ أيضاً
في محاولة لتخفيف نسبة التلوث المرتفعة، بدأت العاصمة الإيرانية طهران تشغيل وسائل نقل صديقة للبيئة، لقبّها المسؤولون بـ"النظيفة". عدد وسائل النقل القليل وعدم قدرتها على تغطية كلّ مناطق المدينة، أو حتى نقل معظم سكانها، لم يمنع البعض من الإشادة بها باعتبارها خطوة أولى نحو اتخاذ خطوات أكثر عملانية.
وسائل النقل هذه التي عرضت في منطقة بالقرب من بازار طهران الشعبي بحضور رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، مؤلفة من 200 سيارة أجرة هجينة، وهي السيارات التي جرى تطويرها من قبل بعض شركات تصنيع السيارات الأجنبية، والتي تشتغل بأكثر من مصدر واحد للطاقة، فتدار بالبنزين والكهرباء معاً. كذلك، جرى تزويد قطاع النقل العام بحافلات متوسطة وكبيرة الحجم تعمل بالغاز الطبيعي، بالإضافة إلى دراجات نارية كهربائية.
عن هذا المشروع، قال رئيس دائرة النقل والمرور التابعة لبلدية طهران مازيار حسيني إنّ هذه الخطوة تأتي ضمن برنامج مكثف يتكون من عدة مراحل، بهدف إعادة الهدوء والحيوية للمدينة، ولا سيما إلى بعض المناطق التي ستستخدم فيها وسائل نقل عام من هذا النوع. أضاف أنّ هناك خطة ثانية يعمل المسؤولون في البلدية وفي مؤسسات أخرى على تطبيقها تدريجياً، فمن الضروري إتلاف كلّ سيارات الأجرة العامة القديمة، ففي طهران أكثر من 300 ألف سيارة قديمة يجب استبدالها، وقد قسمت آلية الاستبدال بالمحاصصة على المؤسسات المعنية لتقدم سيارات أحدث وأكثر مراعاة للبيئة، وسيتوجب على البلدية على أساس حصتها استبدال 16 ألف سيارة.
أكد حسيني أنّ هذه الخطة على صعوبتها ستطبق في المستقبل القريب، مضيفاً أنّ بعض الحافلات المستخدمة في النقل العام تحتاج إلى أجهزة تنقية خاصة، ما قد يخفف من دخان عوادمها، فوسائل النقل "النظيفة" مشروع ما زال محدوداً.
وكانت الرئاسة الإيرانية قد بحثت مع أعضاء الحكومة في جلسة عقدت مؤخراً ملف وسائل النقل العام القديمة، مؤكدة وجوب استبدالها، في محاولة للمساعدة في حلّ الأزمة الأكبر التي يعاني منها سكان المدينة، وهي التلوث. في المقابل، تركز الحكومة ومعها مؤسسة البيئة أكثر في الوقت الراهن على استبدال البنزين في محطات التزود بالوقود، بنوع آخر يراعي معايير الجودة في التصنيع ما يعني سلامة أكبر، فضلاً عن خطط تتعلق بتحسين جودة السيارات المصنّعة محلياً، وهي التي تستخدم أكثر من قبل الإيرانيين، الذين تتناسب ميزانياتهم مع هذا النوع من السيارات أكثر من تلك المستوردة من الخارج.
تأتي كل هذه الإجراءات بعد اختبار الإيرانيين أياماً صعبة خلال شتاء هذا العام، فنسبة التلوث في طهران ترتفع في هذا الفصل أكثر من غيره، ففيه تتراكم الغيوم فوق المدينة المحاطة بسلاسل جبلية، وتنفث المعامل والسيارات أدخنتها فيدخل التلوث الهوائي إلى صدور المواطنين.
تقول مهسا، وهي طالبة جامعية تتنقل وهي تضع قناعاً على وجهها لتتجنب تنفس الهواء الملوث، إنّ هذه الحلول المطروحة لا تكفي، فعدد وسائل النقل البيئية الجديدة غير كافٍ إطلاقاً. تؤكد أنّ استبدال سيارات الأجرة التالفة من قبل جهات حكومية لن يحلّ المسألة بالكامل، فهناك سيارات شخصية قديمة يمتلكها مواطنون كثر تزيد الطين بلة. تضيف: "ليس الجميع قادراً على شراء سيارات حديثة، أو حتى استخدام الوقود الأكثر جودة فهو بطبيعة الحال أعلى سعراً".
من ناحيته، يعتبر السيد افتخاري، وهو سائق سيارة أجرة، أنّ "المواطنين يلعبون دوراً سلبياً يزيد المسألة صعوبة، فعدد كبير منهم يستخدمون وسائل النقل الشخصية لا العامة، ولو درجت ثقافة استعمال الحافلات وسيارات الأجرة العمومية لتحسنت الأمور، ولربما زادت الحكومة مستقبلاً عدد السيارات الملقبة بالنظيفة".
إلى ذلك، نشرت وكالة "ميزان" قبل فترة وجيزة تقريراً أفاد أنّ العام الفارسي الحالي، الذي ينتهي في 21 مارس/ آذار الجاري، كان أحسن حالاً من العام الماضي، بالرغم من أنّ الأيام النقية بالكامل التي عاشتها طهران لم تتجاوز 15 يوماً. وهو ما يجعل الأيام التي توصف بالسالمة، أي التي تشوبها نسب تلوث متدنية، أكثر من تلك التي اختبرها الإيرانيون قبل سنوات.
لكن، حتى مع تدني أرقام التلوث فإنّ حجم المشكلة كبير جداً فالغيمة الضبابية تلف المدينة في معظم أيام العام. يقول أستاذ العلوم البيئية في جامعة "الشهيد بهشتي" بهروز دهزاد إنّ توفير وسائل النقل الصديقة للبيئة أمر غير كافٍ حين يطبق وحده، فإن كان الهدف محاربة التلوث وإنهاءه بالكامل يجب دراسة هذه المشكلة والقضاء على كلّ مسبباتها تدريجياً وفق خطة شاملة ودقيقة البنود.
يصف في حديثه مع "العربي الجديد" خطوة تزويد أسطول النقل العام بوسائل نقل من هذا النوع بالإيجابية، لكنّه يعتبر أنّ من الضروري معالجة المشكلة التي تعاني منها المدينة منذ أكثر من خمسين عاماً بسبب عوامل جغرافية وإنسانية على حدّ سواء. ويذكر أنّ الإجراءات والخطط المتعلقة بهذا الملف عادة ما تكون مكلفة وصعبة التطبيق، لكن على الحكومة الاستفادة من الخبرات، فعليها أن تجري دراسة دقيقة لتعالج العوامل واحداً تلو الآخر، ففي طرقات طهران وحدها أكثر من أربعة مليون سيارة، ناهيك عن عدد مهول من الدراجات النارية، كلّها تنفث دخاناً بحسب ما يقول.