أبو سامر: الخيمة باتت حلماً

23 فبراير 2017
يأمل العودة إلى الديار (العربي الجديد)
+ الخط -
كان النزوح من الموصل مصير أبو سامر وعائلته. هذا الرجل الذي كان محظوظاً بالحصول على خيمة، لا يفكّر بغير العودة إلى الديار

كان أبو سامر محظوظاً بعض الشيء حين وجد لأسرته مكاناً في أحد مخيّمات النزوح التي أنشئت عند أطراف مدينة الموصل، قبيل انطلاق معركة استعادة المدينة من تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش)، في وقت لم تجد مئات الأسر مكاناً يأويها، فلجأ بعضها إلى الصحراء في حين ما زالت أخرى من دون مأوى.

يقول أبو سامر (43 عاماً) لـ "العربي الجديد": "كنت محظوظاً حين تمكّنت من إيواء أسرتي في أحد المخيّمات، على الرغم من قسوة الظروف هنا والبرد الشديد. فالحصول على خيمة هنا أصبح أشبه بحلم". يضيف: "هذا لا يعني أنّنا ننعم بحياة جيّدة. نعاني بسبب الجوع والبرد الشديد والأمطار التي حوّلت المخيّمات إلى مستنقعات من المياه والوحل. كذلك، انتشرت الأمراض بين النازحين، خصوصاً الأطفال. ولا خيار غير الصبر علّنا نعود يوماً ما إلى بيوتنا".

يبدو أبو سامر الذي يعيش في خيمته مع والدته وزوجته وولدَيه حمد وحازم، حزيناً لأنّ طفلَيه الصغيرين خارج المدرسة. فهذه العائلة اضطرت إلى مغادرة مدينتها بسبب اشتداد القصف والمعارك. يقول: "أكثر ما يُحزنني أنّ حازم وحمد خارج المدرسة للسنة الثانية على التوالي، حالهما حال آلاف الأطفال الآخرين الذين سوف يكبرون من دون تعليم، وهذه كارثة. أحاول مع بعض الأصدقاء في المخيّم تعليم الأطفال القراءة والكتابة، لعلّهم يتمكنون من مواصلة تعليمهم يوماً ما". ويخبر: "مررنا في ظروف قاسية في مناطقنا، وبقينا لأسابيع طويلة في منازلنا لا نستطيع الخروج بسبب القصف. لم يكن هناك غذاء ولا دواء. وإذا ما أصيب أحد خلال القصف، كان يموت نتيجة عدم توفّر العلاج اللازم".

ويشير أبو سامر إلى أنّ "معاناة النازحين في المخيّمات كبيرة. أيّامنا عبارة عن انتظار في طوابير طويلة، بدءاً من الدخول إلى المرحاض، وصولاً إلى الحصول على المياه والغذاء. وقد بدأنا نفقد الأمل بالعودة". يتابع: "لولا المنظّمات الإنسانية والناشطين والمتبرعين، لهلكنا جميعاً. ننتظر أن نعود إلى منازلنا لتنتهي هذه المأساة الإنسانية التي سرقت منّا أعمارنا وأموالنا وممتلكاتنا وأحباءنا".

لا يعرف أبو سامر إذا كان منزله قد دُمّر أم لا. يعدّ الساعات والأيام الطويلة ويأمل أن تنتهي بخبر يعيده وغيره إلى منازلهم. يُذكر أنّ أسرته وآلاف الأسر الأخرى تعتمد على ما تقدّمه المنظمات الإنسانية والناشطين والمتبرعين من إعانات غذائية وعينية. إلى ذلك، حين تكون الأمطار غزيرة، يقضي يومه في إبعاد المياه والطين عن خيمته. وفي الليل، يجلس مع أصدقاء له ويتشاركون الحديث عن مأساتهم ويأملون بالعودة إلى ديارهم.

المساهمون