هذه حكاية مغربي وأشقائه الانتحاريين مع "داعش"

16 فبراير 2017
اعتقال مئات الدواعش بعد دحر التنظيم (ديفني كاراديتز/Getty)
+ الخط -


يروي انتحاريٌّ مغربي الجنسية، اعتُقل مؤخراً من قبل القوات العراقية بعد إصابته بجروح بليغة، حكاية رحلته من مدينة الدار البيضاء إلى العراق، بعد أن سبقه أشقاؤه الذين "نجحوا" في تفجير أنفسهم، بينما فشل هو في ذلك، على حد قوله.

وتحدث الشاب المغربي يونس (30 سنة) خلال تحقيق كشفت عنه السلطة القضائية العراقية، عن تفاصيل انضمامه إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وانتقاله من بلد إلى آخر حتى وصول العراق.
ووفقاً للتحقيق الذي نشرته محكمة التحقيق المركزية في بغداد، فإن يونس، سبقه ثلاثة أشقاء إلى التنظيم، وأن الثلاثة قُتلوا في العراق وسورية. الأول في عملية انتحارية في مدينة بيجي شمال بغداد استهدفت القوات العراقية، والثاني في معارك في مدينة دير الزور السورية، والثالث في ضربة جوية للتحالف الدولي في الموصل شمال العراق.

وسرد يونس الذي يحاكم وفقاً للمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، حكايته مع التنظيم التي "بدأت على يد شقيقه الأكبر الذي طلب منه ترك دراسته التي يختلط فيها الذكور والإناث، مبيناً أن شقيقه الأكبر كان في شبابه مدمناً على الكحول ومعروفاً بالعلاقات الغرامية المتعددة، لكنه تحول إلى التشدد بعد أحداث سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة".

ويضيف المعتقل المغربي أن "شقيقه الأكبر انضم إلى الحركة السلفية الجهادية، وتم القبض عليه من قبل السلطات المغربية إثر تفجير في مدينة الدار البيضاء عام 2003، مع عدد من المنتمين إلى الحركة، لكن أُطلق سراحه لاحقاً، ليتزوج من شقيقة أحد الموقوفين معه، والذي قرر السفر بصحبته إلى سورية للقتال ضمن صفوف تنظيم الدولة".

وتابع "تلك الأحداث حفزتني على الانتقال إلى سورية أيضاً للقتال في صفوف تنظيم (الدولة الإسلامية). شقيقاي الثاني والثالث سبقاني إلى سورية أيضاً، وقد لحقت بهم عام 2015. ركبت الطائرة بصحبة زوجتي، وهي ابنة خالتي، مع أطفالي، من مطار الدار البيضاء إلى إسطنبول، وكان أحد أشقائي الموجودين في سورية أعطاني رقم شخص أبلغني بالاتصال به فور وصولي إلى تركيا، وقد اتصلت به وجاء إلى المطار ونقلني إلى فندق".


وأوضح: "اصطحبني الشخص مع عائلتي إلى منطقة حدودية بالقرب من (غازي عينتاب) مستقلين سيارة على مدار نحو 18 ساعة، وبعدها انتقلنا إلى منطقة أخرى مشياً على الأقدام لنصف ساعة، والتقيت هناك مع عائلتين إحداهما مصرية والأخرى طاجكية، وتم اصطحابنا إلى داخل الأراضي السورية، وتسليمنا إلى أعضاء بالتنظيم في منطقة باب الليمون، وهناك تم سحب جوازاتنا، وعزل النساء عنا، وأخذنا إلى مدينة الرقة، وهناك جمعني لقاء مع شقيقي الثاني، وطلبت منه اصطحاب زوجتي وأطفالي إلى داره كوني التحقت بدورة شرعية استمرت ثلاثة أسابيع مع 80 شخصاً، وتم إطلاعنا خلالها على أصول الفقه وتعاليم تخص الجهاد".

وقال يونس إن "التنظيم نقلنا إلى مدينة الطبقة، ومكثنا فيها أسبوعاً للتدريب على الحرب قبل أن يتم اختياري مع ثلاثة آخرين للالتحاق بدورة هندسية عسكرية لتفكيك الصواريخ والعبوات الناسفة التي يضعها جيش النظام السوري، واستمر عملي لنحو عام في تفكيك العبوات والألغام بين مدينتي الرقة وحلب، خلالها عرفت أن شقيقي الثاني قُتل في عملية انتحارية في مدينة بيجي العراقية".

عمليات انتحارية

وأشار إلى أن "محاضرات ودروس التنظيم عن الجنة وفضل العمليات الاستشهادية من العوامل التي شجعتني على القيام بعملية انتحارية. أبلغت مسؤولي في الرقة برغبتي في أن أنفذ هجوماً بحزام ناسف، لكنه دعاني إلى انتظار ورود طلب من ولايات التنظيم يتضمن الحاجة لانتحاريين، وهو ما حصل فعلاً، فقد طلبت ولاية جنوب العراق ثلاثة مقاتلين ينفذون هجوماً بالأحزمة الناسفة".

ويروي "كانت الخطة أن أدخل محافظة نينوى عن طريق مدينة الحسكة السورية، وكنت على أمل أن ألتقي بشقيقي الثالث الذي يسكن مع عائلته في مدينة الموصل، لكنني اكتشفت أنه قتل في ضربة جوية، فتركت عائلتي في داره مع زوجته، وطلب التنظيم منا الذهاب أولاً إلى الأنبار عبر صحراء هيت، مع انتحاريين اثنين، الأول أوزبكي والآخر طاجيكي، لكن جرى إعادتهما بعد وصولنا مباشرة لعدم معرفتهما باللغة العربية والخوف من كشفهما".

ويتابع: "وصلت إلى الفلوجة وهناك التقيت بانتحاريين أحدهما سوري والآخر شيشاني، وبقيت نحو شهرين، وبعدها سئمت الانتظار وقلة الطعام، وطلبت من مسؤولي العودة إلى الموصل للقاء عائلتي، وانتقلت إلى جزيرة الخالدية غرب الفلوجة، وخلال ذلك تعرض الرتل الذي يضم عائلات التنظيم وعناصره المتوجهين إلى الموصل لقصف جوي عنيف أسفر عن مقتل الكثيرين، فضلاً عن إصابتي بجروح أجبرتني على الفرار والبقاء في قرية الملاحمة، غرب الفلوجة، في أحد الدور المهجورة".

وخلص إلى القول، إن "سيطرة القوات العسكرية على المنطقة أجبرتني على الانتقال إلى دار أخرى مهجورة، والمكوث فيها ستة أشهر وحيداً، وكان غذائي مقتصراً على التمر والمياه اللذين أحصل عليهما عند خروجي ليلاً للبحث عن الطعام، قبل أن تداهم قوة من الجيش العراقي مكاني في نهاية الشهر الماضي وتقوم باعتقالي".