يعاني كبار السنّ في مناطق سورية عدّة من مشقات السفر بين المدن في ظروف الحرب، إذ تستغرق الرحلات ساعات طويلة قد تصل إلى عشرين، مع انعدام كلّ أنواع الخدمات على الطريق بالإضافة إلى المخاطر المحتملة وكذلك الضغط النفسي الذي يصاحب أيّ مسافر اليوم.
يرى المسنّون أنفسهم مضطرين إلى السفر، ولعلّ أبرز ما يدفعهم إلى ذلك هو انعدام الخدمات الصحية في المدن والقرى حيث يعيشون. وهم قد يضطرون إلى إجراء طبي معيّن لا يتوفّر في منطقتهم، بعدما دمّرت الحرب المرافق الصحية فيها وهجّرت الأطباء منها. هكذا، يكابدون عناء السفر إلى المدن الكبرى حيث يمكنهم العثور على مستشفى أو طبيب متخصص.
على طول الطرقات التي يسلكونها خلال رحلاتهم، لم يعد في إمكانهم الاستراحة من عناء الطريق في محطات، ولم يعد في إمكانهم قضاء حاجاتهم. كذلك، يصعب الوصول إلى أيّ نقطة طبية أو استدعاء سيارة إسعاف في حال حدوث طارئ.
عز الدين سائق حافلة نقل عام بين مدينتَي حلب وإدلب، يخبر أنّه "خلال الأسبوع الماضي، كاد رجل أن يموت بيننا على الطريق. اشتكى بداية من دوار وتقيؤ، ثم اصفرّ وجهه. توقفنا قليلاً فشرب بعض الماء، وتابعنا المسير. لكن، قبل وصولنا إلى حلب بنحو ساعتَين، أغمي عليه. لم نعرف ماذا نفعل، لا سيما أنّه لم يكن بيننا أيّ شخص يلمّ بإجراءات الإسعاف. حين تأكدنا من أنه يتنفّس، تابعنا طريقنا". يضيف: "أنزلت جميع الركاب عند أوّل نقطة في المدينة، ونقلته إلى المستشفى. عرفت حينها أنّه كان ينوي مراجعة طبيبه والخضوع لتحاليل طبية. وحين تكلّمت مع ابنه معاتباً، أكّد لي أن والده رفض أن يرافقه خوفاً عليه من الاعتقال".
اقــرأ أيضاً
يضطرّ السائقون إلى سلوك طرقات طويلة بسبب إغلاق تلك التي تربط مباشرة بين المدن، بسبب اندلاع أعمال عسكرية أو قصف. ويوضح عز الدين أنّ "قطع المسافة بين حلب وإدلب لا يستغرق أكثر من ساعة ونصف الساعة، لكنّه اليوم صار يراوح ما بين 11 و15 ساعة. هذا يرتبط بمدّة توقفنا على الحواجز". ويشير إلى أنّهم يجتازون "أكثر من 20 حاجزاً خلال الرحلة. نرى فيها عسكراً من كلّ أمم الله، من دون أن يخاف أيّ منهم الله. هم لا يكترثون لوجود مريض أو عجوز أو طفل، ولا إن قلت لهم إنّ ثمّة من يحتضر في السيارة. في بعض الأحيان، ننتظر ثلاث أو أربع ساعات قبل أن يحين دورنا في التفتيش. لذا، صرنا نسافر في الليل، حين يكون الازدحام أخفّ والمسلحون متعبين".
إلى ذلك، يستقبل المستشفى الجامعي في مدينة حلب مسنّين كثرا يصلون للتوّ من رحلات طويلة تسبّبت لهم في مشاكل صحية. يقول قصي الحاج أحمد وهو طبيب مقيم "في قسم الإسعاف، عاينّا مسنّين كثيرين أصيبوا بأزمات صحية خلال السفر. البعض أصيب بأزمة قلبية، والبعض بارتفاع في ضغط الدم، أو أزمة قصور كلويّ حاد". يضيف أنّ "حالات 20 في المائة منهم كانت خطرة. وهؤلاء تراوحت أعمارهم ما بين 60 و90 عاماً". ويشدّد الحاج أحمد على أنّ "من هم فوق الثمانين ويعانون من قصور كلويّ تحديداً، يجب عليهم ألا يخاطروا بتاتاً بالسفر في ظل هذه الظروف. في ذلك تهديد حقيقي لحياتهم".
من جهته، يشير عبد الرحمن عيسى وهو سائق حافلة بين مدينتَي حلب وحماه، إلى أنّ "المسنّين باتوا يفضّلون السفر عوضاً عن أبنائهم. في حافلتي، الركاب هم بمعظمهم من النساء والمسنّين. الرجال والشبان يخافون من السفر. لا أحد يعرف من يعترض طريقه في هذه الأيام. لذا يتجنّبون ذلك حتى لا يتعرّضوا للخطف أو المضايقات. أمّا المسنّون، فقلّما يتعرّض لهم المسلحون على الحواجز. لذا، انقلبت الآية. فصار كبار السنّ هم الذين يسافرون لزيارة عائلاتهم، أو يقصدون مركز المدينة لاستخراج وثائق رسمية، ظناً منهم أنّ طريق السفر أكثر أماناً لهم. لكنّ كثيرين لا يتحمّلون عناء ذلك".
اقــرأ أيضاً
يرى المسنّون أنفسهم مضطرين إلى السفر، ولعلّ أبرز ما يدفعهم إلى ذلك هو انعدام الخدمات الصحية في المدن والقرى حيث يعيشون. وهم قد يضطرون إلى إجراء طبي معيّن لا يتوفّر في منطقتهم، بعدما دمّرت الحرب المرافق الصحية فيها وهجّرت الأطباء منها. هكذا، يكابدون عناء السفر إلى المدن الكبرى حيث يمكنهم العثور على مستشفى أو طبيب متخصص.
على طول الطرقات التي يسلكونها خلال رحلاتهم، لم يعد في إمكانهم الاستراحة من عناء الطريق في محطات، ولم يعد في إمكانهم قضاء حاجاتهم. كذلك، يصعب الوصول إلى أيّ نقطة طبية أو استدعاء سيارة إسعاف في حال حدوث طارئ.
عز الدين سائق حافلة نقل عام بين مدينتَي حلب وإدلب، يخبر أنّه "خلال الأسبوع الماضي، كاد رجل أن يموت بيننا على الطريق. اشتكى بداية من دوار وتقيؤ، ثم اصفرّ وجهه. توقفنا قليلاً فشرب بعض الماء، وتابعنا المسير. لكن، قبل وصولنا إلى حلب بنحو ساعتَين، أغمي عليه. لم نعرف ماذا نفعل، لا سيما أنّه لم يكن بيننا أيّ شخص يلمّ بإجراءات الإسعاف. حين تأكدنا من أنه يتنفّس، تابعنا طريقنا". يضيف: "أنزلت جميع الركاب عند أوّل نقطة في المدينة، ونقلته إلى المستشفى. عرفت حينها أنّه كان ينوي مراجعة طبيبه والخضوع لتحاليل طبية. وحين تكلّمت مع ابنه معاتباً، أكّد لي أن والده رفض أن يرافقه خوفاً عليه من الاعتقال".
يضطرّ السائقون إلى سلوك طرقات طويلة بسبب إغلاق تلك التي تربط مباشرة بين المدن، بسبب اندلاع أعمال عسكرية أو قصف. ويوضح عز الدين أنّ "قطع المسافة بين حلب وإدلب لا يستغرق أكثر من ساعة ونصف الساعة، لكنّه اليوم صار يراوح ما بين 11 و15 ساعة. هذا يرتبط بمدّة توقفنا على الحواجز". ويشير إلى أنّهم يجتازون "أكثر من 20 حاجزاً خلال الرحلة. نرى فيها عسكراً من كلّ أمم الله، من دون أن يخاف أيّ منهم الله. هم لا يكترثون لوجود مريض أو عجوز أو طفل، ولا إن قلت لهم إنّ ثمّة من يحتضر في السيارة. في بعض الأحيان، ننتظر ثلاث أو أربع ساعات قبل أن يحين دورنا في التفتيش. لذا، صرنا نسافر في الليل، حين يكون الازدحام أخفّ والمسلحون متعبين".
إلى ذلك، يستقبل المستشفى الجامعي في مدينة حلب مسنّين كثرا يصلون للتوّ من رحلات طويلة تسبّبت لهم في مشاكل صحية. يقول قصي الحاج أحمد وهو طبيب مقيم "في قسم الإسعاف، عاينّا مسنّين كثيرين أصيبوا بأزمات صحية خلال السفر. البعض أصيب بأزمة قلبية، والبعض بارتفاع في ضغط الدم، أو أزمة قصور كلويّ حاد". يضيف أنّ "حالات 20 في المائة منهم كانت خطرة. وهؤلاء تراوحت أعمارهم ما بين 60 و90 عاماً". ويشدّد الحاج أحمد على أنّ "من هم فوق الثمانين ويعانون من قصور كلويّ تحديداً، يجب عليهم ألا يخاطروا بتاتاً بالسفر في ظل هذه الظروف. في ذلك تهديد حقيقي لحياتهم".
من جهته، يشير عبد الرحمن عيسى وهو سائق حافلة بين مدينتَي حلب وحماه، إلى أنّ "المسنّين باتوا يفضّلون السفر عوضاً عن أبنائهم. في حافلتي، الركاب هم بمعظمهم من النساء والمسنّين. الرجال والشبان يخافون من السفر. لا أحد يعرف من يعترض طريقه في هذه الأيام. لذا يتجنّبون ذلك حتى لا يتعرّضوا للخطف أو المضايقات. أمّا المسنّون، فقلّما يتعرّض لهم المسلحون على الحواجز. لذا، انقلبت الآية. فصار كبار السنّ هم الذين يسافرون لزيارة عائلاتهم، أو يقصدون مركز المدينة لاستخراج وثائق رسمية، ظناً منهم أنّ طريق السفر أكثر أماناً لهم. لكنّ كثيرين لا يتحمّلون عناء ذلك".