يُعاني السجناء في اليمن بسبب تأخّر البتّ في قضاياهم. ويبقى كثيرون في السجن من دون أن يكونوا قد ارتكبوا ذنباً، يضاف إلى ذلك سوء المعاملة داخل السجون، والتجاهل الرسمي والمجتمعي، وعدم توفّر البيئة الصحيّة والغذائية المناسبة. ويقول السجين شرف الريمي: "حياة السجن عذاب بكل ما تعنيه الكلمة. لا تتوفر أبسط الخدمات، ونُعامل بطريقة غير إنسانية من قبل القائمين على السجن. لا نتمتع بأبسط الحقوق الإنسانية، وأوضاعنا في تدهور مستمر".
ويلفت إلى أنّ الحرب أجهزت على بعض الخدمات التي كانت تقدّم لهم في السابق، مثل المتابعة الصحيّة البسيطة والغذاء، مضيفاً أننا "لا نحصل على دواء إذا مرضنا. أما الطعام، فبالكاد يسدّ الرمق ويُبقينا على قيد الحياة". يوضح أن "المواد الغذائية تتأخّر في الوصول إلى السجناء. ولأنها قليلة، يتشاجر السجناء أحياناً بهدف الحصول عليها. وكنتيجة، لا يحصل البعض على شيء، ما يضطرهم إلى شراء الطعام، أو يستسلمون للجوع".
وكان المحبوسون في السجن المركزي في صنعاء قد ثاروا في أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي احتجاجاً على عدم توفر المياه والغذاء والأدوية، والمعاملة القاسية، لتستخدم قوات الأمن الغاز المسيل للدموع بهدف فض الاحتجاج، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى.
السجين فؤاد علي يحكي لـ "العربي الجديد" بمرارة عن الوضع الإنساني الصعب الذي يعاني منه المحبوسون في السجن المركزي في صنعاء. "نسونا في السجن، علماً أنه لم يبت في قضايا البعض بعدما دمرت الحرب الجهاز القضائي". ويشير إلى أن السجناء يعانون بسبب الخوف والجوع والمرض، "ولا يحصل غالبية المرضى على الرعاية الصحية رغم وجود أطباء. ومن أراد الدواء، فعليه شراؤه على حسابه الخاص". يضيف: "نعيش ظلماً وقهراً، عدا عن التجويع والمعاملة العنصريّة من قبل المعنيّين في إدارة السجن".
ويقول علي إنّ السجناء يعيشون مساءاتهم في ظلام دامس، ويشعرون بالخوف كلّما سمعوا أصوات الطائرات أو الاشتباكات المسلحة. "نشعر أنّ القصف سيطاولنا، وأنّنا سنموت تحت أنقاض السجن، ولن يسأل عنّا أحد"، مشيراً إلى أن "المنظمات الدولية والمحلية ووسائل الإعلام تتجاهل معاناتهم وتسلّط الضوء على معاناة آخرين في منازلهم قادرين على كسب رزقهم، ويعيشون بين أهلهم وأحبّائهم".
وبحسب إحدى السجينات في السجن المركزي، يبقى البعض فترات طويلة في السجن لعجزهم عن دفع مبالغ مالية بسيطة. تضيف أن "بعض السجينات ما زلن هنا لأنهن لم يستطعن دفع مبلغ لا يتجاوز 100 ألف ريال يمني (نحو 400 دولار). ورغم أنّنا نسمع عن منظّمات وفاعلي خير يقدّمون المال لمساعدة السجناء، إلا أننا لا نجدهم". تضيف لـ "العربي الجديد": "لا يوجد ما هو أسوأ من أن يحرم الإنسان من حريّته لأنه لا يستطيع دفع المال"، لافتة إلى أن مؤسسات مدنية "تجمع التبرعات مدعية أنها تساعد السجناء، لكنها لا تقدم أية خدمات حقيقية".
من جهته، يؤكّد المدير العام لمؤسسة السجين الوطنية في صنعاء، فضل عبيد، أن المؤسسة تنفّذ عدداً من البرامج والمشاريع الهادفة إلى مساعدة السجناء في عدد من المحافظات اليمنية، ومساعدة المحتاجين للافراج عنهم. ويشير إلى أنها أسهمت في الإفراج عن 136 سجيناً خلال عام 2016، و83 سجيناً خلال عام 2017 بعد سداد مستحقّاتهم. ويقول لـ "العربي الجديد" إن المؤسّسة "تنفّذ مشاريع في مجالات عدة، بهدف مساعدة السجناء وتقديم المساعدة القضائية، إضافة إلى برامج الإيواء والتغذية والتأهيل وغيرها". ويلفت إلى أنّ توزيع المواد الغذائية على عائلات السجناء، وتقديم المعونات الإنسانية والمساعدات الإغاثية لتخفيف معاناة المتضررين من الأوضاع الحالية. في المقابل، يشير عبيد إلى صعوبات كثيرة تواجه أعمال المؤسسة حالياً من جرّاء الحرب، إذ إن "أعداد المحتاجين في السجن تزداد بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة".