أسماك على مائدة الجزائريين

22 نوفمبر 2017
في السوق (العربي الجديد)
+ الخط -
بات الجزائريون قادرين على شراء الأسماك أو "طعام الفقراء" مجدّداً، بعدما انخفضت أسعارها في أسواق عدة في المدن الجزائرية، خصوصاً في مناطق الشمال. واللافت أنّ الأسعار انخفضت ما بين 200 إلى 300 دينار جزائري، ما يعادل 1.5 إلى دولارين للكيلوغرام الواحد.

لفترة طويلة، لم يعد الجزائريون، خصوصاً الفقراء، يشترون الأسماك بسبب ارتفاع أسعارها. في سنوات سابقة، كان السمك طعام الفقراء، ويذكر المواطنون السنوات التي كانت فيها السلطات تمنع بيع الأسماك في فترة بعد الظهر، خوفاً من الأمراض نتيجة تعرّضها للحرارة وغيرها، فتفرض على الباعة التخلّص منها. إلّا أنّ الصيادين كانوا يعمدون إلى خفض سعرها، ما يتيح لبعض العائلات الجزائرية شراءها.

يقول رئيس اللجنة الوطنية للصيد البحري، حسين بلوط، إنّ توفّر الأسماك في الفترة الأخيرة يرتبط بإقدام الصيادين على صيد الأسماك الصغيرة بكميات كبيرة. ويُقبل الجزائريون في الوقت الحالي على شراء الأسماك من الأسواق، وسط ارتفاع في أسعار المواد الغذائية واللحوم والخضر بشكل عام، فيما يقصد آخرون المطاعم الشعبية التي تقدم وجبات السمك بأسعار مقبولة. ولا يتجاوز سعر وجبة السمك في غالبية المطاعم في شارع طنجة وسط العاصمة، الثلاثة دولارات، وهو سعر معقول بالمقارنة مع ما كان عليه في وقت سابق. إلّا أنّ هذا لن يدوم طويلاً. ويتوقع المراقبون ألّا يستمرّ هذا طويلاً، لافتين إلى احتمال ارتفاع أسعار السمك على موائد الجزائريين مجدداً مع حلول فصل الشتاء، إذ تصبح عملية الصيد أكثر تعقيداً بالنسبة للصيادين.

وعن أسباب قلّة توفّر الأسماك على موائد الجزائريين، يتحدّث بعض المتابعين عن تجاوزات خطيرة تُرتكب في حقّ الثروة السمكية الوطنية. ويقولون إن هذه التجاوزات ستؤدي إلى نفوق الكائنات البحرية خلال العشرين سنة المقبلة، ويحتمل انقراض 11 نوعاً من الأسماك المتواجدة على طول الساحل. ويتعرض مخزون الثروة السمكية للانتهاك نتيجة عدم احترام بعض الصيادين أوقات الصيد وراحة الأسماك البيولوجية.

معدّل استهلاك الجزائري للسمك سنوياً لا يتجاوز ثلاثة كيلوغرامات (العربي الجديد) 


وتُشير الإحصائيات إلى أن 60 ألف صياد يعملون في مجال الصيد البحري، وقد تقلصت الثروة السمكية في البلاد من 320 ألف طن في السنة خلال ثمانينيات القرن الماضي، إلى 72 ألف طن في عام 2017، ما يضطر البلاد إلى استيراد 400 ألف طن من الأسماك في العام الواحد، إضافة إلى 250 ألف طن من الأسماك المجلّدة.
حتّى إنّ أهالي الشمال القريبين من السواحل لا يحصلون على كميات وفيرة من الأسماك، ما دفع بعض الشباب إلى إطلاق مشاريع لاقامة مزارع للأسماك في الصحراء. إلّا أن بعض المشاكل حالت دون تحقيق الهدف، منها النقص في المياه وعدم توفر الكهرباء.



وأخفقت السياسات الحكوميّة في الجزائر، خلال السنوات الأخيرة، في جعل السمك في متناول مختلف طبقات المجتمع كما في السابق، في ظل تدهور الأوضاع الاجتماعية وتدني القدرة الشرائية للجزائريين بفعل الأزمة المالية الخانقة والتقشف.

بات في متناول مختلف الطبقات الاجتماعية (العربي الجديد) 


مؤخراً، خرج الجزائريون من التصنيف الدولي بشأن استهلاك السمك. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن استهلاك سبعة كيلوغرامات من السمك يعد مقبولاً وصحياً، إلا أنّ معدّل استهلاك الجزائري للسمك لا يتجاوز في أحسن الأحوال ثلاثة كيلوغرامات. وفي فيديو دعائي للانتخابات انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يسأل طفل والده عن سبب عدم شرائه السمك، فيرد الوالد أنّ سعر السمك مرتفع. ثمّ يسأل الطفل عن السبب، فيردّ الوالد بأنهم رفعوا أسعاره. ثمّ يسأل الطفل عن هويتهم، وإذا كان البحر بحرهم، فيردّ الوالد: "عندما تكبر ستفهم"، ما يلخص الوضع في البلاد.
يشار إلى أن السردين يعد من أنواع الأسماك التي كانت العائلات الفقيرة تحرص على شرائه، بسبب انخفاض سعره من جهة ووفرته في السوق من جهة أخرى.

وفي وقت سابق، عزا وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري سيد أحمد فروخي غلاء السمك في الأسواق الجزائرية إلى قانون العرض والطلب، موضحاً أن الفارق بين معدل الإنتاج السنوي وبين معدل الطلب عليه يقارب 80 ألف طن.

وشدد على أن مستوى إنتاج السمك في الجزائر يجب أن يراعي الحفاظ على الثروة السمكية في حوض البحر المتوسط التي تعرف تراجعاً في السنوات الأخيرة. وأشار إلى أن الكميات تختلف بحسب الفترة الزمنية نظراً إلى عوامل بيولوجية، لترتفع بين شهر مايو/ آيار وأكتوبر/ تشرين الأول وتنخفض بعدها.

دلالات