غضب أهالي "ماسبيرو" لتراجع الحكومة عن مقترحات التطوير

13 مارس 2017
سكان العشوائيات يطالبون بتعويض عادل (محمد حامس/فرانس برس)
+ الخط -




تصاعدت في الأيام الأخيرة، أزمة إخلاء منطقة "مثلث ماسبيرو"، وسط القاهرة، من السكان لإعادة بناء أبراج ومراكز استثمارية ومولات تجارية، في تلك المنطقة القريبة من كورنيش النيل، والتي تقطنها نحو 5400 أسرة، وتهدف الحكومة إلى تطويرها عمرانيا، كونها منطقة عشوائية، عبر شركات ومستثمرين.

وتحت شعار "تطوير منطقة ماسبيرو... تطوير حياة"، عقد نائب وزير الإسكان للتطوير الحضري أحمد عادل درويش، السبت الماضي، مؤتمرا جماهيريا بوسط القاهرة، مثيرا حالة من الغضب والاستياء بين أهالي مثلث ماسبيرو، حيال البدائل التي طرحها المسؤولون لتطوير المنطقة، وتضمنت استمارة تحدد البدائل التي طرحتها وزارة الإسكان لأهالي "مثلث ماسبيرو"، لمعرفة اختياراتهم، تمهيدًا لبدء عمليات التطوير خلال 3 أشهر.

وتضمنت الاستمارة خمسة بدائل، أولها وحدة سكنية بنظام الإيجار في المنطقة بعد التطوير، عقد يورث مرة واحدة فقط، يتراوح قسطها شهريا بين ألف إلى ألفي جنيه. الثاني: وحدة بنظام الإيجار التمليكي، ويدفع الشاغل إيجارا ينتهي بتملك الوحدة بعد 30 سنة، ويتراوح فيها سعر الشقة بين 300 و390 ألف جنيه. الثالث: التعويض بوحدة تمليك في المنطقة بعد التطوير، يصل فيها القسط التمليكي شهريا إلى 2700 جنيه. الرابع: التعويض النقدي. الخامس: التعويض بوحدة بنظام الإيجار التمليكي في مدينة الأسمرات في المقطم، جنوب القاهرة.

وهذا الأمر قابله أهالي "مثلث ماسبيرو" بالغضب، وعبّر عنه عضو رابطة شباب وأهالي مثلث ماسبيرو، ياسر يس، في تصريحات صحافية، قائلاً إن "البدائل التي طرحتها الحكومة مجرد استخفاف بأهالي ماسبيرو، ومحاولة صريحة للالتفاف على حقوقهم من أجل صالح المستثمرين"، مؤكدا أن "البدائل المطروحة غير عادلة ولا تتناسب مع الأحوال المعيشية لسكان الحي، وأن الدولة تعمل على تهجيرهم بشكل غير مباشر، لعجز الأهالي عن دفع قيمة الإيجارات التي تراوح بين ألف إلى ألفي جنيه شهريا، حال رغبتهم في الإقامة بالمنطقة نفسها بعد التطوير، ما يتنافى مع طبيعة عملهم المياوم مقابل أجور بسيطة".

كما يرفض الأهالي الانتقال إلى منطقة "الأسمرات" البعيدة عن وسط البلد، رغم تعهدات حكومية بتوفير خطوط مواصلات عامة.


ويخشى الأهالي من أن التطوير لن يتم إلا بالإخلاء الكلي للمنطقة، وأن إعادة السكان الراغبين في الإقامة بالمثلث بعد التطوير تكون بعد 4 سنوات، وهي مدة طويلة لا يضمن الأهالي عودتهم بعدها، لغياب الثقة بين المواطن والدولة، في حين أنهم يطالبون بالإحلال الجزئي، وإسكانهم في منطقة "جراج علي بابا"، القريبة من منطقة "مثلث ماسبيرو"، ويمكن استغلالها في البناء.

وبحسب مراقبين تكمن أزمة "مثلث ماسبيرو" في موقعها الاستراتيجي المتميز، ما يحفز أطماع المستثمرين للاستفادة منها على حساب حقوق الأهالي.

وتعد منطقة مثلث ماسبيرو من أهم المناطق الاستراتيجية التي تقع في قلب القاهرة، وتصل مساحتها إلى 74 فدانًا، أمام الكورنيش، بين مبنى وزارة الخارجية والقنصلية الإيطالية وفندق هيلتون رمسيس.

وتقع منطقة "مثلث ماسبيرو" ومنطقتان أخريان عشوائيتان هما "حكر أبو دومة" و"رملة بولاق"، في مكان متميز على كورنيش النيل، ما جعل أثمان الأراضي فيها مرتفعة جدا، وكانت منطقة "حكر أبو دومة" القريبة من مبنى الإذاعة والتلفزيون، من أول أهداف رجال الأعمال المصريين، إذ قامت الدولة ممثلة بمحافظة القاهرة بنزع ملكية 30 ألف متر مربع في المنطقة، للمنفعة العامة منذ عام 2005، وتم إجبار السكان على الإخلاء لصالح مستثمرين مصريين وخليجيين، تعهدوا بإقامة مشروعات سياحية واستثمارية.

أما منطقة "رملة بولاق"، فيركز رجل الأعمال البارز، نجيب ساويرس، اهتمامه عليها، كما يقول الأهالي، الذين تحدثوا سابقا لـ"العربي الجديد" بأنهم يحاربون أطماع رجال الأعمال بمساعدة الدولة في الحصول على أراضيهم المميزة بأسعار بخسة.

ويؤكد أهالي منطقة ماسبيرو العشوائية، أنه منذ عام 1985، أوقفت الحكومة إصدار التراخيص لأي أعمال ترميم داخل المثلث، في حين أنقذت ثورة 25 يناير عام 2011 أهل المنطقة، إذ توقفت الدولة ولو مؤقتاً عن محاولات تهجيرهم.