نبّه رئيس المنظمة البلجيكية لحقوق الإنسان والتنمية "بامرو"، مخلف عبدالصمد، إلى أهمية التفات الجهات الحقوقية والإنسانية الدولية إلى ما وصفها بـ"الانتهاكات الفظيعة" في العراق، مؤكداً وجود معتقلات سرية تحتجز فيها جهات مسلحة مدنيين.
رئيس المنظمة البلجيكية أوضح لـ"العربي الجديد" أن منظمته رصدت خروقات وانتهاكات يتعرض لها الناس، بينهم النساء والأطفال، مشيراً إلى أن الرصد يشمل انتهاكات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ومسلحي "الحشد الشعبي".
وقال: "رصدنا انتهاكات كثيرة في مخيم حسن شام وهو أكثر المخيمات التي تقع فيها انتهاكات"، موضحاً أنها تطاول "نساء وأطفالاً بالإضافة لذوي الأمراض المزمنة"، مؤكداً "توثيق تقرير كامل عن معسكر القيارة الذي كان تحت سيطرة داعش يستخدمه للتدريب، ويجري فيه عمليات إعدام ودفن الجثث، وأحصينا فيه أكثر من ثلاث مقابر جماعية كل مقبرة تحوي 25 جثة".
ولفت عبد الصمد إلى "معاناة أهالي الموصل ممن رجعوا إلى مناطقهم المحررة لعدم وجود كهرباء ولا ماء فيها ولا تزال غير مجهزة، والذين آثروا العودة إلى بيوتهم المهدمة وشبه المهدمة بعد معاناتهم الشديدة في المخيمات".
وتابع: "عقدنا جلسة في 24 من يناير/كانون الثاني الماضي في البرلمان الأوروبي، طرحنا خلالها معاناة العراقيين خاصة الموجودين في المخيمات، خصوصاً من مناطق الموصل الغربية، ومشكلة انقطاع جيلين، حتى الآن، عن التعليم، فالذي كان عمره سنة في المخيم أصبح بعمر الخمس سنوات"، مشيراً إلى عرض "وثائق وصور هؤلاء الأطفال، وتلقينا وعداً من الاتحاد الأوروبي بإرسال فريق للتقصي ومساعدة النازحين واللاجئين".
واستطرد عبدالصمد "هناك مهجرون عادوا إلى محافظاتهم بعد أكثر من ثلاث سنوات، لكن الأجهزة التعليمية فيها لم تستعد نشاطها، فالعجز كبير في المدارس، فنحو 60 في المائة من مدارس الأنبار على سبيل المثال غير صالحة للتعليم".
في جانب آخر، تحدث مخلف عبدالصمد عن توثيق منظمته "انتهاكات فظيعة" في سجن الكاظمية في بغداد، مشيراً إلى "انتشار الأمراض، منها السل والجرب بين السجناء، كما أن إدارة السجن رفضت زيارة نشطاء حقوقيين، وتعهدت بمعالجة الغرف وتهويتها". كما وصف سجن الكاظمية بأنه "الأسوأ بين السجون العراقية حالياً، وهو سيئ السمعة كما كان سجن أبو غريب، فيه كثير من الانتهاكات وكثير من الأوبئة والأمراض، ونأمل أن تتحرك وزارة العدل العراقية لإصلاحه، وإبدال الطاقم الذي يتميز بالعنصرية وفقاً لما وثقته منظمتنا".
وبالإضافة إلى سجن الكاظمية، يؤكد عبدالصمد وجود "كثير من السجون السرية في العراق" عن السجون السرية التي عرّفها أنها "تلك التي يدخلها المعتقل بدون أمر قضائي، يُعتقل بعد خطفه من الشارع" يقول: "نعم هناك سجون سرية منتشرة في مناطق صلاح الدين وسامراء(شمال) والمناطق القريبة من المدن المحررة".
وأكد أن بحوزة منظمة "بامرو" وثائق عن المعتقلات السرية المختلفة، متابعاً "هناك معتقلات عبارة عن كرفانات (بيوت سريعة الإنشاء)، وهناك أبنية مدارس غير مؤهلة تحولت لمعتقلات، وتشهد الكثير من الانتهاكات في محافظتي الموصل وصلاح الدين. فالمعتقلون لم تدون أسماؤهم، اعتقلوا بدون إجراء تحقيقات، وبلا مدعي عام ولا محامين، وهذا ما ينطبق عليه السجن السري"، لافتاً إلى أن مليشيا الحشد الشعبي تقف وراء تلك المعتقلات.
ومن الملفات التي تتابعها المنظمة البلجيكية، بحسب رئيسها، ملف "النساء اللاتي كُنَّ سجينات لدى داعش. لدينا سجينة اسمها سجى أحمد، ومنظمتنا تتكفل الآن بتوفير الرعاية لها وتعمل على إعادة تأهيلها صحياً ونفسياً لكي تعود لممارسة حياتها الطبيعية". وأوضح أن عناصر "داعش" قطعوا أطرافها، (قدميها وكفيها)، وقتلوا زوجها أمامها بتهمة الانتساب إلى الحشد الشعبي، وهي من نساء قضاء الحويجة في كركوك وموجودة الآن في كركوك(شمال).
كما أشار إلى أن لدى منظمته "إحصائية عن نساء من الحويجة اغتصبن من داعش ونحاول إعادة تأهيلهن". وبرنامج إعادة التأهيل يتضمن توفير سكن وعمل وجلسات نفسية، مشيراً إلى "تدريب 100 شخص من مناطق الصراع في سورية واليمن والعراق وتونس وليبيا".
ووثقت "بامرو" بحسب عبدالصمد "انتهاكات المليشيات في تلعفر (غرب الموصل) الأيزيدية أو الكردية أو الشيعية". ومن الانتهاكات "عمليات قتل واختطاف ومنهم رعاة ماشية من قرى مجاورة لتلعفر، يستدعونهم بحجة الإدلاء بمعلومات عن داعش، لكنهم يختطفون ويُقتل بعضهم".
ولفت إلى رد الحكومة العراقية بعد مناشدة "بامرو" بتدخلها لوقف انتهاكات، أنها "تؤكد وجود متطرفين، لكنها تؤكد أيضاً أن الوضع جيد ولا وجود للمشاكل".
وذكّر بانتهاكات أخرى وثقتها المنظمة البلجيكية وقعت في أطراف بغداد، منها "اختطاف 30 رجلاً في يناير الماضي في الطارمية، وافق حصوله وجودنا في الاتحاد الأوروبي، فاتصل أحد مسؤولي الاتحاد برئيس لجنة الأمن والدفاع، جمال الكربولي، فكذّب الخبر، وقال إن الأمر لا يتعدى كونه خلافات خاصة، أحد طرفيها رجل أعمال".
لكن عبدالصمد أكد أن "ردّ الكربولي ينافي الواقع، وإن جهة حكومية دخلت واعتقلت 30 شخصاً، لذلك نتهم الحكومة مباشرة بتسهيل الخاطفين أو على الأقل غض النظر عنهم، خاصة أن مصير المخطوفين لا يزال مجهولاً حتى اليوم".
وربط عبدالصمد بين كل عمليات تحرير مناطق من سيطرة داعش، وحملات الاعتقال في مناطق حزام بغداد. وقال: "بدءاً بعمليات مثلث الموت في اليوسفية (جنوبي بغداد) مروراً بالفلوجة والأنبار وانتهاءً بالموصل، كلما كانت هناك عملية تحرير يكون هناك هجوم على حزام بغداد، لا نعرف سبب هذا التزامن، لكن كلما تحررت منطقة من سيطرة داعش، كلما وقع هجوم على مناطق حزام بغداد، وشهد سكانها عمليات خطف وتعذيب".
وأعرب عن أمله "بتحرك البرلمان الأوروبي واتخاذ قرارات رادعة تجاه المليشيات والمتطرفين في الحشد الشعبي، وخطوات استباقية ضد داعش، الذي يحاول ارتكاب المجازر في الحويجة، التي يتعرض أهلها للانتهاكات على يد التنظيم بدون أي تحرك حكومي".
وأضاف "نحن نراهن على برلمان الاتحاد الأوروبي أكثر من مراهنتنا على الأمم المتحدة، فالاتحاد مكون من 12 دولة لها نفوذ وقوة وسطوة، ولها تدخل في العراق من خلال الدعم والاستشارة، ولدى بعضها فرق إسناد وتدريب داخل العراق"، مضيفاً " نطمح أن يقف الاتحاد الأوروبي مع العراق كما وقف مع تقرير أمنيستي، الذي تحدث عن مسلخ الموت في صيدنايا".
وختم: "في العراق مسالخ الموت كثيرة أيضاً، وكذلك الانتهاكات في السجون، ونطمح من الحكومات أن تتحرك وتسمع أصوات المظلومين".